المقترحات المصرية.. داعمة للعملية السياسية أم بديل لها؟

المقترحات المصرية.. داعمة للعملية السياسية أم بديل لها؟

تقرير- نجدة بشارة

كثفت مصر تحركاتها الدبلوماسية في السودان، مؤخراً عبر مقترحات  قالت  إنها ترمي لتسوية الأزمة بين الفرقاء السياسيين في السودان ومحاولة إقناع  عدد أكبر من الأطراف على الدخول في تسوية شاملة.

وبدأ الحديث عن مبادرة  لم تعلن القاهرة تفاصيلها، عندما زار مدير المخابرات العامة المصرية عباس كامل، الخرطوم، الأسبوع الماضي، مقترحًا، استضافة بلاده لقاءات بين الحرية والتغيير والكتلة الديموقراطية، لكن مقترحه اصطدم برفض الحرية والتغيير للاجتماع المقترح ودعوة القاهرة لدعم الاتفاق الإطاري وإقناع حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة بالانضمام إليه.

في الأثناء أثارت المقترحات المصرية الجدل في الأوساط السياسية بشأن  حقيقتها هل هي بديل للعملية السياسية الجارية أم مجرَّد خطوات تجاه دعم العملية السياسية في السودان؟..ويتصاعد التساؤل بشأن من يقف خلفها هل لحركتي العدل والمساوة وتحرير السودان يد في التحركات المصرية؟ أم مجرَّد أداة لإلهاء الأطراف السياسية عن الاتفاقية الإطارية؟ كل هذه الأسئلة وغيرها نبحث عن إجابتها في هذا التقرير .

بديل أم داعم؟

المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، قطع  بأن مصر ليست لديها مبادرة بديلة للعملية السياسية التي يقودها السودانيون.

وأكد يوسف في مؤتمر صحفي عقب ختام أعمال مؤتمر تجديد عملية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، أن السفير المصري أكد له دعم الحكومة المصرية للعملية السياسية الحالية، مشيرًا إلى بيان وزارة الخارجية المصرية بهذا الصدد، وتابع: “مصر ليس لديها مبادرة موازية ونرحب بكافة الجهود الدولية التي تدعم وتسهل العملية السياسية”.

تأييد ومساندة

أوضح القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير أحمد حضرة لـ(الصيحة) أن التغيير ردت عبر لقائها مع  المسؤولين المصريين بأن الاتفاق الإطاري قطع أشواطاً بعيدة ويقترب من نهاياته، ويحظى بتأييد وإجماع ودعم داخلي وخارجي ودولي وإقليمي كبير، وبلغوا  أن المطلوب  منهم دعم الإطاري في هذه المرحلة المفصلية.

وزاد: اعتقد صدر بيان من قبل الجانب المصري يدعم هذا الخط ويساند الإطاري، فيما يتعلق بمحاولات جمع شمل الحرية والتغيير مع حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان، قال حضرة: إن الحركات الأخيرة لها الحق المطلق للالتحاق بالاتفاق الإطاري لأنهم موقعين على اتفاقية السلام  ولايوجد مايمنعها من اللحاق بالموقعين، وأضاف: لكن حركة العدل والمساواة كانت لديها مساع للدخول في الإطاري ككتلة مع التحالف الديموقراطي، وهذا مارفضته الحرية والتغيير.

وقطع بأن المقترحات المصرية لن تكون بديلة وليست موازية للعملية السياسية.

تدوير العجلة للوراء

في تعليق للوزير السابق والكاتب فيصل محمد صالح، في صفحته بـ”الفيسبوك” قال: إن المبادرة المصرية، متأخرة جداً، فالأزمة السياسية بالبلاد تراوح مكانها، في صورتها الحالية، لحوالي العام والنصف، والتطور الذي حدث، بفتح باب التفاوض بين المكوِّن العسكري الذي قام بالانقلاب على الفترة الانتقالية وقوى الحرية والتغيير، مضت عليه أشهر، وحدث التوقيع على الاتفاق الإطاري قبل شهر من الآن. لهذا فإن الموقف المصري المتأخر يبدو وكأنه يريد إعادة العجلة للوراء لتناسب ردة فعله المتأخرة.

وقال: هذا التأخير في الموقف المصري يضعنا أمام أحد احتمالين، أما أن مصر الرسمية لم تكن تتابع الوضع في السودان، ودخلت في غفوة لم تفق منها إلا الآن، وهذا أمر مستبعد، لأن الجميع يعرفون أن لمصر عيون وآذان تتابع الوضع في السودان، وبالتالي فهي تعرف كل ما يجري، وإما أن مصر كانت لها خططاً أخرى تظن أنها ستقود الأمور في الاتجاه الذي تريده، ولكن اتضح لها أن هذه الخطط غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، فجاءت تهرول علها تدرك العربة الأخيرة في قطار مسار العملية السياسية التي قطعت أشواطاً بعيدة، وهذا هو الاحتمال المرجح.

ويرى مراقبون أن الاقتراح المصري بالدعوة لاجتماع الفرقاء السياسيين في القاهرة معمماً، وغامضاً، ويعطي إيحاء بأن المعضلة الوحيدة أمام الفرقاء هي مكان اللقاء، فتبرَّعت به القاهرة، رغم أنها تعلم بأن لقاءً مثل هذا كان متاحاً في الخرطوم من خلال الآلية الثلاثية، وقد رفضته كل قوى الثورة، بما في ذلك قوى الحرية والتغيير التي لا ترفض التفاوض من حيث المبدأ، لكنها تعترض على ما أسمته بـ “إغراق” العملية السياسية بقوى وكيانات لا علاقة مباشرة لها بالأزمة التي نجمت عن الانقلاب العسكري.

هل تقدِّم القاهرة جديداً؟

يجيب صالح بالتأكيد لا، ليس أكثر من بيان الترحيب بالاتفاق الإطاري الذي صدر بعد يوم من التوقيع، ثم انخرطت في صنع البدائل، ومنها إعادة السيد محمد عثمان الميرغني، للخرطوم على أمل أن يغيِّر في مسارات العملية السياسية عبر إدخال حزبه، أو ما تبقى منه، في الكتلة الديموقراطية التي تضم جبريل ومناوي وأردول. بالتالي فإن الاقتراح المصري يهدف مرة أخرى لإدخال الكتلة الديموقراطية الحليفة لها عبر اجتماع القاهرة، أو تعطيل المضي في خطوات العملية السياسية حتى تستطيع القاهرة أن تمسك ببعض مفاصلها.

نأتي إذن لسؤال مفصلي، هل من المصلحة إبعاد القاهرة تماماً من ملف العملية السياسية في السودان الذي تنشط فيه قوى إقليمية ودولية ليست أقرب للسودان من مصر، لا بأحكام الجغرافيا ولا التاريخ ولا المصالح؟ وهل من حقنا أن نحتفل لأن القاهرة تبدو الآن في خط معاكس للعملية السياسية الجارية الآن، وللجهود الأخرى لإنهاء الوضع الانقلابي؟

الإجابة بالتأكيد لا، ليست من مصلحة السودان ولا مسارات إنهاء الانقلاب بكل الوسائل الأخرى، أن تكون القاهرة في الضفة الأخرى، لكن بالمقابل يمكننا أن نطرح سؤالاً مهماً آخر وهو من وضع القاهرة في المسار الآخر، هل صنَّفتها قوى الثورة السودانية اعتباطاً، أو كان هناك تآمر إقليمي ودولي وضع القاهرة في هذا الموقف، أم أن السلطة المصرية بأجهزتها المختلفة هي التي بنت مواقفها على حسابات خاطئة وضعتها في المكان الخاطئ من التاريخ.

أن تأتي متأخراً

يرى المحلِّل الدبلوماسي السفير الطريفي كرمنو في حديثه لـ(الصيحة) أن المبادرة المصرية رغم أنها جاءت متأخرة، لكن أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي حسب قوله.

وأوضح أن القاهرة تنظر إلى التطورات السياسية في السودان لجهة أن أمنها القومي مرتبط في جنوب الوادي مرتبط بالأحداث السياسية واستقرار السودان، وبالتالي فإن المبادرة المصرية لا تقل أهمية عن المبادرات الأخرى المطروحة في الساحة لاسيما الأممية والإقليمية .

فيما أشار إلى أن الخرطوم كانت تنتظر الكثير من القاهرة فيما يتعلق بدعم ومساندة المبادرة السودانية الإطارية للوصول إلى حل للأزمة الراهنة وربما المبادرة المصرية لها ما بعدها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى