حَظر سفر 11 مسؤولاً.. فُجُورٌ في الخُصُومة أم تَسخينٌ للملعب؟

 

تقرير: مريم أبشر

في ورقة مجهولة الهوية لا تحمل ترويسة الجهة التي أصدرتها ومكتوبة بخط اليد، انتشرت على نحو مفاجئ وسريع عبر كل الوسائط, كانت تحمل قائمة تضم حوالي أحد عشر مسؤولاً كلهم من الرجال ويحملون صبغة دستورية, أبرزهم عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان ووزير مجلس الوزراء خالد عمر ووجدي صالح مقرر لجنة إزالة التمكين تطلب منعهم من السفر عبر مطار الخرطوم.. أثار الخبر جدلاً واسعاً حول توقيت بروز القائمة ومن هي الجهة التي أصدرتها وهل تملك تلك الجهة حق المنع لمسؤولين بينهم عضو مجلس سيادة ووزير سيادي, وعلى اي قاعدة استندت في تحديد هؤلاء الـ(11) دون سواهم، بل ومضى التساؤل منبهًا للكيفية الخاصة بسفر الدستوريين وكيف يتم التعامل معهم.. قائمة المنع وما سبقها من تلميحات اطلقها القيادي بقوى الحرية والتغيير وأحد أعضاء لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد عروة الصادق بأن بعض القيادات مُهَدّدة بالاغتيال، تكشف الواقع السياسي الراهن من حكومة الفترة الانتقالية وحجم التوتر الذي تعيشه الآن وهي تستشرف العام الثالث، وتعكس كذلك الجو العام للشراكة في أعقاب تعليق الأنشطة الرسمية والخطب الخشنة والواقع مسدود الأفق بشرق السودان رغم المبادرات الداخلية والحراك الإقليمي الدولي والأممي لاحتواء الموقف والعبور بالفترة الانتقالية نحو النهايات.

أصل الحكاية

بحسب المعلومات المتداولة, فإن قائمة المنع من السفر التي تضم دستوريين ونافذين في الحكومة الانتقالية على رأسهم  عضو مجلس السيادة محمد الفكي ووزير مجلس الوزراء خالد عمر, بجانب أعضاء لجنة إزالة التمكين صلاح مناع ووجدي صالح وعروة الصادق وطه عثمان وبعض قيادات من قوى الحرية والتغيير، تكشفت أثناء مغادرة الدكتور صلاح مناع للبلاد في طريقه للعاصمة المصرية القاهرة قبل يومين, حيث تم إخطاره بأن أوامر أُبلغت لصالة المغادرة بمطار الخرطوم بحظره من السفر, وان اسمه موجود ضمن القائمة, ولكن بعد اتصالات وتحركات سمح له لاحقاً بالسفر, وحسب ما أوردته الزميلة “السوداني” أنّ بعض ضباط وأفراد قوات نظامية رفضوا تطبيق أمر منع السفر كونه غير قانوني ويخالف الإجراءات الرسمية التي يجب اتباعها لحظر أي شخص من مُغادرة البلاد.

عبر الخارجية

قائمة الحظر مجهولة الهوية, فتحت الباب أمام التعرُّف للطرق التي يفترض اتباعها لسفر الدستوريين والنافذين في الدولة من القيادات, فالمعلومات المؤكدة التي تحصلت عليها (الصيحة) تشير الى ان حَمَلَة الجوازات الدبلوماسية، الرسمية والخاصة تتم عادة اجراءات خروجهم عبر وزارة الخارجية ممثلة في إدارة المراسم التي تخطر بدورها إدارة التشريفات للقيام بالإجراءات المطلوبة، فيما تتم إجراءات غير حَمَلة الجوازات المذكورة أعلاه عبر وزارة الداخلية. وتفيد المعلومات أن كل الإجراءات المتعلقة بسفر الدستوريين والوزراء تسبقها موافقة السيادي سواء اكان من مجلس السيادة ورئيس الوزراء في حالة إن كانت المهمة تتعلق بأحد الوزراء, وأضافت منح وزارة الخارجية حصرية إكمال إجراءات من يحملون جوازات السفر الدبلوماسية، الخاصة والرسمية, لكونها هي الجهة الوحيدة التي تصدر تلك الجوازات وليس سواها, أضف إلى ذلك فإن وزارة الخارجية مسؤولة عبر إدارة المراسم من إخطار سفارة البلد التي يقصدها المسؤول ومخاطبة خارجيتها وتوضيح برنامجه ومدة إقامته في البلد المعني.

أنواع الحظر

المعلومات التي تحصلت عليها “الصيحة”، أشارت الى ان الحظر من السفر عبر المطار يشمل نوعين, حظر نيابات وغالباً ما يكون المحظور متهماً في أمر جنائي ويتم عبر توجيه من النيابة المعنية إلى إدارة القوائم وهي إدارة تتبع لوزارة الداخلية, حيث تقوم الأخيرة بإخطار المسؤولين بمطار الخرطوم بمنع المتهم من السفر, أما النوع الثاني من الحظر هو السياسي ويتم وفق المعلومات عبر جهاز المخابرات, وتكون الفئة المستهدفة فيه غالباً من الدستوريين أو كبار المسؤولين سواء وزراء او غيرهم, بجانب السياسيين وتخطر الجهات المعنية بأنه محظور من السفر عندما يشرع في إجراءات المغادرة ويتم فحص جوازه لمنحه تأشيرة الخروج، فإن كانت الإجراءات سليمة يمنح التأشيرة مباشرة, اما في حالة ظهور اسمه ضمن قوائم بمسمياتها المختلفة يتم إبلاغ الشخص المعني بأنه ممنوع من الخروج من البلاد.

ضد القانون

أي حظر لأي مواطن سوداني سواء كان دستوريا او شخصا عاديا من غير مسوغ رسمي, يثبت أن بلاغاً فتح في هذا الشخص لارتكابه جرما ما، يعد مخالفاً للقانون.

وأكّد المحامي والخبير القانوني والقيادي بحزب الأمة آدم جريجير أنّه لا يحق لأي جهة حظر مواطن بخلاف ذكر، مضيفا الحظر يتم عبر النيابة بموجب بلاغ, الغرض منه عدم ضياح الحقوق, وأكد في حديث أدلى به لـ(الصيحة) أن البلاد تعيش حاليا في عهد الديمقراطية وحالة الانفتاح العدلي والحقوقي التي توجب ان يكون التعامل عبر القانون, ولفت الى انه حتى في وجود وثيقة دستورية وان بالقائمة المذكورة دستوريين يتمتعون بالحصانة، فإن المبدأ العالم لا يجوز حظر أي شخص بغير ارتكابه جريمة توقفه عبر النيابة, وأكد أن أي حظر بخلاف ذلك يعتبر غير قانوني واعتداءً على الحرية الشخصية.

تقييد حريات

وأوضح الخبير القانوني ياسر عثمان إن وجود قائمة مجهولة المصدر يتم بموجبها حظر قيادات الدولة من السفر, يؤكد أن فلول النظام البائد لا يزالون يعملون خاصة في ظل تنصل وعدم تبني اي جهة لإصدارها قرار حظر السفر, لافتاً إلى أن هذه الطرقة نفسها التي كان يمارسها النظام البائد في حظر معارضيه من السفر, مُستغلاً أوراقاً غير رسمية في إمعان لتقيد حرية الأفراد التي لم تكفلها القوانين المقيدة للحريات, بل كانت تتم بصورة شخصية لدرجة أنها يُمكن أن تتم عبر الهاتف في بعض الأحيان، ولفت إلى أن الحكومة الانتقالية الآن أمام محك حقيقي لمعرفة ما يدور وراء ظهورها, كون أنها لم تستطع حتى أن توفر العدالة والحرية لمنسوبيها, مشدداً على أهمية التحقيق في الواقعة, وأن يتم نشر نتائج التحقيق للرأي العام لمعرفة من يُريد أن يهزم مُكتسبات الثورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى