“دوامة الانقسام”.. الأزمة السياسية.. من يدفع ثمن الخلافات؟

دوامة الانقسام”.. الأزمة السياسية.. من يدفع ثمن الخلافات؟

الخرطوم ـ صبري جبور

منذ سقوط نظام الانقاذ في أبريل 2019، يشهد السودان حالة من عدم الاستقرار والانقسام السياسي، لا سيما بعد أن أشتدت وتيرة الصراعات والخلافات الداخلية بين المكونات المدنية من جهة والمدنيين والعسكريين من جانب آخر.. الأمر الذي أدى الى تعقيد المشهد السياسي.

في وقت تشهد الخرطوم وبعض الولايات مواكب شبه يومية رفضا لما يدور في الساحة السياسية، بجانب المطالبة بالحكومة المدنية بغية انهاء الأزمة الراهنة وتحقيق السلام والاستقرار في كل ربوع البلاد.

في ظل الصراع المستمر بين الأطراف السودانية، يأمل الأغلبية في أن يتوافق الجميع ليكون همهم الأول الوطن والمواطن.. تجاوز الخلافات وتعزيز وتأكيد  الانتماء للوطن هو يجعل من الوصول إلى حلول تخرج السودان من أزماته المختلفة.. يرى مراقبين أن الوقت ينفد والسودان في مفترق طرق لا سيما مع عدم وجود بوادر أمل تلوح في الأفق للوصول إلى اتفاق وتوافق بين القوى السياسية.. فان كل ما يجري يؤكد أن المبادرات التي طرحت سواء كانت داخلية أو خارجية لم تؤتى أكلها ولم تتوج بأي نجاحات تقرب وجهات النظر بين أطراف الخلاف التي ما زالت تجلس في مقعد المتفرج للأزمة التي طال أمدها.. وقد تسأل الكثيرون الى متى تستمر هذه الخلافات التي يدفع ثمنها الوطن والمواطن.

الشعب يدفع الثمن

يرى المحلل السياسي، صالح محمود، أن الأزمة السياسية في السودان أزمة عامة يدفع ثمنها الكل، ولكن الشعب هو المتضرر الأكثر، ذلك من خلال التضحيات التي قدمها الشباب في مسار الثورة (شهداء، مفقودين، وجرحى)، فضلا عن ضحايا الحروب، بجانب الضائقة المعيشية وانعدام الخدمات الاساسية.

وقال محمود لـ(الصيحة) أمس إن الشعب السوداني يدفع ثمن الخلافات، وأضاف لكن المسؤول هو السلطة الحاكمة وحلفائها في السلطة ابان فترة حمدوك وحتى اليوم.

مشهد الشراكة

وقطع صالح أن التسوية المرتقبة تهدف الى اعادة مشهد الشراكة بواجهة مدنية مزيفة مع قوى التسوية والهبوط الناعم والفلول من أجل أن يسيطر العسكر على الحكم، وعاد وقال لكن كل هذه التحركات مرفوضة بشدة من قبل الشارع، منوها الى أن الشعب ماضي في اتجاه ارثاء حكم مدني ديمقراطي.

وجزم محمود أن التصعيد مستمر لمواجهة قوى التسوية والهبوط الناعم، بجانب (الفلول) الذين ظهروا على السطح من جديد.

توافق المدنيين

أغسطس الماضي، أعرب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عن أمله في توافق القوى السياسية على استكمال مؤسسات الفترة الانتقالية وتشكيل حكومة مدنية.

وتعهد حميدتي، بالتزام المؤسسة العسكرية بتسليم السلطة إلى المدنيين والخروج من العملية السياسية، مؤكداً استعداده لتقديم المساعدة للأطراف المدنية من أجل الوصول إلى اتفاق سياسي يمكن البلاد من تجاوز أزماتها الراهنة.

ودعا دقلو إلى توحيد المبادرات المطروحة عبر آلية زمنية موحدة لتسريع التوصل إلى الحل السياسي، مشيراً إلى أن المطلوب في المرحلة الراهنة هو الإجماع وعدم الاختلاف، وتكاتف وتضافر الجهود لمواجهة التحديات المحدقة بالبلاد.

مصالح ذاتية

في السياق قال المحلل السياسي د. راشد التجاني، إن الخلافات السياسية تعود الى ثقافة سياسية موجودة في الشخصية السودانية، التي فيها النزعة الذاتية أكثر من الجماعية أي الاهتمام الشخصي أكثر من العام، باعتبار أن الشخص دائما يركز على مصالحة الذاتية، وأضاف “إذا كان الكيان الموجود فيه لا يثبت ذاته فقد يتحول الى  مكان أو كيان آخر يثبت فيه لذاته”، وتابع ” للاسف ما في جهات تعلو مصالح الوطن على مصالحها.. حتى يصل الجميع الى حكومة مشتركة متوافق عليها تحقق مصالح الوطن والمواطن وتنهي الازمة الراهنة.

استثمار في الصراع

وتوقع التجاني في تصريح لـ(الصيحة) أمس بعدم الوصول الى حلول تنهي الخلافات في الوقت القريب، وقال لأنها فيها اشباع للذات أكثر من مبدأ أو موقف، واضاف “لذلك يصعب أن يحصل توافق حول الخلافات”، وتابع ” استمرار الخلافات يعني المزيد من معاناة المواطن.

واتهم راشد جهات بان لديها مصالح في الصراع والخلافات الموجود في الساحة السياسية السودانية، وقال ” هناك جهات تستثمر في هذا الوضع”، منتقدا المبعوث الأممي فولكر بيترس، مشيرا الى انه شخصية غير توافقية باعتبار أنه ينحاز ويركز على جهات محددة وليس كل الأطراف حسب ما هو مطلوب وفق مهمته.

احتكار السياسة

المستشار السابق لرئيس مجلس الوزراء أمجد فريد، أقر إن قوى الحرية والتغيير ارتكبت أخطاءً فادحة في إدارة العملية السياسية، وأخطاء أفدح في محاولة بناء تحالف مدني بالاستناد إلى تفاهمات سلطوية سرية مع قوى انتهازية ظنت أنها تستطيع السيطرة عليها بالمزايدة.

وقال فريد لـ(الصيحة): (قوى الثورة عليها التخلص من أمراض الشمولية التي دفعتها إلى احتكار مسار العمليات السياسية وعدم ممارسة السياسة بطريقة لا أريكم إلا ما أرى).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى