الأمم المتحدة: الوضع الإنساني في السودان يواجه مخاطر حقيقية

الأمم المتحدة: الوضع الإنساني في السودان يواجه مخاطر حقيقية

تقرير: فرح أمبدة

تضمَّن تقرير حديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) حمل اسم “الوضع في السودان أخر التحديثات” إحصائيات جديدة وتفاصيل مهمة عن الوضع والاحتياجات الإنسانية في السودان، وفيما دعا المانحين للإسراع في التمويل المبكِّر لمواجهة “مخاطر ماثلة” نبَّه إلى أن الاوضاع آخذة في التدهور في البلاد جراء (النزاع المحلي، والنزوح المدني، والفيضانات، والأزمة الاقتصادية، والتضخم، وعدم استتباب الأمن الغذائي)، وتضمن التقرير شكوى من ضعف تمويل العمليات الإنسانية في السودان، إذ لم تموِّل خطة الاستجابة حتى منتصف سبتمبر بـأكثر من  (610.6) مليون دولار، من إجمالي المتطلبات البالغة (1.94) مليار دولار،  ما يعادي (31.5٪).

مستويات قياسية

ووفق ما جاء في التقرير حصلت (الصيحة) عن نسخة منه،  فقد نزح منذ بداية العام 2022م، أكثر من (177,000) شخص، بسبب النزاع بما في ذلك (126,000) شخص، نزحوا في دارفور، ويشمل ذلك ما يقدر بنحو (38,000) شخص، نزحوا من أجزاء من ولاية النيل الأزرق في يوليو الماضي، فيما تضرر أكثر من (258,000) شخص، من الأمطار الغزيرة والفيضانات في جميع أنحاء البلاد، وأن أسعار الذرة الرفيعة والدخن المزروع محليًا والتي تشكلان الغذاء الرئيس لمعظم السكان، استمرت في الارتفاع، حيث وصلت إلى مستويات قياسية جديدة في أغسطس، وفي نفس الوقت واصلت تدفقات اللاجئين من جنوب السودان وإثيوبيا التماس المأوى والحماية وغيرها من المساعدات في السودان.

وأورد التقرير إحصائيات جديدة شملت أعداد النازحين حيث بلغت (3)  ملايين و(300) ألف نازح، وعدد الأشخاص المصابين بفيروس “كورونا” المستجد (63,280) وعدد حالات الوفاة المتعلقة بفيروس “كورونا” المستجد (4,961) وعدد اللاجئين الإثيوبيين في الشرق والنيل الأزرق (59,501).

قتل وتدمير

وذكر التقرير بأن الأمطار الغزيرة والسيول التي شهدتها البلاد خلال الاشهر الماضية، أثرت على حوالي (349,000) شخص، في جميع أنحاء البلاد، ونقل التقرير عن مفوَّضية العون الإنساني الحكومية والمنظمات الإنسانية على الأرض والسلطات المحلية بأن الأمطار والفيضانات، دمَّرت ما لا يقل عن (24,800) منزل، وألحقت أضرارًا بـ (48,200) منزل، آخر في (16) ولاية من أصل (18) ولاية،  فيما نقل عن المجلس القومي للدفاع المدني ما يفيد بمقتل (146) شخصاً، وإصابة أكثر من (122) آخرين، منذ بداية موسم الأمطار في يونيو، وأن الولايات الأكثر تضرراً هي جنوب دارفور والقضارف ووسط دارفور والنيل الأبيض وكسلا، تليها شمال وغرب دارفور ونهر النيل وشمال كردفان والجزيرة وغرب كردفان وجنوب كردفان وسنار وشرق دارفور، وكانت الخرطوم وشمال دارفور هي الأقل تأثراً.

ونبَّه التقرير إلى أن ضعف البُنى التحتية ورداءة الطرق في بعض النواحي صعبت الوصول إلى المناطق المتضررة من الفيضانات، وبالتالي أعاقت توصيل خدمات التغذية في الوقت المناسب.

قطاع التعليم.. حاجة ماسة

وفيما يخض قطاع التعليم، جاء في التقرير: أن الفيضانات أثرت على أكثر من (397) مدرسة، (272) تعرَّضت للتلف و (125) مدمرة، مما أثر على تعليم حوالي (140,000) طفل، وبحسب ما ورد تضرَّرت (241) مدرسة، أخرى لم يتم الوقوف على حالتها ويجري التحقق منها حالياً، لهذا فقد أدى الضرر الذي لحق بالبُنى التحتية للمدارس إلى تأخير كبير في تاريخ بدء العام الدراسي 2022-2023م. حيث قامت تسع ولايات بالفعل بإعادة جدولة بداية العام الدراسي من 18 سبتمبر إلى منتصف أكتوبر أو بعد ذلك.

فجوات وقيود

وفي بعض المناطق نصبت (75) خيمة، لاستخدامها كفصول تعليمية مؤقتة، وهناك حاجة ماسة إلى إعادة تأهيل الفصول الدراسية لإصلاح أضرار الفيضانات وضمان قدرة الأطفال على الوصول إلى بيئات مدرسية آمنة تساعد على التعلم.

ونبَّه التقرير إلى  أن هناك حاجة لأموال عاجلة لتلبية هذه الاحتياجات لأكثر من (125000) من أطفال المدارس الذين سيحتاجون إلى المساعدة للعودة إلى المدرسة في بداية العام الدراسي 2022-2023م.

أفضل حالاً

وفيما يتعلَّق بقطاع الصحة ذكر التقرير أن منظمة اليونيسيف قامت بالتخزين المسبق للإمدادات الصحية والتغذوية في يوليو 2022م، قبل موسم الأمطار، وتضمَّنت الإمدادات أدوية وإمدادات طبية ومجموعات تكفي لتغطية احتياجات (4.2) مليون شخص، لمدة (3) أشهر بالإضافة إلى (36,229) ناموسية، طويلة الأمد للمبيدات الحشرية لدعم (116,595) امرأة وطفل، في الولايات ذات الأولوية.

وحسب التقرير، دعم شركاء مجموعة الصحة (10) عيادات متنقلة وجميع المرافق الصحية في المناطق المتضرِّرة في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق وكسلا والقضارف لضمان الوصول إلى برنامج التحصين الموسع، والإدارة المتكاملة لأمراض الطفولة، ورعاية ما قبل وما بعد الولادة ودعم الولادة.

تحوُّطات منقذة

في ذات المنحنى قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتخزين المسبق للوازم الصحة الإنجابية المنقذة للحياة في جميع أنحاء البلاد، وهو ما يكفي لتغطية احتياجات (101,700) شخص، حيث تشمل الإمدادات مجموعات الولادة، ورعاية التوليد في حالات الطوارئ، ومستلزمات الصحة الإنجابية الأخرى، ومواد إدارة الحالات، وتنظيم الأسرة، وما إلى ذلك.

كما وصل الصندوق إلى أكثر من (55,5000) شخص، من خلال الاستشارات الطبية وأكثر من (30,700) شخص، من خلال استشارات الصحة الإنجابية في ولايات جنوب دارفور وشمال دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وغرب دارفور وكسلا.

من جانبها قدَّمت منظمة الصحة العالمية (500) مجموعة من أدوات الكشف السريع عن الكوليرا، و (300) علبة من الكرتون للإماهة الفموية، وأدوية تكفي لتغطية احتياجات (5,000) شخص، وتلقت المنظمة (334) مجموعة استجابة سريعة و(75) مجموعة أدوات صحية مشتركة بين الوكالات، وهي كافية لتغطية الاحتياجات الصحية لمليون شخص لمدة ثلاثة أشهر.

محدودية القدرة

إلى ذلك، نبَّه التقرير إلى محدودية القدرة التشخيص المختبرية للكشف عن الأوبئة في معسكرات النازحين، وانعدامها للكشف عن بعض الأمراض  مثل القدرة المختبرية لعينات الكوليرا  (متاحة فقط على المستوى القومي)، وأشار التقرير إلى النقص الحاد في مجموعات الأجهزة الخاصة بالإسهال المائي الحاد، وأدوية ومستلزمات الرعاية المجتمعية الخاصة به.

وفيما يتعلق بقطاع المأوى والمواد غير الغذائية، ذكر التقرير الحاجة الماسة إلى (30,000) مجموعة إضافية من المواد غير الغذائية لدعم المتضررين من الفيضانات، وأن هناك نقص حاد في مستلزمات المآوي في حالات الطوارئ لدعم (16,800) منزل، دمَّرتها الأمطار الغزيرة والفيضانات، مشيراً إلى تلقى حوالي (42,000) شخص (8,322) أسرة، من المتضرِّرين من الفيضانات مساعدات بالمواد غير الغذائية في منطقتي دارفور وكردفان وولايات الخرطوم وكسلا والقضارف والنيل الأبيض والجزيرة، ووزعت منظمة قطر الخيرية حوالي (600) خيمة، مع (1000) خيمة، أخرى في طور الإعداد.

تدفقات اللاجئين

ووفق ما جاء في التقرير فقد استمر السودان في استقبال لاجئين جدد من الدول المجاورة، ولا سيما جمهورية جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا. ومنذ بداية عام 2022م، وصل حوالي (30,000) لاجئ، من جمهورية جنوب السودان إلى السودان، ولا سيما في ولاية النيل الأبيض وشرق دارفور وغرب كردفان وجنوب كردفان. كما استمر وصول اللاجئين الإثيوبيين إلى شرق السودان ومنطقة النيل الأزرق، وإن كان ذلك بأعداد أقل. وعبر نحو (59,500) شخص، الحدود إلى السودان منذ بدء الأزمة في شمال إثيوبيا في نوفمبر 2020م.

ونبَّه التقرير إلى أنه وبسبب النقص الحاد في التمويل اضطر برنامج الغذاء العالمي في السودان إلى قطع حصص الإعاشة عن اللاجئين في جميع أنحاء البلاد، وكان البرنامج يساعد بانتظام أكثر من (550,000) لاجئ، في السودان. وابتداءً من شهر يوليو لم يتلق اللاجئون سوى نصف سلة غذائية عادية على أساس عيني أو نقدي.

التمويل المبكِّر

وفيما يتعلق بتمويل “خطة الاستجابة الإنسانية في السودان للعام  الجاري” دعا التقرير المانحون بالتمويل المبكِّر والسريع للعمليات الإنسانية في البلاد لجهة أن (النزاع المحلي، والنزوح المدني، والفيضانات، والأزمة الاقتصادية، والتضخم، وعدم استتباب الأمن الغذائي، وغيرها من التحديات، تزيد من الاحتياجات وخطورتها وتحرم ملايين الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر)، وحسب ما ورد فيه فقد تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية بحلول منتصف سبتمبر 2022م، بـ (610.6) مليون دولار، من إجمالي المتطلبات البالغة (1.94) مليار دولار، (31.5٪) ممولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى