بستان الحلنقي: مع الفلاتية

التقيت ذات يوم شتائى في عام 1968بالفنانة عائشة الفلاتية الفنانة التي تحدت مجتمعاً بكامله كان يعتبر أن غناء المرأة من المحرمات، حيث ذهبت بكامل إرادتها إلى مايكرفون الإذاعة السودانية فأنساب صوتها الذهبى من خلال الأثير كأنه أجنحة من ضوء مسموع، تأملتها أمامى وجهاً مرهفاً يبحث عن إشراقة يفتقدها فقلت لنفسى هكذا نحن دائماً نسعى للوردة وهي في عز ربيعها ثم نتنكر لها بمجرد أن يرحل عنها العبير حين ارتحلت أم كلثوم ظلت الأعلام منكَّسة في كل بيت مصري ورحلت الفلاتية ونحن نستكثر عليها مجرد حفل تأبين تكريماً لأيامها.
العاقب محمد حسن
* كنت أحبه كصديق لا أمل الجلوس إليه ساعات طويلة ولكنه ذات يوم ونحن نتحدث عن أصوات لعدد من المطربين وعن مدى تأثيرهم على مشاعر المواطن السودانى، توقف الصديق عند صوت الفنان العاقب محمد الحسن، مؤكداً أنه صوت هامس لا يطرب فأصابنى في مقتل وقبل أن أودعه قلت له إن الإنسان الذي لايطرب لصوت العاقب ليس إنساناً إنما هو مجرد صخرة باردة الأحاسيس ومن يومها انتهت علاقتي بهذا الشخص، بل أحسست أن مجرَّد نظرتي إليه تعد حراماً على عيناي، ليته يعلم أن دموعي لم تزل تبكيه حتى هذه اللحظة ويعلم أيضاً أن سنواتي الطويلة من الاغتراب لم تتمكن من الاستيلاء على دمعة مني ولكن العاقب كاد أن يأخذ روحي وهو يغادر.
عبدالله عربي
*كلما تأملت العازف الكبير محمد عبدالله عربي، جالساً على مقعد من الذكريات في ركن قصي من اتحاد الفنانين أحسست بآهة تتصدر أنفاسي، فأمثاله من عظماء العازفين حرام علينا ألا مؤمِّن لهم ولأسرهم داراً تظلله المحبة يمنع عنهم رياح أيام أعلنت تمردها على المبدعين وسعت إلى تمجيد الرمال بدلاً من الانحناءة للآلي والإذاعات العربية كلها تعمل على احتضان المبدعين من أهلها تؤمن لهم حياة خالية من الجراح وهم يتوكأون على عظام واهنة وعيون عليها عتمة السنين وذلك جزاء ما قدموه من إبداع هل تعلمون أن الإذاعة السودانية استغنت عن تغريد مجموعة من العصافير باعتبار أنها بلغت سن المعاش هل سمعتم أن حديقة تطرد عصافيرها بمجرَّد أن أجنحتها لم تعد تقوى على الطيران.
مصاصي الدماء
* إن تصدر محكمة سودانية حكماً مخففاً على ذئب بشري اغتصب طفلاً فإن ذلك قد يدفع بقية الذئاب من مصاصي دماء البراءة من ارتكاب هذا الفعل مرة أخرى باعتبار أن من يرتكبه سيتعرض إلى أشهر من السجن يعود بعدها إلى الاختلاء بطفل آخر وبذلك تتوالى مسرحية القتل للأبرياء ولا عزاء للأطفال. أذكر أن الرئيس الإثيوبى “منقستو هيلا مريام” أمر بوضع رأس خباز من أقربائه داخل فرن ملتهب بمجرَّد أنه باع للشعب الإثيوبي خبزاً ناقص الوزن ونحن هنا علينا ألا نتساهل مع ذئاب تلتهم لحم أطفالنا، بل علينا أن نعمل على رجمهم وهم أحياء على طريق عام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى