صلاح  الدين عووضة يكتب : وأنــا!!

14 اغسطس 2022م

أو الأنا..

في مواجهة الآخر..

هذه خلاصة تلخيص مرير لذواتنا… وحياتنا… وتاريخنا؛ والحقيقة قد تكون مرة..

ويكفي أن ننظر إلى (الأنا) بدواخلنا..

فسوف نجد أنها تستسهل محاكاة (الآخر)؛ في كل الذي تحسد عليه الآخر هذا..

تحسده أولاً… ثم تغار منه… ثم تشرع في تقليده..

فالحسد – كالمحاكاة – ظاهرة سودانية تفوق بنسب متفاوتة ما لدى شعوب أخرى..

وقد أشرت إليها – مرةً – مثلما فعل العلامة عبد الله الطيب..

وإن كانت إشارتي من زاوية المعايشة فإن حديث الراحل تم من زاوية تاريخية..

قال إن أشد قبائل العرب حسداً هي التي هاجرت إلى بلادنا..

ثم تطبع بطبائعها من صاهروها منا؛ وانداح الأثر… والتأثير… والتأثر..

وهي – إلى جانب ظواهر أخرى – تفسر أسباب حالنا الآن..

فحين تغلب الطبائع السالبة على الإيجابية تتباطأ مسيرة النمو؛ في كل شيء..

في السياسة… في التنمية… في السلوك… وحتى في الرياضة..

وعلينا بنقد صادق لـ الأنا الجمعي إن كنا نود خيراً لأنفسنا… لبلادنا… للأنا..

وربما كانت الأنا التي تخصنا أقرب إلى التفسير الفرويدي..

ومن ثم فهذا يفسر جانباً من عللنا التي أتحدث عنها؛ من منطلق نفساني بحت..

ومعروفة نظرية فرويد عن الـ(Ego)… والـ(Id)..

والتاريخ الذي لا يكذب – ولا يتجمّل – يثبت بعضاً من صحة كلامنا هذا..

فبلادنا سارت أولى خطوات التحضُّر إبان حقبة التركية..

وعرفت لأول مرة الديوانية… والإنشاءات… والتخطيط… والتنمية… والبنى التحتية..

وما قبل ذلك كانت حقب من سيادة الأنا العشوائية..

ومع هذه العشوائية ميل إلى العنف… والحسد… والأنانية… وحب الشهوات..

شهوات السلطة… والبطن… والفرج؛ وراجعوا كتابات الرحالة..

فجميعهم بلا استثناء – قديماً وحديثاً – أفاضوا في الحديث عن طبائعنا هذه..

ثم توقفت مسيرة التحضر فور سيطرة الخليفة على البلاد..

وكانت الأنا الأنانية – ذات القسوة – هي الصفة الغالبة في مناحي الحياة كافة..

وظلّت العاصمة – طوال تلكم الحقبة – محض قرية بدائية..

ثم تواصلت مسيرة التحضر ما إن جاء كتشنر..

وكانت البداية بسكة الحديد… ثم مباني الدولة… ثم تعبيد الطرق… ثم كلية غوردون..

ومنذ الاستقلال – وإلى الآن – ظلت خطوات تحضرنا تتعثر..

وهذا ما كان تنبأ به المستعمر وهو يهم بمغادرة بلادنا جراء نزعة الأنا بدواخلنا..

قال إن السودانيين لن يتغيروا ما لم يغيروا ما بأنفسهم..

والذي بأنفسنا هذا هو الحقد… والغل… والحسد… وكره الآخر… وحب الأنا..

فكانت النتيجة أن دُمر السودان – بأخلاقه – تدميراً شبه كامل..

بينما دولٌ نالت استقلالها معنا – أو بعدنا – تجاوزتنا بمراحل في سكة الحضارة..

وبقينا نحن في محطة الانتصار للأنا… على حساب الآخر..

ونحن نكثر من الطرق على هذه القضية علنا ننتبه إلى أنفسنا؛ إلى أس مشكلتنا..

ولكنا لا نفعل أبداً… لا أحدٌ منا ينظر إلى ذاته..

فليتنا نجتهد في مُحاولة التخلُّص من النزعة المدمرة للأنا – والآخر – معاً هذه..

أنت….. وهو….. وهي..

وأنـــا!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى