السفير الحافظ عيسى عبد الله ينعي صديقه السفير ماجد يوسف

السفير الحافظ عيسى عبد الله ينعي صديقه السفير ماجد يوسف

غادرتنا وكان الوعد بتجدد اللقيا

ولكن الموت كان عجولا

إنه الماجد الذي ترجل ورحل عن دنيانا الفانية وترك سفرا من المآثر تبح الأصوات ولا تقوي علي البوح بها، وتتآبي الكلمات فلا تنثال للإفصاح عن كنهها ومكنونها.

لا ندري من أين نبدأ لنحدث الناس عنه فحرف الميم في إسمه يجسد  المروءة في أسمي معانيه والمودة التي ظل يبذلها لكل إخوته وزملائه بلا تكلف أو رياء أو نفاق، والألف إخاء نبيل عرف به وإباء وإيمان، وحرف الجيم جود وجمال الروح وجدية في أداء المهام، أما حرف الدال  فهو دماثة الخلق ودين يرتكز عليه في حركاته وسكناته.

لقد كان الحبيب الراحل ماجد سديداً في رأيه حين تقصده للمشورة لا يضن عليك بما يجود به عقله الراجح الرزين، يلتقيك بالبشر والترحاب وهو يعلم يقينا أنه يسارع الوقت لينجز العديد من الملفات الشائكة، ويا سبحان الله كأنه كان يعلم أنه لم يعد في الوقت متسع، وأن الأجل قد دنا أوانه، وتلك لعمري شعور يجليه رب العزة لمن يصطفيه من عباده الصالحين ونحسب أخانا العزيز منهم.

كان الماجد ومنذ عرفاناه منذ سنوات خلت يسعي بالخير بين أقرانه وأحبابه ويتخير أطيب وأحب الأسماء إليهم حينما يناديهم، فتجدهم وقد إلتفوا حوله مثل الأنجم الزواهر  وهو يناجي هذا ويداعب ذاك بطرفة أو مزحة ، ويبذل لإصلاح ذات البين كل مرتخص وغال، لا يعرف اليأس إلي روحه المتقدة الواثقة من التوفيق ونصر الله سبيلا.

لم تغيره حطام الدنيا وزخرفها الآسر ولا بهارجها الأخاذه أو نعيمها الزائف، فهو كما التبر لا يزيده النار إلا توهجا وبريقا ولمعانا.

ظل أصيلاً في تعامله متواضع جم الأدب يستمع إليك دونما كلل أو ملل أو حتي دون أن يقاطعك في الحديث، وهو العارف والعالم ببواطن الكثير من الأمور. مثقف مطلع ذرب اللسان فصيح البيان مهذب الجناب.

يصدع بالحق غير هياب ولا يخشي في ذلك لومة لائم كبيرا علت مكانته أو صغيرا تواضع موقعه، فالكل عنده في الحق سيان.

لله درك يا فتي لقد أتعبناك بكثرة الإطلالة عليكم طمعا فيما عندكم من سديد النصح وجميل الأنس، وحزمت أمتعتك وإستودعناك الله وودعناك أملا في جديد اللقيا، ولكن قدر الله كان أقوي وقضاؤه كان أمضي، وإنقطع أمل الملتقي في هذه الدنيا، وخاب رجاء أحبابك وإخوتك الذين كانوا ينتظرون طلتك، إلي أن جاء خبر الرحيل المر، ولغفلتنا عن الموت الذي هو أقرب إلينا من حبل الوريد، ولهول الفاجعة وجلل المصاب منا من إنتابه شك في صدقية الخبر الأليم، وأرجعنا البصر كرتين أصحيح حطت المنايا رحالها وإختطفت من بيننا أخا كنا ندخره ليوم كريهة وسداد ثغر.

تالله بكوك إخوتك كما لم يبكوا عزيزا من قبل، جرت الدموع من أعينهم أنهرا  بلا إنقطاع حتي جفت في المآقي، وتسمرت الأحاسيس وتبلدت المشاعر، وكأن ماجدا  قد حمل مع الدنيا بأسرها.

ولكنا لا نملك إلا التسليم بقضاء الله والإذعان لقدره، ونبتهل إليه أن يكرم نزلك ويوسع مرقدك ، ويصفح عنك الصفح الجميل وأن يغفر لك ويرحمك، وأن يثقل ميزان حسناتك بما قدمت من جلائل الأعمال وكريم الخصال وبما شهدنا ورأينا.

اللهم أصلح ذريته وأحفظ يوسف وإخوانه وأخواته ووالدتهم وثبتهم وأربت علي قلوبهم وألهمنا وإياهم وأهلهم وذويهم الصبر  الجميل وحسن العزاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى