صلاح الدين عووضة يكتب: قشطة يابا!

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

قشطة يابا!

ولا تعجب..

سواء من اسم عنوان كلمتنا هذه اليوم… أو حين تعلم أنّه عنوان لأغنية..

أو حتى حين تعرف اسم صاحبها..

ثُمّ تقارن صاحبها هذا بآخر يحمل الاسم نفسه؛ والذي هو ذاته له أغنية..

وحتى حين تقارن بين الأغنيتين فلا تعجب..

فمصطفى كامل الأول أنشد يقول: بلادي… بلادي… لك حبي وفؤادي..

ومصطفى كامل الثاني تغنى قائلاً:

قشطة يابا… قشطة… قشطة يا عمي… قشطة… كله كده قشطة… آه وانا كده..

ومن قبل لم أعجب عند آخر زيارة لي إلى مصر..

لم أعجب حين عزيت سائق أجرة في هيكل فرد علي: هيكل ده مين؟..

أو حين لم يعرف آخر مكتبة مدبولي..

أو لما تكلمت مع ثالث عن فقدهم لأنيس منصور فقال: بسِّ أنيس ما متش..

ومن بعد ذلك لم أعجب عند زيارتي مدينة سودانية..

فقد طلبت من السائق أن يطوف بي على عددٍ من أحياء نجومها المبدعين..

في مجال الشعر… أو الغناء… أو كرة القدم..

وكلما أذكر له اسم مبدعٍ يسارع إلى هاتفه صائحاً: ده محله وين يابا؟..

ثم يخفض من صوت جهاز التسجيل في عربته..

فأرتاح قليلاً من كلمات أغانٍ ليست بأفضل حالاً من كلمات قشطة يابا..

وبعد فترة خطفت جواله منه..

وقلت لأبيه هذا ضاحكاً – وقد كان على الخط -: عندك ولد قشطة يابا..

فزماننا هذا صار كله كده قشطة..

وهو زمانٌ تنبأ به أستاذنا في الفلسفة عاطف العراقي قبل أعوامٍ خلت..

وكان من يرمز لمنعطف الهبوط هذا حينها عدوية..

وهو هبوط لا يقتصر على وادي النيل وحسب؛ وإنما يشمل العرب كافة..

وأكثر ما كان يزعجه الهبوط في فهم الدين..

بمعنى أن يتّجه فهمنا للدين هذا إلى مزيدٍ من الجهل على حساب العقل..

ثم هبوطٌ في مداركنا السياسية..

والآن – مصداقاً لهذا – ها هو العقل الإسرائيلي يأكل بعقول العرب حلاوة..

في وقتٍ ينشغل فيه العقل العربي هذا بالسفاسف..

ينشغل بحفلات الغناء… بأزياء الممثلات… بطلاق المغنيات… وبقشطة يابا..

وفي مجال الدين باتت النوبة طريقنا إلى الجنة..

وصار شيوخ الدجل هم الذين يقربوننا إلى الله زلفى؛ كأصنام قريش..

تماماً كما اللات… والعزة… ومناة..

ثم هم من يتحكمون في مصائرنا – دون الله – عبر وريقاتٍ يكتبونها..

فنستنشق دخانها… أو نشرب ماءها… أو نستحم به..

ومن أراد أن يعرف وجه الهبوط السياسي في بلادنا فلينظر إلى قحت..

لينظر إلى عبثها الذي مارسته حين حكمت..

وإلى سخفها – المضحك – من تلقائها الآن؛ حين فقدت سلطتها هذه فجأة..

وإلى هبوط لغة قيادييها… ومنسوبيها… وقطيعها..

ثم قارن عبثها هذا… وسخفها هذا… وهبوطها اللغوي هذا؛ بما كان قبلاً..

فستجد الفرق كذاك الذي بين من ذكرناهما آنفاً..

بين مصطفى كامل الذي يقول: بلادي… بلادي… بلادي… لك حبي وفؤادي..

وبين سميِّه الآخر الذي يشابه أهل قحت الآن..

ثم بين جماعة قحت هؤلاء وغنائنا… وكورتنا… وتعليمنا… وأحزابنا..

فكلُّه على بعض كده زيّ بعضه..

قشطة يابا!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى