محجوب الخليفة يكتب : الاقتصاد والثراء ذكاء ودهاء

23 فبراير 2023

العالم ووضعه الاقتصادي بعد خروجه من الحرب العالمية الثانية منقسم إلي قسمين وهما اشبه بشخصين أحدهما كامل الأناقة وتمتلئ جيوبه بالفلوس و الآخر يقف أمامه عارياجائعاوهوبالتأكيدمثقل بالديون ،وليس امام العاري المثقل بالديون الا إستخدام ذكائه لتغيير الوضع تماما بمعني ان يصبح هو الثري المتخم ويتحول الآخر إلى فقير مثقل بالديون وينتظر الثري الجديد لتخفيف ديونه ومساعدته لتحسين وضعه الاقتصادي وهذابالضبط مافعلته أمريكا ،وهي تقود 43 بلدا في العام 1944 للإجتماع ومن ثم لتقنعهم بالموافقة على إتفاقية بريتون وودز والتي غيرت النظام الاقتصادي العالمي المعتمد علي إحتياطيات الدول من الذهب حينها، وفرض الدولار الأمريكي كمقياس لقوة وضعف إقتصاد الدول، كما ابتكرت بريتون وودز مؤسستين عالميتين هما البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي ، واوكلت إليهما عملية مراجعة ومرقبة أقتصاديات دول العالم وترتيب عمليات إعفاء الديون ودفع القروض.
قبل اتفاقية بريتون وودزكان مقياس متانة اقتصاد الدول هو احتفاظها باحتياطي مقدر من الذهب ولذا كانت بريطانيا فى صدارة اقتصاديات العالم لأنها تمتلك مخزونا هائلا من ذاك المعدن النفيس لأنها تسيطر علي معظم دول افريقيا الغنية بالذهب، ولكن ذكاء الولايات المتحدة دفعها للضغط علي العالم لإعتماد اتفاقيةبريتون وودز ،والتى ألغت مرجعية إحتياطي الذهب واستبدلتها باعتماد الدولار الأمريكي كمقياس جديد لمتانة اقتصاد الدول .
وكأن دولا ذات مكانة ووزن قدإعتمدت، مثلا سودانيا لتبرير نجاح اللصوص فى عمليات إحتيالهم بإستخدام الذكاء لسرقة ضحاياهم، إذ يقول المثل(من يأكلك أو يحتال عليك ابصر منك) أي من يحتال عليك أذكي منك ،والأ كيف نفسر أحوال دول العالم المثيرة للحيرة فى عالمنا المعاصر ،فالملاحظ أن الدول الغنية بالموارد الطبيعية والثروات المعدنية الغالية تعيش حالة من الفقر والجوع والتخلف، بينما الدول التى تفتقر لتلك الموارد تنعم بالرفاهية والتطور والإستقرار ، وكأن الاقتصاد الجيد والثراء لا يتطلب إمتلاك الثروات بل إمتلاك إمكانيات وأسرار أخري مهمة للغاية.
اقتصاديات دول العالم المعاصر، وازدياد معدلات الثراء لدي بعض المشاهير ، تعتمد على إستخدام الذكاء والدهاء واستخدام وسائل ذكية جدا تختصر الجهد والزمن وتجعل الثروات تهرب من مواطنها الأصلية لتكون تحت تصرف الأذكياء ولصالحهم فقط ،لنكتشف لاحقا ان الثروة الحقيقية هى العقل البشري وطرق استخدامه بعد تحريره من الأوهام المتوارثة والخوف من المغامرة والإبتكار .
العالم المعاصر واجياله المعتمدة على الذكاء تتجاوز الآن ذاك الذكاء التقليدي الذى استخدمته الولايات المتحدة الفقيرة المثقلة بالديون في اربعينيات القرن العشرين لتبتكر إتفاقية بريتون وودز ، وفرض الدولار العملة الأولي للتعامل الاقتصادي فى العالم ، ليكون الذكاء الاصطناعي هو مفتاح السحري لإكتساب الثراء والحصول علي اقتصاد قوي وسريع النماء.
أنه عالم جديد يطرق بافكارته ومبادراته وابتكاراته آفاق جديدةربما تصبح عملة البتكون(Bitcon) الرقمية الجديدة هى العملة العالمية الأولي، مع إحتمال تجاوز العالم للنظم الحالية فى مجالات السكن، والسفر ،
والاتصالات ، وخدمات الصحة ، والتعليم ،والتامين، والدفاع، واكتشاف مواقع أخري فى الكون قابلة لاستقبال البشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى