“صورة قاتمة رسمها واقع أليم صحة البيئة.. تحت “المجهر

 

ظواهر خطيرة رصدتها (الصيحة) وهذه النتيجة

مواطنون: الأوضاع بالمستشفيات سيئة جداً وانفجار الصرف الصحي لحق بالعنابر

مختصون: الكارثة في الاستيراد الأعمى للأمراض والنفايات من الخارج

خبير تأمين: على أئمة المساجد الحث على إصحاح البيئة في خطب الجمعة

خبير بيئة: انعدام الشروط والضوابط سبب الأزمة

محليات: نعمل بما تيسَّر من معينات

تحقيق: انتصار فضل الله

صورة قاتمة رسمها واقع أليم، تتحدث عن وضع وصفه متحدثون بـ”المخيف” ساهم في استيطان أخطر الأمراض التي فتكت بالشعب السوداني جراء  “صحة  البيئة ” التي ما زالت تشكو  الإهمال وتعيش انهيار كامل.

(الصيحة)  سلَّطت  الضوء على القضية وخرجت بالآتي :

ظاهرة مستمرة

شكا مواطنون لـ(الصيحة) من التدهور البيئي المحيط بالبلاد والمتفاقم بصورة كبيرة في ولاية الخرطوم مما ساهم في تفشي أمراض “السرطان، الإسهالات المائية، جرثومة المعدة، الفشل الكلوي والتهابات البول والنزلات المعوية” وغيرها من الأمراض  جراء تراكم النفايات وانفجار الصرف الصحي ودخان المصانع وعوادم السيارات واختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي وغيرها من العوامل البيئة التي انعكست على الصحة.

وأشار آخرون إلى سوء الأوضاع بالمستشفيات الحكومية التي تعاني إهمال واضح ولم تنجُ من انفجار الصرف الصحي الذي يتسلل في كثير من الأحيان داخل بعض العنابر فيؤذي المرضى ويصيب المرافقين المرض.

وناشدوا بضرورة الاهتمام بصحة البيئة نظراً لأنها السبب المباشر في الكوارث والأزمات الصحية ومحاولة إخراجها من البؤرة المظلمة التي تعيش فيها، ووجه البعض صوت لوم للجهات المسؤولة بتعمدهم ترك الوضع كما هو دون السعي لإيجاد حلول تقضي على هذه الظاهرة المستمرة.

استغلال سيئ

لفت المواطنون، إلى أهمية إصحاح البيئة، لكنهم قالوا: يحاول الكثيرون المحافظة على نظافة  منازلهم من “الأوساخ” لكنهم يلحقون الضرر بالآخرين من خلال التخلص منها في الشوارع الرئيسة أو رميها داخل مجاري الأمطار ثم حرقها ولا يدركون الخطأ  الفادح الذي ارتكبوه وأنهم غير ناجين من   الأذى الصحي الذي سوف يلحق به جراء تلوُّث الجو.

في السياق رصدت (الصيحة)، ” حيشان مهجورة، فسحات كبيرة، ميادين”  داخل أحياء ومناطق سكنية متعددة تحوَّلت إلى مواعين لحرق النفايات، يؤكد سكانها حجم الضرر الذي يعانون منه وإصابتهم بأمراض الأزمة والحساسية، واصفين الوضع بـ”المخيف”، وحذَّروا من البيئة في البلاد ودورها في عدم الاستقرار النفسي والمعنوي والذهني.

 

وقالوا: العلاج الوحيد للأزمة يتمثل في تكاتف الجهود وقيام كل جهة مسؤولة بواجبها، مع الوضع في الاعتبار أن القضية ليست “نفايات” فقط، بل هي أعمق من ذلك فالتدهور ظاهر في بيئة  المخابز والمطاعم والمراكز العلاجية والمستشفيات ومؤسسات التعليم العام والخاص وفي الشوارع والأسواق، حتى الفنادق بعضها قائم وسط بيئة “متعفنة” جداً غارقة في  بؤر الأزمات المتمثلة في انعدام الضوابط والشروط الصحية.

 

كما رصدت شكل آخر من أشكال الأزمة يتمثل في اللحوم المكشوفة التي تباع في الشوارع والمطاعم الغارقة في الصرف الصحي وتحيط بها النفايات من كل اتجاه والخبز الذي يحمل في الجوالات والدرداقات دون غطاء أو تغليف وفوقه كل غبار الشوارع والحصى، وحال أعتلى الفرد سطح أي عمارة يتسنى له رؤية حجم الكوش المتراكمة فوق  المباني والعمارات خاصة في الخرطوم والتي تنبعث منها الروائح النتنة.

إجراء دراسات

 

يؤكد مختصون في صحة البيئة، أن السودان يواجه كارثة بيئية حقيقية أدت إلى توقف عجلة الإنتاج وزيادة معدَّل الأمراض، وقالوا لـ(الصيحة)، الكارثة الأكبر في الاستيراد الأعمى للأمراض والنفايات من الخارج مثل: الملابس المستعملة والأطعمة والفاكهة الفاسدة بمختلف أنواعها، وطالبوا بإجراء دراسات للاستفادة من النفايات لمواكبة التطور العالمي أسوة بالعديد من الدول التي نجحت في المجال، وكشفوا أن النفايات تمثل نسبة 90% من أمراض البيئة.

غير صالحة

فيما يرى الخبير في التأمين والمهتم بشأن  إصحاح البيئة مدثر يوسف بلل، بيئة ولاية الخرطوم غير صالحة للسكن الآدمي، ويقول لـ(الصيحة)، يعيش  المواطنون فوق مكب نفايات مع غياب تام لدور الهيئات والوزارات الرقابية في وقت تشكِّل فيه النفايات ثروة قومية يمكن استخدامها لصالح التنمية بالتالي تقليل معاناة المواطنين جراء الضغوط المستمرة.

وأشار إلى حجم  الفوائد حال تم جمع النفايات في مكان واحد، محذِّراً من ظاهرة الحرق في الأحياء السكنية باعتباره يشكِّل خطراً خاصة لأصحاب الأزمات،  الصدر والأمراض المستعصية جراء استنشاق  دخان هذه النفايات المسرطنة، مؤكداً أن النفايات تعد أكبر خطر يداهم السودان.

تعاون مشترك

دعا مدثر إلى ضرورة الذهاب في خط تدوير النفايات وتجميعها من الأحياء وعمل جمعيات تضامنية للاستفادة منها أسوة بكل الدول، مع توحيد الهدف لكيفية التخلص منها.

وقال: إصحاح البيئة سلوك يتطلب تكاتف الجهود والتعاون المشترك بين الدولة والمواطنين الذين حان الوقت أن يكونوا جزءاً من الحلول. وناشد أئمة المساجد المشاركة في المعالجات عبر الحديث عن إصحاح البيئة والحث على كيفية التخلص الآمن  من النفايات في خطب الجمعة نظراً لأن البلاد من ناحية صحة وبيئة “صفر”، مشدِّداً على شمولية الأدوار،  وطالب الحكومة توجيه الإعلام المرئي والمسموع  لتناول القضية، وأردف ليس باستطاع الحكومة أن تقوم بإصحاح البيئة وحدها ما لم يكن هناك شراكة حقيقية من كافة المجتمع.

وأكد أنهم كشركات تأمين قلقين بموضوع البيئة ما يستوجب القيام بدور توعوي،  وتقديم محاضرات أن البيئة خطر يداهم الجميع وأنها سبب درء المخاطر وعدم الانهيار.

استهداف أمن

وقال مدثر: السودان الدولة الوحيدة في العالم التي تضم أكبر نسبة شباب وعدد كبير منهم عاطلين عن العمل مما يستوجب استغلالهم وتوظيفهم بشكل أمثل للإسهام في إصحاح البيئة، داعياً  القطاع الخاص وشركات التمويل الأصغر أن يتحدوا مع القطاع الحكومي والإسهام في ذلك العمل مع تنظيم ورش عمل مشتركة بين مؤسسات البيئة والرقابة على التأمين وشركات التأمين وبنك السودان المركزي  تهدف لإصحاح البيئة والتفكير بشكل جادي لتدوير النفايات ودعمهم وتشكيل لجنة عليا على مستوى الدولة تضم مندوب من السيادي، لأن البيئة خطر على الجميع، وعلى الشباب والنظار وشيوخ الطرق الصوفية والأحزاب السياسية  استخدام منصاتهم للحديث عن البيئة، منادياً بضرورة أن تخصص الدولة عام كامل للعمل في البيئة.

ضوابط

وذهب الخبير البيئي عبد القادر رحمة، في اتجاه انعدام الضوابط والشروط الصحية قائلاً إنها متهم أول في خلق هذا الوضع،  مشيراً إلى قصور في الخدمات ونقل النفايات التي تئن بها الأحياء والشوارع والطرقات وعدم مكافحة نواقل الأمراض” بعوض، ذباب”  وغيرها من الحشرات.

مبدياً أسفه حيال القضية

وأشار إلى أن المشكلة في الجانب الإداري وارتفاع تكلفة قطع غيار عربات نقل النفايات والعمالة غير المؤهلة وعدم المقدرة على إصلاح شبكة الصرف الصحي التي فاق عمرها أربعين عاماً، وتآكلت وتهتكت بالكامل.

وأبان أن مهنة نقل النفايات طاردة وأجرها ضعيف لا يغطي ولا يتماشى مع الوضع الاقتصادي مما يدعو لإعادة النظر في القطاع ودراسة الظاهرة.

عجز وأدوار

من جانبهم أكد عدد من مديري الصحة بالمحليات لـ(الصيحة) وجود عجز مالي يحد من توفر الرواتب وانعدام المعينات بالتالي أنهم عاجزين أمام تقديم الخدمات أو مراقبة الأسواق والاسهام في الحلول إلا بما تيسَّر.

بلا شك أن إصحاح البيئة مهمة مشتركة وتلتقي فيها العديد من الأجسام والوزارات.

(الصيحة) استعرضت الصورة كاملة وعلى الجهات المعنية القيام بالواجب قبل أن يستفحل الأمر إلى أكثر مما هو عليه وتصعب المعالجة بعد ذلك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى