الاستعداد للانتخابات… ماذا أعدّت الأحزاب؟

 

الخرطوم: آثار كامل        3ديسمبر2021م 

نحو 575 يوماً تبقت لقيام الانتخابات المزمع قيامها في العام 2023م، ربما يراها البعض كثيرة، غير انها تبدو مهلة ضيقة مقارنة بما يترتب ان يتم اعداده فيها، الأمر الذي يتطلب نقاشاً جاداً حول كيفية توزيع الدوائر الانتخابية والإحصاء السكاني وإعداد السجل الانتخابي، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد حالة من التذمر من عدم إكمال هياكل الحكم الانتقالي، بما في ذلك المجلس التشريعي والمفوضيات المستقلة الأخرى وعقد الورش الفنية المتعلقة بالعملية الانتخابية، لضمان نجاحها بحرية ونزاهة، ونجد ان الأوساط الدولية تبذل جهودا كبيرة لدعم الفترة الانتقالية في السودان للوصول بها إلى مرحلة الانتخابات، وكان قد وصف القائم بأعمال السفارة البريطانية في الخرطوم، التحضير للانتخابات بأنه يحتاج للكثير من العمل.

البرهان والأحزاب

عقب قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر، خرج القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وأفاد بأن ما حدث ثورة تصحيحية للمسار، معرباً عن التزامه الثابت بتنظيم الانتخابات المزمع قيامها في يوليو 2023م وإعادة السلطة للمدنيين، مع التزامه الثابت بتنظيم الانتخابات، ونجد أن رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير سبق وان دعا لضرورة العمل على مشاريع التحول الديمقراطي، مؤكداً التزام حزبه وإيمانه بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وذكر خلال ورشة حول الانتخابات، يجب على الأحزاب السياسية وعلى رأسها حزب المؤتمر السوداني، الاستعداد والعمل على إصلاح المؤسسات الداخلية والديمقراطية داخلها، وصولاً للانتخابات العامة بنهاية الفترة الانتقالية. فيما قال العميد الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن من يريد الحكم الديمقراطي عليه الاستعداد للانتخابات.

ما قبل أكتوبر

قبل قرارات (25) أكتوبر، كان قد أعلن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الشروع في الخطوات التحضيرية للانتخابات المقرر لها نهاية الفترة الانتقالية في 2023، وفي ظل تلك الخطوات كان قد كلّف مجلس السيادة المحلول بعض أعضائه بابتدار نقاش حول تكوين لجنة تبحث تشكيل مفوضيتي الانتخابات والدستور، وكانت قد نصّت الوثيقة الدستورية على فترة انتقالية بمدة محددة وتنتهي بعقد الانتخابات، وأعطت الوثيقة الدستورية مجلس السيادة الانتقالي سلطة تعيين رئيس وأعضاء عدد من المفوضيات المستقلة، من بينها مفوضية الانتخابات ومفوضية الترتيب لعقد مؤتمر دستوري.

ترميم شامل

ويقول أستاذ العلوم السياسية هاشم حسن لـ(الصيحة)، إن الأحزاب السياسية تحتاج لترميم شامل وهيكلة شاملة من الداخل من حيث المكونات الشبابية وتحتاج لتنظيم وإعادة بناء، وأضاف “لا بد من حدوث انعتاق والتخلي عن القيادات المقدسة والشروع فورًا في إنفاذ الهياكل والقوانين الداخلية بما يتفق مع أشواق ومتطلبات الجيل الجديد”، مبيناً أن الأحزاب التقليدية قامت في ظروف لا تماثل ولا تشابه الظروف التي تعيشها الأجيال الحالية الآن، ما يحتم على الجميع في تلك الأحزاب ضرورة مواكبة المرحلة، خاصةً وان الانتخابات دائماً تقوم على ركائز ديمقراطية وممارسة راشدة داخل هذه الأحزاب، فلا انتخابات بلا أحزاب قوية، وأضاف “كنا نظن بأن مرحلة ما بعد الثورة ان تنكفئ كل الأحزاب على ذاتها وتبدأ مرحلة البناء الداخلي وتقدم مشروعات لنقد الذات لتجربتها لتعرف تماماً أين هي من استحقاقات التحول الديمقراطي وإلى أي مدى جاهزة للدخول في ماراثون الانتخابات القادمة، وللأسف لن نشاهد أي خطوة في واقع الأحزاب السياسية الآن”.

انتعاش المشهد

وواصل حسن حديثه لـ(الصيحة) بأن مرحلة الانتخابات ربما تحتاج لانتعاش المشهد السياسي بحركة واسعة من خلال التنوير والتفاعل في طرح الحلول والمواقف السياسية التي تُعاني منها الدولة من خلال اعداد البرامج الانتخابية منذ الآن ونشرها على نطاق واسع واختيار ما يلبي أشواق الناخبين، خصوصاً أننا في مرحلة يجب ان نميز تماماً بين من يحكم السودان وكيف يحكم السودان، بمعنى في مرحلة الاحتياج إلى برامج حقيقية تخاطب جذور الأزمة وليس بالضرورة ان يتم الاختيار بناءً على أسماء القيادات، بل يجب أن يتم ذلك وفق البرنامج المطروح، وأضاف “ولهذا ندعو الأحزاب السودانية بأن ترتضي بالأمر الواقع وان تشرع بشكل جاد في وضع الترتيبات والتجهيزات لبرامجها واختيار قياداتها وقواعدها بشكل جاد للماراثون الانتخابي القادم”.

واقعٌ مأزمٌ

قال الباحث في المجال الدستوري محمد أحمد معلا لـ(الصيحة)، إن هناك مشكلة في بنية الأحزاب وقانون الأحزاب، لافتاً إلى أنّه في الفترة الأخيرة سجلت أحزاب هلامية، فمعظم الأحزاب التي نشأت مؤخراً هي صنيعة لواقع سياسي مأزوم، وأضاف بأن هناك حركة مسلحة انبثق عنها (84) قائداً، وان المشكلة قائمة في مدى فهم الأحزاب للعملية الديمقراطية، فلابد للأحزاب الاستعداد، فهي ما بين موجودة عليه الآن وما بين ما ستكون عليه في إطار قانون الانتخابات والوثيقة الدستورية وقانون الصحافة والمطبوعات، لافتاً إلى أهمية أن تتم تهيئة المجتمع نفسه والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وأخذ التأثيرات من المحيط الإقليمي والدولي والرجوع إلى عمل البرلمانيات الخارجية، وأضاف بأن الأحزاب الآن لا تعمل بالنظم المختصة للمؤسسات الحزبية، فالحزب يمثل الإرادة السياسية لفئة من المجتمع، فيجب ان تبنى الأحزاب على أجندة وطنية بعيداً عن الإثنية والقبلية، مشيراً إلى وجود قصور ومشاكل في العملية السياسية بالسودان، وقال “من واجب الأحزاب احترام الرأي والرأي الآخر”، لافتاً إلى أن البرلمان سيشمل كل الكيانات ويرجع إلى الشعب في اتخاذ القرارات والتشريعات والخروج برأي موحد.

فرصة مُواتية

ربما يرى كثيرون أن الأحزاب خلال الفترة التي أعقبت الثورة وتكوين الحكومة الانتقالية انصرفت للتشاكس فيما بينها، لدرجة أن قوى الحرية المحركة للثورة نفسها أصابها التشظي، خاصةً بعد اتجاهها للمحاصصة في اقتسام كيكة السلطة بما يخالف وثيقتها الدستورية، ويشيرون إلى أن الفرصة أصبحت مواتية الآن أمام الجميع، فهي مواتية للحكومة التي يجب أن تكون مستقلة لتؤدي دورها المنوط بها خلال عام ونصف، كما انها ستكون مواتية للأحزاب التي أبعدت من المشهد والمبعدة اصلاً للرجوع إلى دواخلها وإعادة بناء نفسها والاستعداد لمعركة الانتخابات التي تتطلب عملاً كبيراً وتواجه تحديات عظيمة خاصة في إعداد السجل الانتخابي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى