فولكر.. تهديدات بالقتل وطلب بالإبعاد

فولكر.. تهديدات بالقتل وطلب بالإبعاد

تقرير: صبري جبور

تنشط البعثة الأممية “يونيتامس” في اجتماعات مكثفة بغية الوصول إلى تسوية سياسية تنهي الفراغ الدستوري، ومن المنتظر التوقيع على الاتفاق النهائي في غضون الأيام المقبلة، ومن ثم تشكيل حكومة مدنية تقود البلاد خلال الفترة الانتقالية، وفي خضم كل ذلك برزت تسريبات تؤكد دفع الحكومة بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة بغرض إبعاد فولكربيرتس، وفقاً لتصريحات القيادي بحزب الأمة القومي مبارك الفاضل المهدي، وفي الأثناء دعا مواطن سوداني إلى منحه فتوى شرعية تسمح له بقتل رئيس يونتامس فولكر الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية بالبلاد، وقالت المتحدثة باسم البعثة الأممية بالخرطوم مي يعقوب، نشعر بقلق بالغ إزاء مقطع فيديو مُتداول لرجل يتحدّث في مُناسبة عامة بالخرطوم ويطلب فتوى للسماح له باغتيال رئيس البعثة فولكر بيرتس، مُتطوِّعاً لتنفيذها بنفسه، وأضافت: بيد أنّها لن تردع البعثة عن الاضطلاع بواجباته، ودعت السُّلطات السودانية إلى اتخاذ إجراءات قانونية وضمان إجراء تحقيق مُناسب، وأكدت التزام البعثة بدعم شعب السودان في تحقيق الانتقال السياسي إلى الحكم الديموقراطي.

تفويض البعثة

وتأسست بعثة “اليونيتامس” بناءً على طلب الحكومة السودانية الانتقالية كبعثة متكاملة لمرافقة السودان في انتقاله نحو الحكم المدني الديموقراطي، ولدعم الحكومة في تنفيذ كل من اتفاق جوبا للسلام والخطة الوطنية لحماية المدنيين. وفقًا لقرار مجلس الأمن 2524 (2020)، يشمل تفويض يونيتامس مساعدة الحكومة السودانية وإسداء المشورة لها ودعمها في جهودها لبناء سلام مستدام، وحماية المدنيين، لا سيما في دارفور والمنطقتين، ودعم حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون، وفي الثالث من يونيو 2021 تبنى مجلي الأمن القرار 2579 (2021) والذي يقضي بتمديد تفويض يونيتامس لمدة 12 شهراً، إضافياً ولغاية 3 يونيو 2022. وفي الثالث من يونيو 2022 جدد مجلس الأمن الدولي مرةً أخرى تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (اليونيتامس) لعامٍ آخر ولغاية الثالث من يونيو ٢٠٢٣) وفقاً للقرار الذي يحمل رقم 2636 (2022)، وتقوم يونيتامس بتقديم الدعم لـ السودان، من خلال العديد من المبادرات السياسية والتنموية وتلك الهادفة لبناء السلام، وبما يتضمَّن تقديم العون للسودانيين وتنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين، ومنذ إنشائها في عام 2020، قامت اليونيتامس وشركاء الأمم المتحدة بتيسير الجولة الثانية من محادثات السلام في جوبا في مايو 2021، ودعم إنشاء لجنة وقف إطلاق النار الدائم في دارفور في عام 2021، وتقديم المشورة وتوفير بناء القدرات لسلطات حفظ الأمن وإنفاذ القانون لمساعدتهم على تحمل مسؤوليتهم الكاملة عن حماية المدنيين وفقًا للخطة الوطنية لحماية المدنيين. إضافة إلى ذلك، تدعم “اليونيتامس” الجهود المبذولة لبناء السلام المجتمعي من خلال مكاتبها الإقليمية في السودان، بما يشمل خلق مساحات حوار بين السلطات والمجتمعات المحلية لبناء الثقة وتعزيز التعايش السلمي.

استنكار واسع

وفي السياق استنكرت عدد من الجهات الطلب الذي تقدم به مواطن لإصدار فتوى بهدر دم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان، ورئيس البعثة فولكر بيرتس، حيث أثار طلب الفتوى ردود أفعال مختلفة، وقالت المفوَّضية القومية لحقوق الإنسان في تصريح صحفي، إن السودان ملزم بتجريم ومعاقبة جميع خطابات الكراهية ودعوات العنف بموجب مصادقته على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وغيره من المعاهدات الدولية والإقليمية ذات الصلة. وأضافت بأنها تتابع بانزعاج وقلق بالغين، خطابات الكراهية والعنف التي باتت تتردد في عدد من المنابر بما في ذلك تهديد شخصيات دولية ومبعوثين دبلوماسيين، وكان مواطن قال إنه يسكن  أم درمان، في مداخلة له في ندوة لمبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني بالخرطوم، طلب فتوى شرعية لإراقة دم المبعوث الأممي فولكر بيرتس، مشيرًا إلى أنه مستعد للموت حتى “لا يموت الإسلام في السودان”، وأكدت المفوضية أن تراخي السلطات عن اتخاذ تدابير المنع والقمع والمعاقبة في مواجهة المتورطين في هذه الخطابات، أدى لتعزيزها، ونبَّهت إلى التبعات التي وصفتها ب”الخطيرة” التي يمكن أن تترتب جراء هذا التراخي، كما طالبت السلطات باتخاذ تدابير عاجلة لمحاصرة خطابات الكراهية والعنف.

ممارسة الإرهاب

وفي السياق قالت هيئة محامي دارفور إن الحديث المشار إليه يوقع صاحبه تحت طائلة ممارسة الإرهاب والتهديد بالقتل و الإخلال بالسلامة العامة، وأدانت الهيئة التصريحات ووصفتها بأنها تشكل جريمة جنائية خطرة على المجتمع، وحملت الهيئة القائمين على المؤتمر المسؤولية التامة بالسماح لذلك الشخص بممارسة الأفعال المجرمة قانونًا – وفقًا لبيان صادر عن الهيئة، وأوضحت هيئة محامي دارفور أنها ستدرس اتخاذ الإجراء القانوني اللازم في مواجهة الشخص المشار إليه و من يشاركه في هذا الفعل  الذي وصفته بـ”الإجرامي”.

خطوة ممتازة

وتعليقاً على حديث مبارك الفاضل بدفع الحكومة طلبا إلى الأمين العام للأمم المتحدة بغرض إبعاد فولكربيرتس من السودان.

يقول  المحلِّل السياسي د. راشد التجاني،  إن خطوة مطالبة الحكومة للأمم المتحدة بابعاد رئيس البعثة السياسية لدعم الانتقال فولكر بيرتس، تدلل على عدم قبول الحكومة لأداء فولكر، وأشار إلى أن فولكر لم ينجز المهام الموكله إليه، وقال التجاني في إفادة لـ(الصيحة) إن الحكومة ترى أن فولكر من خلال تحركاته في الفترة الأخيرة وانحيازه لقوى من أطراف العملية السياسية، أصبح  أحد أطراف النزاع، وليس مسهِّلاً ومعالجاً للأزمة وإيجاد الحلول.

غير أن الكاتب الصحفي والمحلِّل السياسي محمد مصطفى إلياس، يرى أن ما أدلى به رئيس حزب الأمة القومي الإصلاح مبارك الفاضل، حديث غريب ويدخل في دائرة المزايدة السياسية لقوى الثورة، وأضاف أن رئيس بعثة اليونيتامس جاء إلى الخرطوم بتفويض من الحكومة السودانية بموافقة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحالي منذ حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، مشيراً إلى أن عمل البعثة يتمثل في مساعدة السودان لتحقيق الانتقال الديموقراطي، وتحت البند السادس للأمم المتحدة، وأضاف بالقول ليس لمبارك الفاضل ولاغيره القدرة على إبعاد رئيس البعثة لأن البعثة جاءت بتفويض من الأمم المتحدة وهي التي تعيِّن وتسحب من تشاء، وزاد بالقول تعودنا منذ فترة على أن نسمع حديث عن إبعاد فولكر من منسوبي النظام البائد الذين يرون أن البعثة تقف حجرة عثرة في عودتهم مرة أخرى للحكم، وتابع بالقول: إن البعثة عملها معروف وتقوم بمساعدة السودان في الانتقال الديموقراطي خلال الفترة الانتقالية حتى الوصول لانتخابات بنهايتها.

اتفاق التسوية

من جانبه قال المحلِّل السياسي الفاتح محجوب، إن الحكومة دفعت بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة بأن يتم إبعاد فولكر من رئاسة البعثة الأممية في السودان وكان ذلك قبل أكثر من شهرين، وأضاف” قبل أن يخرج الاتفاق الإطاري للعلن وكان ذلك على خلفية احتجاج الحكومة على عدم التزام السيد فولكر بمهام منصبه “، وتابع محجوب في إفادة لـ(الصيحة) لكن جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ أن قدَّمت الحكومة مذكرتها للأمين العام للأمم المتحدة إذ بات السودانيون قاب قوسين أو أدنى من إتمام اتفاق تسوية سياسية ينقل السلطة التنفيذية لقوى مدنية قد يكون من أول مهامها سحب طلب إبعاد فولكر، أما أن تعثر تكوين الحكومة الانتقالية الجديدة فغالباً يواصل مندوب السودان في الأمم المتحدة تبني مذكرة حكومته بإبعاد فولكر من البعثة الأممية في السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى