زمن الأزمات وهواجس الشائعات

زمن الأزمات وهواجس الشائعات

الخرطوم- آثار كامل

تعتبر الشائعة من المهدِّدات الأمنية حيث أصبحت هاجساً أمام السلطات لما يبث فيها من شائعات ضارة مثلت تحدياً جديداً أمامها، لا سيما أن الشائعة يمكنها أن تنتقل في ثوانٍ معدودة إلى جميع الأنحاء مما يجعل البلاد أرضاً خصبة للأخبار المضلَّلة التي يقصد نشرها لأجندة سياسية محددة، وفتح الانتشار الواسع للشائعات الباب أمام نقاشات جادة في السودان حول أهدافها والجهات التي تقف خلفها خصوصاً أنها تحوّلت إلى مصدر قلق وتهديد أمني واجتماعي كبير ومن جانب آخر نجد أنها أصبحت وسيلة لتصفية الحسابات الشخصية.

خطوة الداخلية

أعلن الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة، عن مقاضاة كل من وصفهم بـ”مروِّجي الشائعات”.

وقال الناطق الرسمي في تعميم صحفي نشره المكتب الصحفي للشرطة “شرعت وزارة الداخلية ورئاسة قوات الشرطة في اتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة كل مروِّجي الشائعات والذين يقدحون في أداء قوات الشرطة لمهامها وهي لا تألوا جهداً للوصول لهؤلاء وتقديمهم للعدالة”.ونجد أن سبق وقال العقيد ركن نبيل عبد الله الناطق الرسمي للقوات المسلحة إلى أن هنالك جهات تُريد تسميم العلاقة بين القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وبين الشعب، وأكد نبيل أن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى جزءٌ من الشعب السوداني، وأن ما يُتداول من شائعات لزعزعة الثقة بين الشعب ومنظومته العسكرية إنما هي عبر الأسافير، ودعا عبد الله كافة الشعب السوداني إلى عدم الرضوخ للشائعات لأنّها صادرة من جهات لا يهمها الوطن ولا المُواطن، وجدَّد أن مثل هذه الشائعات تنطلق من أصوات تسعى لضرب وحدة البلاد وأمنها عبر زعزعة الثقة بين الشعب وقواته النظامية. بجانب ذلك نفى حزب الأمة القومي في بيان له لقاء وفده بمدير جهاز المخابرات الأسبق صلاح قوش بالقاهرة، وأكد البيان أن وفد الحزب ليس في أجندته لقاء أي طرف من النظام البائد، مطالباً المنصات الإعلامية تحري الدقة في نقل الأخبار من مصادرها.

تفعيل القوانين

ترى أستاذة علم الاجتماع سلمى خضر، في حديثها لـ (الصيحة) أنه لا بد من تمليك المعلومات والحقائق أولاً بأول لقتل الشائعة في مهدها قبل خروجها لوسائل التواصل الاجتماعي، بجانب تفعيل التشريعات والقوانين المتعلقة بجرائم المعلوماتية لكبح جماح الشائعات، وطالبت، بالتأكد من صحة المعلومات قبل تداولها بين وسائل التواصل المُختلفة، مشيراً إلى أن ظاهرة الشائعات وخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعى تفضي لاحتقانات واستقطابات بين البشر بينما تذهب الحقيقة ضحية لتلك الظاهرة.

حرب جديدة

ويرى الخبير في تقانة المعلومات عثمان محمد عثمان، خلال حديثه لـ(الصيحة) بأن الشائعة تطوَّرت في ظل التطوُّر التقني وظهر ذلك من خلال الاستعانة بالفيديوهات وبرامج تركيب الصور، والتطبيقات الهاتفية لضمان الانتشار الواسع، لكن نجد الشائعات تجاوزت الحد ما يمكن وصفه بالمخيف، معتبراً أن هذا النوع من الحروب الجديدة في الفضاء الإلكتروني قد يكون أخطر من الحروب التقليدية والمعارك المتعارف عليها بين الجيوش على الأرض، ونوَّه بأن الشائعات أصبحت تنتشر بكثرة وتتم إعادة توزيعها في فترة الأزمات لأنها من أكثر الأوقات التي يحتاج فيها المواطن إلى معلومة، وبات يمكن وصف الشائعات بأنها السوق السوداء للمعلومات، مما دفع الأطراف المعنية بها إلى التوضيح، إلى درجة أصبحت بيانات التوضيح تتجاوز ما سواها.

وأضاف عثمان بأنه يمكن الحد من الظاهرة من خلال التأكد من صحة أي معلومة تصل في مواقع التواصل الاجتماعي قبل إعادة إرسالها خصوصاً عندما تكون مصادرها مجهولة.

أداة سياسية

يرى المحلِّل السياسي  إبراهيم حسن،  الشائعات أصبحت من الأدوات التي تستخدم في الحرب السياسية وهي أيضاً نوع من أنواع الحروب النفسية، ولفت بأن عوامل كثيرة صاحبت الأزمة السياسية في السودان جعلت الشائعة تأخذ حيزاً كبيراً ويمكن أن نقول إنها أصبحت من المهدِّدات للفترة الانتقالية، وقال في حديثه لـ(الصيحة) إن من تلك العوامل حالة التردي الاقتصادي والأمني والعطالة، ويمكن أن تصبح من العوامل المحفزة لكل من يُريد أن يمرر أجندته، وأضاف بأن الوضع العام ساعد في ذلك بجانب وقوف شخصيات بعينها وراء الشائعة، ونوَّه بأن الشائعات في الفترة الأخيرة وجدت أرضية خصبة خصوصاً في ظل الخلافات التي طفحت خلال الفترة الأخيرة بين قوى الثورة والحاضنة السياسية وتركت آثاراً سالبة في الشارع العام الذي أصبح لدية رؤية مختلفة تجاه القوى السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى