سراج الدين مصطفى يكتب :نقر الأصابع .. 

 

6ابريل 2022م 

خواطر اليوم الرابع

(1)
من أكثر البرامج التي تابعتها في حياتي وبانتظام وحرص شديد .. هو برنامج (من الأمس) الذي كان يبث على التلفزيون القومي .. ولعلي كحال معظم السودانيين لنا حنين للماضي بطريقة مثيرة وعجيبة تدعو للدهشة والتأمل وهي حالة نفسية تحتاج لقراءة متأنية من علماء النفس ليجدوا لنا تفسيراً علمياً يوضح هذا السر الغريب في محبة كل قديم .. والقضية بالفعل تحتاج لوقفةٍ .. لأننا بعكس شعوب الدنيا التي تتطلع للمستقبل ونحن نعود للوراء بأمنياتنا وذكرياتنا .. ومُتابعتي لبرنامج من الأمس أظنها لا تنفصل من فكرة الحنين للماضي .. والبرنامج الذي يعد من مكتبة التلفزيون .. وهي للعلم مكتبة ثرية وغنية بمواد برامجية نادرة جداً.. ولعلي ذات يوم طلبت من الصديق المخرج شكر الله خلف الله بأن يبحث لي عن وظيفة في التلفزيون القومي بدون راتب او حتى مخصصات .. أريد العمل مجاناً وبلا مقابل .. كل ذلك فقط لأجل الاقتراب من مكتبة التلفزيون .. وأعتقد جازماً بأنني لو وجدت تلك الفرصة سأقدم للمشاهد السوداني العديد من البرامج المُدهشة من هذه المكتبة .. وما زلت يا صديقي شكر الله خلف الله .. أكرر طلبي.
(2)
تابعت برنامج (يلا نغني) تقريباً من نسخته الأولى وحتى الأخيرة .. ومن نسخته الأولى وحتى تطور البرنامج كثيراً من حيث القدرة على الحضور بين البرامج التي تتم مشاهدتها في لحظة بث الإعلانات في أغاني وأغاني.. وهي إعلانات طويلة ومملة ولكنها في ذات الوقت مهمة للقناة لأنها الرئة التي تتنفّس بها وتمدها بالطاقة في متبقي ايام السنة .. وكما قلت ان البرنامج يتدرج في كل عام ويذهب للأمام خطوات.. وكما يقال ان (كريستيانو رونالدو) هو أتعس إنسان في الحياة بسبب وجود (ميسي)، فإن برنامج (يلا نغني) ينطبق عليه ذات القول وبشكل تطابقي .. فلولا وجود اغاني واغاني لاحتل هذا البرنامج موقع الصدارة من حيث البرامج الاعلى مشاهدة وجذبا للإعلانات .. ولكن رغم ذلك البرنامج يعاني من حيث المحتوى ومضمون الحلقات .. فهي كلها مواضيع تقليدية ومطروقة ولا تحمل سمات الجدة والتفكير البرامجي المختلف.
(3)
من المميزات الجميلة والتي تحسب لبرنامج يلا نغني هو الأداء العالي والمتقن للفرقة الموسيقية .. حيث تظهر في الفرقة براعة التنفيذ مع بعض لمحات التوزيع الموسيقي .. وذلك ساهم كثيراً في الارتقاء بالبرنامج .. والذي يفتقد للتخطيط المبكر من حيث توزيع الأغنيات للمُطربين المشاركين ولعل منتج البرنامج يساهم في قتل الحلقات التي يصبح فيها أداء الأغنيات عبارة عن مطالعة من الورق .. وأقرب دليل على ذلك الفنان عصام محمد نور الذي قدم اغنية (الى مسافرة) للفنان حمد الريح .. قدم الاغنية بطريقة باهتة وماسخة وافتقدت للروح تماما وهو يغني من الورقة المثبتة امامه على الاستاند .. وذلك بتقديري تصرف لا يليق بفنان محترم مثل عصام محمد نور صاحب التجربة العريقة وهو يقدم نموذجا للاستسهال .. وهذه الأخطاء التي يراها البعض بسيطة ولكنها تخصم من رصيد البرنامج وقدرته على الثبات.. لأن المتعة ستصبح غائبة وهي الركيزة الأساسية لأي برنامج لأنّ غياب المُتعة والطرب يعني غياب كل شئ.
(4)
لم أجد تفسيراً واضحاً لاهتمامي بكل ما هو معتق وقديم.. ينتابني حنينٌ خاصٌ للأماكن الأثرية.. والصور التاريخية والأغاني القديمة.. لذلك تجدني أكثر حرصا على التواجد في المجموعات الاسفيرية التي تهتم بالتواريخ والصور والذكريات وما إلى ذلك.. واحتفظ بمكتبة خاصة على اللاب توب تحوي عددا كبيرا من الصور التاريخية.. ولعلي لاحظت أن معظم من احتفظ بظهورهم القاسم المشترك بينهم هو الأناقة وحسن المظهر.. كلهم بلا استثناء اناس في منتهى الجمال.. ومن أراد أن يتأكد من ذلك عليه الكتابة على مؤشر البحث جوجل اسم عميد الفن الراحل (أحمد المصطفى).. ثم يتأمل كل الصور.. حينها سيجد فنانا بالمعنى الأشمل لكلمة فنان.. أناقة في كل التفاصيل وهيبة مع البساطة.. لذلك فمن الطبيعي والبديهي أن يتغير مفهوم الفنان عند الشعب السوداني تأسيسا على جمالية أحمد المصطفى من حيث المظهر والجوهر.. وتتلاشى تدريجياً كلمة (صائع) أو (صعلوك) وتحل محلها كلمة (أستاذ).. ذلك هو البناء الأخلاقي لأحمد المصطفى وكل جيله..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى