بعد افتراق القائدين ودياً الحركة الشعبية…ماذا بشأن جنود الميدان؟

 

 

الخرطوم: صلاح مختار  29  اغسطس 2022م

رغم الطلاق البائن بين قائد الحركة الشعبية مالك عقار وياسر عرمان باتفاقهما (الافتراق ودياً) بمفاصلة ناعمة وليست خشنة فإن الافتراق السياسي في قمة الهرم التنظيمي سيكون له مردود كبير على القاعدة السياسية والعسكرية.

الافتراق ودياً

حينما اختارت كوادر الحركة الشعبية – شمال ياسر عرمان رئيسًا مؤقتًا للتنظيم الجديد، بعد أيام مع إعلان الاتفاق بينه ومالك عقار على “الافتراق ودياً”. تحدث عرمان عن أن الخلاف مع عقار “عميق وجوهري” فيما يخص الموقف من إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي، مشدِّدًا على أن التنظيمين “تجمعهما أهداف مشتركة، حيث ندعم اتفاق السلام وتنفيذ الترتيبات الأمنية”. حينها قال عرمان: “لا نريد الدخول في أي معارك مع الحركة التي يقودها عبد العزيز الحلو أو التي يتزعَّمها مالك عقار، ربما نلتقي يوماً ما، في مساندة الشعب”. وهو موقف تطابق معه عقار عندما طالب عضوية الحركة التي تناصره بعدم الانجرار وراء المخاشنات مع الطرف الآخر وأعلن أن فصيله سيكون باسم “الحركة الشعبية – الجبهة الثورية”.

 

تأثير كبير

ناشد الطرفان عضويتهما عدم الدخول في مشاحنات أو الإقرار بعدم الدخول في معارك هو إقرار بتأثير الطلاق أو الافتراق ودياً على تماسك عضوية الحركة الشعبية شمال ربما ذهب المراقبين إن الافتراق ودياً سيكون على المستوى السياسي ولكن على المستوى العسكري سيكون له تأثير كبير رغم تطمينات عرمان بوجود نقاط اتفاق بينهما أي مع مالك عقار يمكن أن تجمعهما في المستقبل. غير أن المحلِّل السياسي والخبير بشأن النيل الأزرق السفير الطريفي كرمنو، يرى عكس ما ذهب إليه المراقبون بشأن عمق الأزمة وأهمية الافتراق بين عرمان وعقار، حيث يرى أن علاقة ياسر عرمان بجنوب النيل الأزرق ضعيفة وليس لديه موقع في الإقليم أو جيش يدعمه. وقال لـ(الصيحة): إذا كان أبناء أو قبائل أو جماعة خرجت في الإقليم ليس من أجل التهميش،  لكن أكد لأسباب شخصية غير معروفة ارتبطت علاقة ياسر عرمان مع مالك عقار. لأن ارتباط عرمان بالجنوب أكثر سواءً أكان عن طريق ارتباطه بالزواج من الجنوب أو ارتباط ابنته في الجنوب. وكان من الممكن أن يكون الآن مع سلفاكير في دولة الجنوب بدلاً عن السودان. أما ارتباطه بالنيل الأزرق ما في صلة كبيرة تربطه بها.

نفس القوة

ويرى  كرمنو أن الاختلاف بين عرمان وعقار يجرِّد ياسر عرمان من كل شيء. لأنه ليس لديه مواقع في الإقليم وإنما كان يعتمد على قدرة مالك وعلى جيش وقبائل مالك عقار, ولذلك ليس لديه نوع من الانتماء لجنوب النيل الأزرق وينسحب ذلك على بقية المناطق. وقال رغم إعلان عرمان عن تنظيم جديد بالنسبة له إلا أن ذلك لن يمنحه نفس القوة التي كانت مع مالك عقار، هنالك اختلاف جذري بين توجهين . الأمر الآخر عرمان ليس لديه أي سند جماهيري في الإقليم، بل يظنه البعض أنه عالة على الإقليم, وأقر بأنه تحدَّث مع مالك عقار بأن ياسر عرمان ليس هو الشخص الذي يكون من بيننا في الإقليم .وإنما كان عالة حجب أشخاص كثيرين لذلك في الإقليم لن ينشق من حركة عقار أي شخص ليكون مع عرمان غير متوقع لأنه ليس لديه قاعدة في المنطقة, بالتالي كل ذلك لصالح الحركة الشعبية شمال .

 

 تحوُّل موازين

السؤال المهم كما يراه المحلِّل السياسي د. أبوبكر آدم لصالح، لمن تتحوَّل موازين القوى في النيل الأزرق هل للسياسي ياسر عرمان أم للذي لديه القوة العسكرية مالك عقار، هنا يتضح من الإجابة بأن القوة العسكرية هي المسيطرة على الفهم العام في الإقليم. وقال لـ(الصيحة): إذا نظرنا إلى وضعية عرمان نجده يتحرَّك في إطار أبناء الإقليم والمنتمين للحركة من أبناء الإقليم في المهجر أو بعض المستنيرين الذين يؤمنون بمبادئ الديموقراطية والذين يرفضون الإجراءات التي قام بها البرهان وهؤلاء يمكن أن يكونوا في جناح عرمان ولكن الغالبية العظمى من أبناء وقبائل الإقليم تسيطر عليهم النزعة القبلية وإطار الإقليم وبالتالي تأثير مالك عقار عليهم كبير خاصة أنه يضمن لأبنائهم الاندماج في الجيش وتنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية وإنفاذ اتفاق جوبا .

تلف العضوية

واستبعد آدم، حدوث انشقاق كبير أو تلف في عضوية الحركة شمال في الإقليم، وقال: إذا كان هنالك تأثير سيكون على مستوى  المركز وليس على مستوى الولاية غير أنه رأى أن حديث الطرفين حول الافتراق ودياً نوع من الدبلوماسية الناعمة والتي تحفظ علاقة الطرفين إلى وقت.

على العموم إمكانية عودة عرمان، إلى الحركة مرة أخرى فيه شبه استحالة رغم أن الخطوة التي أبديا فيها الافتراق ودياً هي خطوة غير مسبوقة في التاريخ السياسي السوداني.

الميلاد الثاني

وكانت (33) قائدًا، في المجلس القيادي والسكرتارية العامة ورؤساء التنظيم في الولايات والمهجر، أعلنت في بيان مشترك تلقته “سودان تربيون”، ما أسموه ”الميلاد الثاني للحركة الشعبية لتحرير السودان ــ التيار الثوري الديموقراطي”. وكلَّف القادة ياسر عرمان برئاسة الحركة إلى حين عقد مؤتمر في غضون عام، على أن يستمر العمل بمنفستو ودستور الحركة الشعبية ــ شمال لعام 2019م، ووثيقة برنامج التنظيم.

سلطة التعيين

وأعلن البيان عن تكوين مجلس قيادي من قادة الحركة الداعمين لقرارات الميلاد الجديد، مع منح الرئيس المُكلف سُّلطة تعيين آخرين. وأكد القادة التزامهم باتفاق السلام وبحقوق قضايا النازحين واللاجئين في مناطق الحرب، لكن “دون القفز على أن الاتفاق لا ينفصل عن إطاره الدستوري المتمثل في الوثيقة الدستورية التي مزَّقها الانقلاب”. وأضافوا: “أثبتت التجارب السابقة استحالة تحقيق السلام في ظل الدكتاتورية، مثلما يستحيل تحقيق الديموقراطية في ظل الحروب، فالاثنان يرتبطان ويتفاعلان عضوياً وتنظيمياً”.

 

الحرية والتغيير

واستنكر البيان إغفال خطاب مالك عقار إلى الحرية والتغيير لـ “القضية الأكثر جوهرية وهي الموقف من الانقلاب والثورة الذي يتعارض مع مبادئ وخط الحركة وتقاليدها السياسية”. وأشار إلى أن هذا الموقف يكشف عن “نوايا مبيَّتة لإعادة ترتيب الحركة بما ينسجم ومصالح الانقلابيين، وهو ليس رفض للعمل مع الحرية والتغيير وإنما رفض لأي موقف ثوري منحاز للشارع ضد الانقلاب تتبناه الحركة”. وكشف البيان عن انخراط القادة المنشقون في حوارات طويلة مع تيار مالك عقار للحفاظ على وحدة الحركة وإقناعهم بتصحيح مواقفهم، لكن كل المحاولات باءت بالفشل”.

 

تفجُّر خلافات

وبدأت الخلافات في الشعبية بسبب المواقف بعد قرارات البرهان في (25) أكتوبر الماضي، وتفجَّرت بعد إعلان رئيسها مالك عقار،  تبرؤه من مشاركة قيادات الحركة في اجتماعات ائتلاف الحرية والتغيير، فيما كان نائبه عرمان، وقادة آخرين ضد الانقلاب الذي فضَّل عقار تقاسم السلطة مع منفذيه من قادة الجيش بذريعة تنفيذ اتفاق السلام.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى