منى أبو زيد تكتب: من قماش الذاكرة..!

هناك فرق

منى أبو زيد

من قماش الذاكرة..!

“النصوص الفذَّة تنتهي إلى أزهار مُطرّزة في قماش الذاكرة، نعود إلى إحيائها كلما سنحت لذلك سانحة”.. الكاتبة..!

(1)

“الإرهاب والإرهاب المضاد” كتاب رائع للفيلسوف الأمريكي النزيه “نعوم تشومسكي”، جاء فيه أنّ أحد كبار المسؤولين السّابقين في جهاز المخابرات الأمريكي قال للمؤلف إنّ حكومة السودان كانت قد عرضت عليهم وثائق سرية تفضح مخططاً للقاعدة بشأن ضربة جوية على منشآت أمريكية، لكنهم رفضوا أن يتعاطوا مع حكومة السودان في هذا الشأن.

 أما السبب فهو تلك الكراهية غير المَعقولة التي تضمرها الحكومة الأمريكية لحكومة السُّودان، ولولا تلك الكراهية لكان من المُمكن تفادي وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقد تبرّع تشومسكي في كتابه بالحديث عن ضلوع أمريكا في دعم الإرهاب ودورها في تسليح الحركات الإرهابية!. في اعتقادي أن التاريخ السياسي – الذي لا يغفل شيئاً – سوف يُشير يوماً وبقوة نحو ارتباط الإعلان عن مقتل زعيم القاعدة بالخوف الأمريكي الهائل من خطر قيام “الشرق الأوسط الإسلامي” الذي مهّدت الثورات العربية له “طريقاً ما”. وأنّ ما يقلق السياسة الأمريكية ليس داعش أو الأسود الحرة أو نمور التاميل، بل كل حركة إقليمية تدعو إلى الاستقلال عنها. وإن بقي انعدام الثقة بشأن مقدرة الحركات الإسلامية – الجانحة إلى السلفية – على بناء أنظمة ديمقراطية، قائماً جداً..!

(2) 

“تزوّجت بدوياً” كتابٌ رائعٌ أثارت فضولي ابتسامة مؤلفته “الخواجية” التي ظهرت في صورة الغلاف بجلابية بدوية مطرّزة وهي تمسك في حب واعتزاز بيد رجل بدوي. صاحبة الحكاية ممرضة نيوزلندية قامت برحلة سياحية في سبعينيات القرن الماضي إلى مدينة البتراء الأثرية بالأردن، فانتهت الرحلة بزواجها من دليلها البدوي ذي الشخصية القيادية الموهوبة، فعاشت – معه ولأجله – بضعة وعشرين عاماً في كهف عمره نحو ألفي عام، وأنجبت فيه ثلاثة أولاد، وعندما رحل حبيبها البدوي إلى رحاب الله رحلت هي أيضاً. عادت إلى أوروبا، وقالت إنّها لم تكن في البتراء من أجل الجبال أو التاريخ أو التراث، بل من أجله هو. وهي ما عادت تستطيع أن تكون هناك دون يده التي تمسك بيدها، بعد فراغي من قراءة الكتاب لاحظت أنني لم أكن أنقب في انطباعاتها هي، بل كنت أبحث في ذكرياتهما المُشتركة عن مُوجبات ذلك الحب الذي يشبه الاجتياح، عن ذلك الشيء الساحر الذي جعل منها بدوية لا تتبرّم من قضاء حاجتها في الخلاء، ولا تفر من زيارات الثعابين والعقارب، ولا تحن إلى النوافذ الزجاجية والشوارع المُسفلتة والحياة الرغدة، ظللت أبحث عن تلك القناعة التي حيّرت ملكة إنجلترا التي ذهبت إلى كهوف البتراء – عندما زارت الأردن – تبحث عن امرأة من رعاياها حوّلها يقين الحُب إلى بدوية..! 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى