تحدِّي الشريكين

انتفضت مُعظم مُدن السُّودان أمس، استنكاراً واحتجاجاً على جريمة مقتل (5) طُلاب ومُواطن بعروس الرمال حاضرة شمال كردفان، بعد مسيرة طالبت بضرورة مُعالجة مُشكلة المواصلات وتخفيض التّعرفة.

المسيرة التي كان مُعظمها طلاب وطالبات مدارس الأساس والثانوي والذين تَمّ إخراج جُزءٍ كَبيرٍ منهم والزّج بهم في تلك التظاهرات، بعد أن حكى لي أحد المُعلِّمين أنّ مجموعة من الطلاب اقتحموا إحدى المدارس بالقُرب من سوق الأبيض وقرعوا الجرس وأخرجوا الطلاب من الفصول.

الانتفاضة التي شَهدتها مُدن السودان أمس أدّت لأن تتّخذ وزارة التربية والتعليم قراراً بتعليق الدراسة بكل ولايات السودان، وهو في اعتقادي قَرارٌ صَائبٌ، لعدم استغلال أولئك الطلاب من أيِّ طرفٍ من الأطراف في أيِّ تظاهراتٍ قادمةٍ.

ومن رُدود الفِعل، علّقت قِوى الحُرية والتّغيير التّفاوُض مع المجلس العسكري إلى أجلٍ غير مُسمّى، مِمّا يعني أنّ تصعيداً قادماً في الشوارع، وبدأت مَلامحه منذ الأمس بحرق الإطارات ووضع المتاريس في الشوارع، وكأننا لم ننجز أيّة خطوة منذ الحادي عشر من أبريل الماضي تاريخ سقوط نظام الإنقاذ، فالشوارع مُغلقةٌ، والمُواطن يُعاني من أزمات الوقود وشُح الخُبز، وانقطاع التيار الكهربائي بصُورةٍ لم تشهدها البلاد خلال الثلاثة عُقُود الماضية.

كل تلك المَساوئ مَسؤوليتها مُشتركة بين المجلس العسكري والحُرية والتّغيير، لا ينفصلان عَن بَعضهما البعض، فقِوى الحُرية والتّغيير هي التي حَرّكت الشارع، وانحازت إليها القُوّات المُسلّحة والقُوّات النظامية الأُخرى، الشئ الذي سَارَعَ بسُقُوط الإنقاذ، فطالما هُم كانوا شركاء في إسقاط الإنقاذ، فلا يَتَنَصّل أيِّ طرفٍ من الأطراف الحالية، وعلى المجلس العسكري وقِوى الحُرية والتّغيير تَحَمُّل مسؤوليتهما كاملة، دُون إلقاء أيِّ طرف اللوم على الطرف الآخر.

القضايا المُختلف حولها بين العسكري والتغيير يجب أن تتقاصر أمام حَمّامات الدماء الجارية، وكل يومٍ يمر دُون اتّفاق يعني مزيداً من المُعاناة، والتي ربما تقود إلى كوارث جديدة.

المطلوب التّوافُق سريعاً بين الحُرية والتّغيير والمجلس العسكري وتجاوُز المَرَارات الحَالية، وكل طَرفٍ لا يقبل بذلك ينقصه الفكر السِّياسي، والذي يقوم على مبدأ التّنازُل والتّسامُح، بغية الوُصُول للهدف الأسمى والأغلى، وهو أن يعيش السُّودان في أمَانٍ وسَلامٍ ورَخاءٍ.

نكتب هذا العمود قبل انعقاد الاجتماع الطارئ للمجلس العسكري، والذي نأمل أن يَخرج بقراراتٍ وتَوصياتٍ تُؤدِّي لوقف نزيف الدم، في المُقابل على قِوى الحُرية والتّغيير وضع يدها مع المجلس العسكري لانتشال البلاد من وَهدتها، وأعتقد أنّه رَغم الوضع الصَّعب الحَالي والهوّة بين المجلس والتغيير، لكن أعتقد أنّه الوقت الأنسب للطرفين للجلوس والاتّفاق، فعند المحن والشدائد الكبيرة تظهر المواقف العظيمة لتُؤكِّد أنّ الطرفين هُمَا قدر الوطن والمُواطن.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى