في ماذا ولماذا؟ .. إغلاق الشوارع والجسور!

الخرطوم: منال عبد الله

معظم الفئات وشرائح المجتمع بالبلاد كانت تعتقد أو تمني نفسها بانتهاء معاناة ومشقة الوصول من وإلى العمل أو الجامعة والمدرسة والمستشفيات المختلفة بعد سقوط النظام البائد ونجاح ثورة الشعب المجيدة بإسقاط (البشير) وحكومتة بامتياز، ولم يكن في الأفق احتمال لاستمرار ذات العنت المتمثل في إغلاق الطرقات الرئيسة بالخرطوم وقبلها الجسور النيلية التي لا تتعدى بضعة جسور بالعاصمة المثلثة، وأصبح تحول العاصمة إلى ثكنة عسكرية بعد إحكام القوات النظامية السيطرة على أطرافها وجسورها النيلية مشهد شبه معتاد للعين، في الوقت الذي لم تصدر فيه أي جهة رسمية بياناً أو منشوراً إلكترونيًا خلال الأيام التي يتم فيها الإغلاق تعلن فيه عن اعتزامها إغلاق الطرقات والجسور منذ الصباح الباكر.

مشهد متكرر

المشهد الذي بات متكرراً أو (جرعة عند اللزوم) كما وصفها البعض، أصبح يثير حفيظة جميع مرتادي الطرقات من كوادر طبية ومرضى وموظفين والعاملين في القطاع الخاص وطلاب وإعلاميين وغيرهم لما يترتب على عمليات الإغلاق المفاجئ من تداعيات سلبية على الكل بلا استثناء.

 (الصيحة) تابعت تداعيات المسألة ورصدت ما جرى خلال يومي الأحد والخميس الماضيين واستنطقت عدداً من مستخدمي الطريق حول انعكاسات التنفيذ المفاجئ لهذه العملية على مسيرة حياتهم اليومية.

تنفيذ العملية

أغلقت السلطات الأمنية بولاية الخرطوم الطرق المؤدية لمحيط القيادة العامة من كل الاتجاهات وجسر المك نمر الخميس المنصرم، وفي يوم الأحد ٣٠ أغسطس أول يوم في الأسبوع الماضي أغلقت القوات المسلحة جميع الطرق المؤدية للقيادة العامة وسط العاصمة والشوارع الفرعية بجانب شوارع المك نمر والقصر مع السيد عبد الرحمن والنيل عند مدخل ضاحية بري والطرق المؤدية إلى وسط الخرطوم، وانتشرت تشكيلات من قوات الجيش بكثافة منذ صباح الأحد، ويؤدي إغلاق الجسور التي تربط العاصمة الخرطوم بمدن أم درمان والخرطوم بحري إلى إحداث إرباك في الحركة وتكدس للمركبات.

 ويأتي قفل الطرقات ضمن الإجراءات الاحترازية التي سبقت مسيرة مزمعة تم الإعلان عنها عبر الأسافير من جهات غير معلومة لنصرة الجيش عبر مليونية وتفويضه لتولي أمر السلطة بالبلاد، وذلك من خلال ما رشح من معلومات لم تساندها جهة رسمية بالتأكيد أو النفي .

تحديد المسارات

سؤال ملح تلقته الصحيفة وهي تجري الاستطلاع وسط مرتادي الطرقات حول من الذي يقرر قفل الكباري والطرقات صباحاً؟ وقطع جميع المستطلعين الذين لم ينتظروا الإجابة من جهة ما وربطوا الأمر بنشر أي دعوة عبر الوسائط للتجمهر في مسيرات منظمة قاصدة قيادة الجيش، فيما يواجه ذلك غياب تام للإعلان المسبق عن أي إجراء بالقفل الكامل أو شبه الكامل للمسارات المعروفة بوقت كافٍ قبل أن يغادر الناس منازلهم قاصدين وجهاتهم المختلفة، عدا أنه في يوم الخميس المنصرم أعلنت الإدارة العامة للمرور عند الساعة التاسعة صباحاً عبر تنويه إسفيري عن تحويل حركة السير بكبري المك نمر اتجاه واحد من الخرطوم الى بحري وللقادمين من بحري إلى الخرطوم التوجه بكبري النيل الأزرق الذي يعمل بمسارين إلى الخرطوم وكبري كوبر.

سخط شعبي

تسبب القفل المفاجئ للطرقات يومين في الأسبوع الذي انتهى فضلاً عن عمليات القفل المستمر التي تشهدها الخرطوم منذ أشهر خلت، في سخط المواطنين من فئات مختلفة وصبوا جام غضبهم على شرطة المرور لعدم إعلانها بساعات كافية عن تحديد المسارات التي يمكن أن يسلكوها.

 وأعرب سراج أحمد ــ سائق مركبة عامة ــ عن استنكاره لتكرار مشاهد قفل الطرقات بالدروع البشرية والعربات العسكرية عبر إنذار مسبق، واعتبر أن ذلك استخفاف بالمواطنين وأنه يتعرض لصرف وقود مضاعف بسبب أنه يتجه إلى سلك طرق فرعية لكي يبلغ الركاب المحطة النهائية، وناشد الجهات المسؤولة عن الأمر أن يتم تنبيه سائقي المركبات العامة برسائل (إس إم إس) فجرًا قبل اتجاههم إلى سلك المسارات المغلقة، وأكد على أن معظم السائقين لا يتمكنون من تصفح وسائل التواصل الاجتماعي صباحاً، كما أن الرسائل النصية أسرع .

إهدار موارد

يتسبب انتشار الضباط والجنود المسلحين على الطرقات  في إحداث ازدحام مروري وسط الخرطوم، فيما أنه لم يصدر توضيح حتى هذه الأثناء من الجهات الرسمية عن أسباب الانتشار العسكري وإغلاق الطرق.

وقالت سعدى الطيب ــ موظفة بولاية الخرطوم ــ إن الموظف في السودان عليه أن يقضي (8) ساعات في العمل ولو أن بعض الدول مثل السويد خفضت الساعات الى ست، ولكننا ما أن يخرج الموظف من بيته وقد خطط لجدول عمله قبل بلوغه المكتب والذي قد يصطدم فيه بواقع انقطاع التيار الكهربائي ، وفضلاً عن ذلك أصبح مواجهاً برحلة طويلة وشاقة إلى الخرطوم كفيلة بأن يصل بها إلى مدني أو الحصاحيصا على أقل تقدير ــ على حد تعبيرها ــ  وذكرت في أفادتها لـ(الصيحة) أن التعب الجسدي وإهدار الوقت يأتي خصماً على أداء  الموظف الذي ينعكس على دولاب العمل بالكامل بالدولة، وطلبت من شرطة المرور نشر رسائل قبل وقت كافٍ تحدد من خلالها الطرق المغلقة، وأضافت أن إجراء مسئولاً كفيل بأن ينهي رحله تعب ومعاناة وإهدار طاقة موارد الدولة البشرية والمادية ويمكن أن تنهي إصابة الموظفين بمتلازمة (التعكر المزاجي).

شاهد عيان

العديد من المشاهد التي رصدتها (الصيحة) عند إجراء عمليات إغلاق الشوارع التي أضحت تنتظم الخرطوم وترجل موظفين وطلاب ومرضى عن المركبات العامة والخاصة التي تظل عالقة لوقت ليس بالقصير في الجسور والطرقات والسير على أقدامهم للجهة التي يقصدونها، وأكد عدد من الطلاب يدرسون بكلية علوم المصارف أنهم يوم الخميس أمضوا رحلة الحضور والذهاب إلى الكلية من بحري وأم درمان على الأرجل، كما أن مرضى يحملون الصور والتحاليل الطبية أطلقوا سيقانهم إلى الريح بشارع المك نمر لكي يتمكنوا من إدراك العيادات بالمستشفيات بشارع مستشفى الخرطوم والتي أصبحت تلتزم بمعاينة أعداد معينة من المرضى بعد ظهور جائحة (كورونا)، وتوقعت سامية أحمد وهي تعتزم التقديم لوظائف أعلنت عنها وزارة الخارجية خبرات أنها قد لا تدرك التقديم الذي يغلق الأحد بسبب عدم تمكنها من تجهيز جميع شهادات الخبرة من الجهات التي كانت تعمل بها لأنها وصلت الخرطوم في وقت متأخر وفشلت فيما تريد، وأصاب الشلل التام الحركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى