علاقات السودان ومصر.. تخطي حاجز العقبات!!

* ظلت علاقات مصر المحروسة بجارها الجنوبي (السودان)، هي علاقات استثنائية، بحكم ما يربط البلدين من علاقات تجاوزت إلى حد بعيد هياكل الحكومات المتعاقبة على البلدين.. وقامت هذه العلاقات على التاريخ الواحد لأمة وادي النيل ذات الحضارة العملاقة والأقدم في التاريخ.. الأمة السودانية والأمة المصرية هي أمة واحدة فصلها المستعمر الحديث، لذلك ستستمر علاقاتها ذات طابع خاص يقوم على أساس الشعوب وليس الحكومات.
* مصر الرسمية والشعبية تحتفل خلال هذه الأيام بذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة، وهي الثورة التي وضعت مصر على طريق التنمية والبناء، فكان السد العالي والصناعات الثقيلة وخطوط الطرق والسكة حديد والبنية التحتية القوية والاهتمام بالإنسان تعليماً وتأهيلاً وإعداداً.. وهي الثورة التي بنت جيش مصر الذي خاض الحروب بدءاً بالعدوان الثلاثي وأكتوبر المجيدة.. وهي ذات الثورة التي قامت على أكتافها دعائم السلام بعد العام 79 .. وذات الثورة وضعت أركان أمن مصر القومي ومدت علاقاتها مع الجار الأفريقي التي قامت على الاحترام وحفظ الحقوق فنالت بذلك رئاسة الاتحاد الأفريقي في دورته الحالية.. وهي ذات الثورة التي جعلت من القاهرة رائدة بدورها الطليعي بين أقطار الوطن العربي والجامعة العربية فكانت مكان القلب من الجسد.
* تحتفل مصر بثورة 23 يوليو، وهي ممسكة بكلتا يديها على ممسكات الأمن القاري في أفريقيا، فكانت مساندتها للسودان وهو يمر بمرحلة عصيبة من تأريخه بعد إزاحة البشير.. فكانت أول دولة جارة تدعو لقمة أفريقية خاصة عن الخرطوم، نجحت من خلالها في تهيئة بيئة صالحة للتغيير الذي جرى في الخرطوم، من غير أن ينحدر أثر التغيير إلى فوضى خاصة أن الدولة السودانية تقوم على مكونات بالغة التعقيد، تحتاج أن تعامل بشكل خاص وهذا ما نجحت فيه القاهرة.
* أيضاً أعلنت القاهرة فوراً دعمها للمبادرة الأثيوبية للوساطة بين فرقاء الحكم في السودان، وكان عدد من المراقبين يرون غير ذلك.. لكن بهذا الدعم وتهيئة الأجواء من خلال تواصل القاهرة الذي لم ينقطع مع كافة أطياف المكونات السودانية، أثبتت القاهرة أنها لا زالت في طليعة الدول المؤثرة على مجريات الأوضاع في الإقليم الأفريقي والعربي.
* ذكرى 23 يوليو ستظل ملهمة للأحباب في شمال الوادي لاجتراح الطريق السليم في علاقاتهم مع دول الإقليم، وبالأخص دولة السودان التي تحظى بعلاقات خاصة مع القاهرة، حباً واحتراماً لشعب وادي النيل صاحب التأريخ المشترك، فقد نجحت جهود الوطنيين من الجانبين المؤمنين بحقيقة ما يربط بين مصر والسودان في بسط جسور العلاقة، وقد رأينا ذلك في ميثاق طرابلس، ثم التكامل في وادي النيل، والآن نراه في اتفاقية الحريات الأربع، التي تتيح للمواطن في البلدين ما لا تتيحه لمواطني الدول الأخرى.. ننتهز هذه السانحة ونهنئ مصر الرسمية والشعبية بحلول هذه الذكرى المجيدة والملهمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى