بابكر محمدين وزير الصحة والرعاية الاجتماعية بإقليم دارفور لـ(الصيحة) : ارتفاع معدلات الوفيات بنسب مقلقة وسط الأطفال حديثي الولادة ودون الخامسة 

حوار- الطيب محمد خير   12  سبتمبر 2022م

قال وزير الصحة بحكومة إقليم دارفور بابكر محمدين، إن تأخر إجازة القانون افرز حكومة الإقليم بهذه الصورة العاجزة التي ظهرت بها ناقصة ومتعثرة  ومحدودة النشاط في ظل واقع يتطلب ان تكون هناك حكومة اقليم فعلية تعمل بكامل طاقتها، واشار الى ان اتفاقية السلام تواجه عثرات في التنفيذ الذي تم منه فقط في الجانب المتعلق بالشراكة في السلطة بصورة رمزية بتعيين القيادات في مجلس السيادة، وزراء اتحاديين، وأشار محمدين إلى وجود  خلل مؤسسي أصاب الجبهة الثورية وأصبحت تُدار من خارج هياكلها ومؤسساتها وهذا دفع كثيرا من مكوناتها للخروج، هذا وغيره من الإفادات.

 

كيف وجدت الوضع الصحي في دارفور؟

الوزارة قيد التأسيس وعمرها شهور وما زال الإشراف على الوضع الصحي مسؤولية الولايات، لكن رغم هذا تقييمنا للوضع الذي لمسناه  خلال طوافنا في هذه الفترة القصيرة، هناك نقص حاد في الكوادر الطبية خاصة الممرضين ولا يوجد اختصاصيون ووضح لنا هناك عدم حماس من قِبل الكوادر الطبية خاصةً الوسيطة للعمل في دارفور، لأن بيئة العمل غير جاذبة من ناحية الرواتب وفرص التدريب، وفوق هذا حالة الاضطرابات التي تشهدها بعض المناطق، إضافةً للنقص الكبير في معينات العمل من معامل ومعدات ما اثّر في عملية التشخيص، المشكلة الأكبر السعة الاستعابية العلاجية لكثير من المستشفيات أقل من الأعداد  المترددين عليها من المرضى بسبب النزوح الذي تم لأطراف المدن الكبيرة وتوقف الكثير من المراكز الصحية في الأرياف والقرى عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بها خلال فترة الحرب وهذا يتطلّب عمل توسعة لهذه المستشفيات.

كيف تبدو مؤشرات المسح الصحي ولا سيّما الخاص بالأطفال؟

آخر مسح اظهر مؤشرات سالبة وغير مطمئنة ومقلقة بسبب ارتفاع معدلات الوفيات وسط الأطفال حديثي الولادة والأطفال دون الخامسة بنسب مرتفعة ومقلقة فاقت المعدلات الطبيعية في ولايات شرق وغرب وشمال دارفور، بجانب ارتفاع نسبة الأطفال الذين يعانون من التقزم بصورة أشد في ولاية شمال دارفور وهناك نسبة كبيرة من الاطفال الذين يعانون من سوء التغذية اظهرها تقرير المسح، وسجلت مليط وكرنوي أعلى نسبة، على العموم هذه يجعلنا نرسل نداءً عاجلا لوزارة الصحة الاتحادية ومنظمة اليونسيف والصحة العالمية وكافة المنظمات بالتدخل السريع لتقديم العون وإنقاذ هؤلاء الأطفال لخطورة الوضع الذي أصبح أكبر من إمكانيات حكومة الإقليم والولايات.

كيف تفصلون بين صلاحياتكم واختصاصاتكم كوزارات إقليمية والوزارات الولائية؟    

لا تزال الخدمات الصحية مسؤولية الولايات وهذا ناتج من تأخر إجازة القانون الخاص بالإقليم الذي يحدد اختصاصاته ويفصل صلاحياته ومهامه عن حكومات الولايات.

هل أنتم مُكبّلون الآن بسبب غياب القانون الخاص بالإقليم؟

طبعاً حكومة الإقليم عمرها شهور وجاء في ظرف استثنائي مُعقّد سياسياً واقتصادياً يصعب العمل فيه، لكن رغم ذلك شرعنا في وضع خطط استراتيجية  اسعافية عاجلة  اخرى قصيرة وطويلة المدى، فالخطة العاجلة كيف نوفر الرعاية الصحية بالحد الأدنى لتكون في متناول الجميع وهذا بالتسلسل من الفريق والقرية وانتهاءً برئاسة المحلية والولاية، اما الخطة القصيرة المدى تعمل على إعادة تأهيل المؤسسات العلاجية بدايةً بتوفير الكادر الطبي، وترقية الخدمة الصحية التي شهدت ترديا مُريعا بسبب الحرب  في كافة أنحاء الإقليم.

ما السلبيات التي نجمت من تأخر القانون؟

تأخر إجازة القانون أفرز هذه الصورة العاجزة التي ظهرت بها حكومة الإقليم جزئية محدودة النشاط متعثرة في إكمال هياكلها التي تحتاج لمال للقيام بدورها كحكومة وهذه أكبر عقبة تعترض حكومة الإقليم وتمنعها من القيام بدورها كاملا وتعمل بالحد الأدنى في مواجهة مهام جسام في ظل واقع يتطلب ان تكون هناك حكومة اقليم فعلية تعمل بكامل طاقتها وأزيد وليس شكلية بوضعها الراهن، وهذا انعكس سلباً على الوضع الخدمي والأمني وهذا التأخير أصبح مهدداً حقيقياً للسلام نفسه بما نشهده من اضطرابات.

 رغم وجود حكومة الإقليم لكن هيبة الدولة غائبة؟

تأخير إجازة القانون سبب كل المشكلات الماثلة خاصة الأمنية وهذا نتيجة لعدم اكتمال حكومة الإقليم لتباشر مهامها واختصاصاتها وصلاحياتها وتنفذ خططتها وبرامجها.

في أي المراحل يتوقّف القانون الآن؟

القانون في انتظار إجازته بصورته النهائية بأمر التشريع المؤقت في الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء بعد أن تمت إجازته في صورته الأولية من مجلس الوزراء، ونحن على الدوام نرسل المناشدات بالإسراع في اجازة قانون الاقليم، لأنه إن استمرت حكومة الاقليم عاجزة  لتلبية المطالب تظل الأسباب التي ادّت لنشوب الحرب قائمة وموجودة.

ما العثرات التي تواجه اتفاق جوبا؟

اتفاقية السلام تواجه عثرات في التنفيذ الذي تم فقط في الجانب المتعلق بالشراكة في السلطة وحتى هذا تم بصورة رمزية محدودة بتعيين القيادات في مجلس السيادة وزراء اتحاديين، اما حكومة الإقليم كأهم آلية في انفاذ تطبيق الاتفاق بكل محاوره الخدمية والأمنية وغيرها على الأرض لم تشكل حتى الآن سوى تعيين الحكام وبعض الوزراء وتعثر تكوين المفوضيات والمؤسسات، واكبر العثرات، الآن القانون الذي يفصل السلطات ويحدد الصلاحيات موضوع في أدراج الحكومة وإجازته تمضي بسلحفائية غريبة.

ماذا عن الترتيبات الأمنية؟

الترتيبات الأمنية متعثرة بحجة عدم توفر التمويل اللازم وتوقفت عند عتبة تخريج قوة لحفظ السلام في شمال دارفور وهي معنية بحفظ أمن المدنيين، وبالتالي يفترض أن تكون هناك قوة مماثلة في كل الولايات وهذا متعثر الآن، عموماً الأمور كلها في حاجة لإرادة ورغبة حقيقية في إنفاذ الاتفاق وتوفرها يمكن من التغلب على كل الإشكالات.

هناك اتهامٌ للحركات بأنها تخلت عن قضايا المواطنين وحققت مصالح ذاتية؟

الحديث عن انّ الحركات تخلّت عن شعب دارفور وحققت مكاسب شخصية، هذا حديث مشوه وغير لائق ويدحضه نصوص الاتفاق المُوقّع التي ناقشت مسببات الحرب ووضعت لها حلولا بنصوص واضحة ومعلومة، أما المشاركة في السلطة موضع الاتهام، فهي مشاركة رمزية في مناصب، حتى وظائف حكومة الاقليم ليست قاصرة على منسوبي الحركات دون غيرهم، وإن اكتملت هياكل حكومة الاقليم ستضم كافة اطياف مجتمع دارفور كل بقدراته وليس الحركات وحدها.

إلى ماذا تُعزي هذا الاتهام؟ 

الناس كانت تتوقّع أن اتفاق السلام بمجرد توقيعه تتبعه مُعالجة سريعة ويُغيِّر كثيراً من الأوضاع، لكن إنفاذ الاتفاق واجه تلكؤا بجانب الوضع الاقتصادي للبلاد عرقل توفير الموارد المالية المنصوص عليها في الاتفاق 700 مليون دولار للخدمات وهذا جعل الوضع الشائه من عدم توفر الخدمات كأساس لعودة النازحين لقراهم تحتاج لتنمية، لان هناك قرى مسحت تماماً واختفت معالمها.

 لكن هناك حديث عن وجود عداء تجاهكم في معسكرات النزوح خاصة حكومة الاقليم؟

نحن نضالنا من أجل حقوق هؤلاء المواطنين، لكن بعد اتفاق السلام اصطدمنا بواقع مغاير وعقبات في طريق تغيير الاوضاع التي يعيشها هؤلاء النازحون في المعسكرات، فان يتم قيام هيكل حكومة الإقليم ليس هناك سبيل ولا أحد في ظل انعدام المعينات لا أحد يستطيع أن يحكم على الحكومة الإقليمية بالعجز والفشل، لأن حكومة الإقليم تم تشكيلها في ظرف اقتصادي وسياسي مُعقّد وصعب وهذا له انعكاساته السالبة على أداء الحكومة كلكل وليس الإقليمية.

لماذا تعزي التذمر من حكومة الإقليم داخل المعسكرات والهجوم على الاتفاقية؟

هناك بعض الاطراف التي لم تدخل اتفاق السلام وهي تحاول إذكاء مثل هذه المشكلات للوقيعة لأغراض سياسية، لكن الاتفاقية ناقشت كل جوانب المشكلة وسنصبر على كل العثرات.

ما الذي يُؤخِّر الشروع في معالجة إسعافية لأوضاع المعسكرات؟

نحن رؤيتنا في حكومة الإقليم لا بد من التنمية والإعمار والآن برنامج العودة الطوعية سارٍ في بعض المناطق، ولدينا خُطة لتوطين بعض المعسكرات كأحياء وشرعنا في ذلك.

أنت مسؤول التنمية، كيف تعمل في ظل انعدام التمويل؟

الآن نحن نعمل في مجال المياه ونفّذنا عددا من السدود بتمويل من حكومة الاقليم بما اتيح لها من موارد، لكن حتى الآن لم نتسلم أي أموال للتنمية،  لأن الميزانية الحالية لا توجد بها اموالٌ مخصصة لبند للتنمية ومبلغ 750 مليون دولار المخصصة التنمية موجودة متى ما سمحت الظروف، لكن المجتمع الدولي شريكٌ معنا في اتفاق السلام وبالضرورة تكون له مساهمة.

ما مدى صحة نُذُر المجاعة في الإقليم التي تحدثت عنها تقارير المنظمات العالمية؟

ما تناولته تقارير المنظمات فيه نوعٌ من المبالغة، ومن خلال طوافنا الموقف مطمئنٌ، بل تكشف لنا أن الموسم الزراعي الحالي سيحدث وفرة في الحبوب يمكن تفيض من حاجة الإقليم، ونحن نخطط لزراعة القمح في سهول شمال دارفور التي أثبتت الأبحاث بوجود مخزون كبير من المياه الجوفية ولدينا خطة لتوطين زراعته.

لماذا قانون الإدارة الأهلية الذي واجه انتقادات؟

تنامي النعرات الإثنية، هذا القانون الذي يعد إنجازا لحكومة الاقليم واحد من محاولات التغلب عليها، لأن الإدارة الأهلية تعلب دوراً كبيراً في ضبط الأمن ولا يمكن التحكُّم في التفلتات إلا بمزيد منح الإدارات الأهلية، وصلاحيات لمعالجة الخلل الذي صاحب اضعافها في الفترات السابقة خاصة هناك كثير من النزاعات، الإدارة الأهلية تعلب دورا في حلها، وهناك أطرافٌ استغلت ضعفها وعمدت لتصعيد الفتنة والاقتتال وهذا ما جعلنا نقنن الإدارة الأهلية وطبعاً المجتمع في دارفور تقليدي.

برأيك ما سبب انهيار المُصالحات؟

المُصالحات التي لا تصمد وتنهار سريعاً السبب وجود خلل أو قل تراخٍ في الجانب الامني، والعامل الرئيسي فيه ضعف بسط هيبة الدولة خاصة المؤسسات المعنية بتنفيذ القانون ومُلاحقة الجُناة والقبض عليهم وحسمهم بإنفاذ القانون وضعف مؤسسات الدولة في بسط هيبتها بالصورة المطلوبة من قِبل المؤسسات المعنية بإنفاذ القانون ما يُوحي بأن الدولة في اضعف حالاتها وهذا الإحساس شجّع الكثيرين للجنوح للتفلت والنهب ودفع الناس لأخذ القانون بيدهم، بالتالي لا بد من رفع قدرات الأجهزة الأمنية حتى يساعد في حسم الانفلات الأمني، لأن عدم تحمُّل الدولة مسؤوليتها في تطبيق القانون بملاحقة الجناة، ومعالجة النزاعات حول الأرض، هذه واحدة من الإشكالات، واختم إن بسطت الدولة هيبتها وأحس المواطنون بان الأمن متوفر حولهم، حينها لن تكون عندهم رغبة في حمل السلاح أو السعي لامتلاكه لحماية أنفسهم.

اصابع الاتهام تشير للحركات بالضلوع في الانفلاتات التي شهدها كثير من المناطق؟

هناك تحقيقٌ تم في هذا الشأن، لكن لا أعلم إلى ماذا انتهى، لكن الحركات لها مواقع ارتكاز معلومة، وأفرادها في انتظار الترتيبات الأمنية وسلاحها تحت السيطرة، وبالتالي لا اتصور ان يكون سلاحها المسبب في الانفلاتات والصراعات التي لها مسبباتها المجتمعية، واضف لذلك الهشاشة الامنية وضعف هيبة الدولة والسلاح الموجود خارج سيطرة الدولة، الآن الفترة التي قضاها السيد نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو هدأت الأوضاع وأعادت هيبة الدولة، وصفّت كثيراً من الخلافات بين الأهالي بالمصالحات التي عقدها، وشجّعت الكثير من المواطنين للعودة الى مزارعهم.

الحدود المفتوحة مخاطرها؟

ضبط الحدود ومراقبتها امرٌ مهمٌ، لأن عبرها يدخل (كثير من البلاوي) خاصة المخدرات، والغالبية من الذين يثيرون هذه الصراعات من متعاطي المخدرات ومُروِّجيها والسلاح كثير منه يأتي من الخارج.

ماذا عن قضية نهب يوناميد؟

حاكم الإقليم شكّل لجنة مشتركة من كل أجهزة الدولة وستباشر عملها في التحقيق خلال هذا الأسبوع وستزور مقر البعثة المنهوب وتحديد الخسائر وتلتقي الشهود وتحديد مَن المتهم.

ماذا تم بشأن الأسرى والمفقودين وأنت مسؤول الشؤون الاجتماعية في حكومة الإقليم؟

هناك كثيرٌ من الأدلة والشواهد التي تثبت بأن هناك أسرى من الحركات لدى الجانب الحكومي، لكن بعد الإطاحة بنظام البائد لم يظهر لهم اثر، وكونت لجنة من قبل الترتيبات الأمنية للتقصي في شأن مصير الأسرى والمفقودين وهذه اللجنة شارفت على رفع تقرير حول مصير هؤلاء الأسرى ومن ثم الكشف عن إن كانوا موجودين في السجون والمُعتقلات أم تمت تصفيتهم، لكن دعنا ننتظر تقرير اللجنة، رغم أن هناك قلقاً لدى ذوي هؤلاء الأسرى لمعرفة مصير أبنائهم وبالضرورة معرفة المُجرمين، إن تمت تصفيتهم ومحاسبتهم.

ما سبب الصراع الذي حدث في الجبهة الثورية وخروج بعض مكوناتها وهي الحاضنة لاتفاقية السلام؟

ما حدث في الجبهة الثورية خللٌ مؤسسيٌّ، وأصبحت الجبهة تُدار من خارج هياكلها ومؤسساتها، وأصحبت ماعونا ضيقا، هذا دفع الكثير مكوناتها للخروج أو تجميد نشاطها واتّجه الناس للحديث عن تحالف أوسع من الجبهة الثورية يضم عددا من المكونات السياسية والمجتمعية.

ما سبب مقاطعة اجتماع الدمازين الذي عقدته الجبهة الثورية؟

هذا الاجتماع تمّ بطريقة غير مُؤسّسية ومحاولة للانفراد بالقرار داخل الجبهة من خلال تجيير قراراتها لصالح بعض مكوناتها.

هل يعني أنّ الجبهة الثورية انتهت كمرحلة؟

الجبهة الثورية تأسست في مرحلة ما وادت عملا سياسيا جيدا في فترة مُناهضة النظام البائد، لكن بعد الثورة هناك وضعٌ جديدٌ في الفترة الانتقالية يتطلّب توسيع العمل التحالفي لتجسيد قيم الثورة وشعاراتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى