إعلان تحالف جديد.. فرز وغربلة (الكيمان)

 

 

تقرير: عوضية سليمان   26 يوليو 2022م

ربما لم يتفاجأ المراقب السياسي من إعلان الحزب الشيوعي للتحالف الجديد الذي سُمِّي بقوى التغيير الجذري لجهة أن الشيوعي  قد فض تحالفه مبكراً من قوى إعلان الحرية والتغيير، وبدأ في الترتيب لإعلان تحالفه الجديد  الذي ضم معظم القوى الرافضة للتسوية مع المكوِّن العسكري. ووفقاً للإعلان فإن التحالف الجديد كما يراه المراقبون هو تكريس للخلاف السياسي الموجود بين القوى السياسية والذي راهن عليه المكوِّن العسكري حتى يسلمه السلطة وفقاً لاتفاق القوى السياسية، فهل ينال التحالف الجديد إجماع القوى السياسية كافة أم يكون تكريساً للخلاف السياسي وبالتالي يضاعف من معاناة القوى المدنية؟  وهل سينجح الحزب الشيوعي في قيادة التحالف الجديد وقيادة البلاد إلى بر الأمان أم هو عمليه تعقيد إضافي للأزمة؟ خاصة أنه رفع شعار التغيير الجذري والتمسُّك باللاءات الثلاث التي يحاول الجميع الخروج من مربعها وإيجاد حلول ممكنة للأزمة؟

بناء تحالف قاعدي  

وكان تحالف قوى التغيير الجذري قد أعلن عن نشاطه الجديد، وأكد التزامه الكامل بمواصلة  النضال السلمي المشترك مع كافه جماهير الشعب السوداني التي قال إنها  لا تساوم في العمل من أجل التغيير السياسي والتصدي لقضايا البناء وتحقيق الاستقلال الوطني السياسي والاقتصادي، وشدَّد التحالف على أهمية تقديم دعوة وطنية لكافة القوى الثورية الجذرية متمثلة في لجان المقاومه بالعاصمة والولايات واتحاد المزارعين وتنظيماتهم بجانب تنسيقيات النازحين وكافة التجمعات الثورية بمواقع العمل وحثها على ضرورة الانخراط في عمليات التغيير الجذري بمجالات انشغالها سواءً كانت بالأحياء أو أماكن العمل بغرض التنظيم للوصول إلى بناء تحالف قاعدي منحاز إلى مصالح الجماهير. وشدَّد التحالف في البيان التأسيسي على ضرورة العمل  من أجل تفكيك بنية الانقلاب وإنهاء تدخل المؤسسات العسكرية في العمل السياسي وتبني خطة عمل تعمل على ترسيخ بناء السلطة للشعب وفقاً للخيار الديموقراطي.

تغيير شامل

وقال السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد الخطيب لـ(الصيحة): إن تكوين التحالف الجديد يضم الأحزاب السياسية المؤمنة بفكرة التغيير الجذري والنقابات ولجان المقاومة والتنظيمات المدنية التي حملت السلاح دفاعاً عن قضايا مناطقها دون ذكر أسماء, وأكد الخطيب أن قوى الحرية والتغيير بشكلها القديم لن تكون جزءاً من التحالف لأنها تمثل مصالح طبقات اجتماعية متعايشة مع النهج الإنساني، وأضاف أن التحالف يضم كل القوى السياسية المؤمنة بالتغيير الجذري والرافضة لأفكار التسوية.

الخط المعارض

وقال الخطيب: إن الخط المعارض قبل سقوط النظام انقسم إلى اثنين الأول تبنى فكرة التغيير داخل النظام وهو ما أطلق عليه قوى الهبوط الناعم، والآخر اختار طريق الثورة لإسقاط النظام وقد نجح التيار الثاني, وأضاف  بقوله: الثورة بعد السقوط انحرفت بفعل الشراكة بين العسكر وقوى الهبوط الناعم, لذلك تدهور الوضع وأثر ذلك على مختلف الصُعد السياسية والأمنية والاقتصادية مما يستدعي توحيد القوى الثورية الحية لإسقاط الحكومة واستلام السلطة, وتنفيذ مشروع تغيير جذري شامل, وأضاف أن البلاد عاشت أسوأ أيامها بعد الشراكة لذلك التغيير الجذري يقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية وإنهاء الحرب وعدم التفريط في سيادة البلاد, وأكد على التشديد في تحقيق التداول السلمي للسلطة وبناء الدولة الديموقراطية، وقال: إن الوضع الحالي ضعيف يعاني من انقسامات داخلية وأن السودان كله في وضع ثوري خارج إرادة القوي السياسية .

فرز وغربلة

وفي ذات السياق أكد المتحدث باسم تجمع المهنيين دكتور وليد علي لـ(الصيحة): إن تكوين التحالف الجديد للتغيير الجذري بمثابة فرز وغربلة ما بين قوى التغيير الجذري والقوى الأخرى الساعية للتسوية, كذلك هو فرز وغربلة لما  يجري الآن من تسوية وثورة, ومن هنا يتم الاختيار مابين  التسوية والثورة, وأضاف: إن التحالف هو قوى الثورة وأن تعريف الثورة هو التغيير الكامل لكل النظام, بالتالي يؤكد محاكمة المجرمين، مبيِّناً  أن الخلاف سيكون مع المجموعة غير الملتزمة بقرارات الثورة, موضحاً  أن التغيير الجذري سيكون ضد المجموعة التي لم تلتزم بلاءات الثورة. وقال إن التحالف يغيِّر من حالة الخلاف ويطرح اتفاقاً جديداً يؤمن على لاءات الثورة، وكشف عن تجويد العمل القاعدي  للمنظمات القاعدية والسياسية والشعبية كي تساهم في تشكيل سيادة واضحة المعالم, وهذه هي المناط بها لاستلام السلطة وتحديد من يستلم السلطة بعد إعلان   التحالف الجذري.

تعقيدات المشهد

ولكن وزير شؤون مجلس الوزراء السابق خالد عمر، أقر في تصريحات منشورة بأن أكبر إشكالات المرحلة الانتقالية تمثلت في صراع المدنيين ضد بعضهم البعض ورهن في الوقت ذاته إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية باقتناعها بضرورة الانخراط فيه، وقطع باستحالة تحقيق ذلك إذا ظلت المؤسسة العسكرية موحدة ضد الإصلاح واتهم النظام البائد بالاستثمار في تصوير المشكلة بأنها عداء بين المدنيين والعسكريين. وقال:  المدنيون اشتغلوا ضد بعض ولم ينحصر ذلك في مكتب رئيس مجلس الوزراء السابق د عبدالله حمدوك والقوى المدنية أغلبها عملت ضد بعضها ورجح أن ذلك إما بسبب التنافس السياسي أو ما وصفه بانفصام الشخصية وحذَّر من مغبة ذلك، وأردف قوى التحوُّل المدني لابد أن تفهم أنها متى ما اشتغلت ضد بعضها (الغول ح ياكلا كلها ماح ياكل واحد ويخلي واحد) وشدَّد على ضرورة إدراك أن العلاقة بين المدنيين والعسكريين ووضعها في إطارها الصحيح قضية معقدة ولن تحل في عام أو عامين، و(تابع): سقراط ذكر أنه واجهته معضلة تعامل المدنيين مع العسكريين فهذه قضية منذ فجر التاريخ، والحديث عن أن المدنيين والعسكريين ليسوا (حاجة واحدة) غير صحيح فهم يتأثرون بالشراكة الاجتماعية الموجودة بالبلاد .

انسحاب الجيش

وأكد عمر عدم إمكانية انسحاب الجيش من العملية السياسية بالبلاد، لأن القوات المسلحة حكمت السودان 52 عاماً، ولن تخرج من العملية السياسية، وأردف: القوات المسلحة لن تخرج بالأمنيات ولا بالكلام. ولفت إلى أن التعقيد الموجود في المؤسسة الأمنية والعسكرية لا ينحصر فقط في وجود الجيش في السياسة وإنما في وجود جيوش موازية بالإضافة إلى سيطرة النظام البائد على المؤسسة العسكرية بجانب وجود تداخلات إقليمية فيها. ونوَّه إلى أن الإصلاح الأمني والعسكري لا يقوم به مدنيون داخل المؤسسة العسكرية ويحدِّدوه بمزاجهم، وتابع: لو لم تكن المؤسسة العسكرية نفسها على قناعة بأن تنخرط في عملية الإصلاح  فلم يتحقق  أي إصلاح، وطالب قوى الثورة بوضع الإصلاح كأولية والاتفاق على خطة واحدة، وأكد أن هذه العملية تعتمد على تعاون مشترك بين المدنيين والعسكريين.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى