محمد علي التوم من الله يكتب: زيادة المرتبات ونكتة الدفار!!

كلامتير

محمد علي التوم من الله

زيادة المرتبات ونكتة الدفار!!

طرفة مشهورة عن رجل كانت له عربة دفار( مكعكلة)، وكانت تلتهم معظم دخلها الذي تجود به على صاحبها ولا تبقي له إلا الفتات للمعاش، وكان له ابن مغترب بين الحين والآخر كان ينجده بتقليص الفارق في المنصرفات لسد العجز.

وذات يوم وبينما كان يرقد تحت الدفار لإصلاح عطب فيه  كالمعتاد، سمع صوتاً يناديه:

السلام عليكم يا حاج فلان

مرحب ده منو؟

دا أنا صاحبك جبت ليك بشارة من ولدك في السعودية أرسل لك مبلغاً من المال.

خرج الرجل من تحت الدفار مذعوراً بدلاً من أن يكون مبسوطاً، وقال لصاحبه:

لا حول ولا قوة إلاّ بالله، يا اخي ما كان تتكلّم بالمبلغ ده قدام الدفار!!

هذه طرفة تنطبق تماماً على زيادة المرتبات أمام الدفار الطماع النهم، وهو السوق!!!

زيادة المرتبات هي أحد أعراض التضخم، والتضخم هو الأنيميا التي تُصيب العملات الوطنية المحلية، وكل ما ضعفت العملة المحلية أمام الأجنبية كلما زادت الأسعار في السوق. وكلما زادت الأسعار في السوق كلما طالبنا بزيادة المرتبات.. ودخلت نملة وشالت حبة ومرقت.. ودخلت نملة وشالت حبة ومرقت و…. الحكومة أو المؤسسة الناجحة هي التي تنتهج وتتبنى سياسة الحلول الجذرية لأصل المشكلات، وهي مثلاً أن تقيم تعاونيات للعاملين بها لتوفير السلع الاستهلاكية الضرورية بأسعار ثابتة. وتلك من شأنها أن تقطع الطريق امام السماسرة الذين أثروا على حساب ذوي الدخل المحدود وأصحاب المرتبات. هذا في مجال المعايش. وإن لم تكن تعاونيات فلتكن منافذ لتوفير تلك الضروريات بأسعار المنتج.

وفي مجال الضروريات الأخرى كمثال التعليم أن تكفل الدولة او المؤسسات الخاصة بتوفير احتياجات مدارس الأساس والثانوي لأبناء منسوبيها، ودعم احتياجاتها كذلك بأسعار التكلفة.

أما في مجالات الصحة والسكن والترحيل، معلوم أن هنالك خيارات مجربة تساعد العاملين بما يكفله المخدم سواء دولة أو قطاعاً خاصاً، لتوفير ذلك للعاملين بما لا تقدر عليه المرتبات، كالتأمين الصحي والترحيل الجماعي، أما السكن وهو الأخطر للكثير من الفئات، فقد كانت الدولة وكثير من المُؤسّسات التابعة لها توفر سكنا للعاملين في المخططات الإسكانية التي تملكها كالسكة حديد وقشلاقات الشرطة وغيرها.

هذه المميزات اليوم أصبحت شبه مُستحيلة، ولكن ما دام في الذهن مُتّسعٌ للأفكار والمبادرات فلا مستحيل تحت الشمس.

خلاصة ما نرمي إليه هي أن يتبنى المخدم متمثلاً في القطاعين العام والخاص توفير الاحتياجات الحياتية الضرورية للعاملين، ولنا تجارب في السودان سابقة في ذلك وناجحة قد نحتاج لتطويرها ودعمها وتثبيتها. إن فيها الحلول الجذرية لمشكلات مستديمة ستظل على الدوام هاجساً كل حكومة ومخدم، وقد تؤدي أيضاً لعوامل اقتصادية وخيمة.

إنّ زيادة المرتبات ليس في السودان وحده، وإنما في كل العالم ما عادت هي التي تُشجِّع العاملين على الوفاء بالتزاماتهم تجاه ما يقدمونه أو البقاء والإخلاص لأي مكان يعملون فيه، وإنما الامتيازات التي تكفل للعاملين العيش الكريم والأمل في مستقبل حياتهم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى