المعلم والتعليم

*أمس قُرع جرس بداية العام الدراسي في ولاية الخرطوم إيذاناً ببداية عام دراسي جديد، في ظل ثورة ديسمبر، التي اختتمت فرحتها للشعب بتوقيع الاتفاق النهائي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لبداية مرحلة جديدة في حكم السودان.

*في كل عام نكتب عن سوء البيئة المدرسية للمدارس الحكومية ومعاناة المعلمين في هذا المجال الحيوي والمهم، ولكن حديثنا يضيع أدراج الرياح دون الالتفات لأوضاع المعلمين في ربوع بلادي.

*طيلة حكم الإنقاذ كانت السطوة للتعليم في المدارس الخاصة التي تجد الدعم من أولياء أمور التلاميذ، وفي كل عام تزيد رسوم التسجيل للمدارس الخاصة، وتنعكس هذه الأموال التي يدفعها أولياء أمور التلاميذ على بيئة المعلم والمدارس الخاصة.

*ولكن المدارس الحكومية إن كانت في مرحلة الأساس أو الثانوي، تجد الإهمال المريع لدرجة أنك قد تجد مدرسة ومع بداية العام الدراسي ومديرها يبحث عن الطباشير الذي يدرُس به أبناؤنا.

*وفي ذات الوقت قد تجد تلميذاً في مدرسة خاصة لا يُمنح زيّه المدرسي ولا كتبه لمجرد أن والده تأخر قليلاً في دفع القسط الأول من رسوم المدرسة “الخرافي”.

*كتبنا كثيراً عن ضرورة الاهتمام بالتعليم الحكومي وتوفير بيئة ممتازة للمعلمين وليست “جيدة” باعتبار أن هولاء المعلمين هم الذين يخرجون لنا أجيال المستقبل التي ستبني السودان وتحافظ على نسيجه.

*أمس بدأ العام الدراسي في عهد جديد لا يرأسه البشير، وليس به وزراء من المؤتمر الوطني، عهد ثورة ديسمبر التي يسعى قادتها لإحداث تغيير في السودان والعمل على تطوير اقتصاده، ونرجو أن تكون البداية بالمعلم والمدارس الحكومية.

*لا يعقل أن تكون مرتبات المعلمين لا تفي باحتياجات أسبوع فقط للمعلم، ونريد منه أن يركز على رفع مستوى تحصيل الطلاب.

*ولا يمكن أن يزيد تحصيل التلميذ في المدرسة الحكومية ومدرسته تفتقر لأبسط مقومات التعليم.

*في خطاب رئيس المجلس العسكري الذي تحدث فيه بلغة الشباب “الراندوك” أن الاتفاق الذي وقع مع قوى الحرية والتغيير هو بداية مرحلة سودان جديد تتم فيه بداية الحكم الراشد بالمحاسبة والالتزام بالقانون والعدالة الاجتماعية، ونرجو أن تطبق الحكومة الانتقالية هذا المبدأ الأخير “العدالة الاجتماعية” في المدارس الحكومية بشقيها الأساس والثانوي.

*من أساسيات العدالة الاجتماعية أن يجد أبناء البسطاء حظهم من التعليم والبيئة المدرسية مثل الذي يجده أبناء ميسوري الحال.

*ومن العدالة الاجتماعية أن يكون وضع المعلم المادي في المدارس الحكومية مثل زميله في المدارس الخاصة.

*التعليم سادتي هو المحك الحقيقي لتطور الأمم، وخير مثال ما حدث من نهضة في ماليزيا التي جعلت الشق الأكبر من ميزانيتها للتعليم، فكان عهد النهضة في ماليزيا، وفي ألمانيا يعتبر مرتب المعلم الأعلى من الأطباء والمهندسين وغيرهما من المهن، لأنهم يعلمون أن المعلم هو الأساس الذي يخرج لنا أجيالاً صالحة.

*نرجو أن نشهد توجيهات من المجلس العسكري الآن قبل تشكيل الحكومة الانتقالية بتوفير ميزانيات كافية للمدارس الحكومية في جميع ربوع السودان ورفع مرتبات المعلمين في هذه المدارس حتى يكون لهم السهم الأكبر في تعليم أجيال السودان الجديد الذي نحلم به جميعاً. وربما نعود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى