سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع

17 يوليو 2022م

ساورا وعاطف السماني.. العودة الحلوة!!

(1)

لم يكن يوم الأربعاء الماضي .. يوماَ عادياً في تاريخ الأغنية السودانية .. ففي ذات اليوم وعلى منتزه (سودان كافيه) قدمت فرقة ساورا أول عروضها الغنائية بعد وقفة طويلة .. وتلك الوقفة شكلت فراغا عريضا فيما يخص مسيرة مجموعة ساورا الغنائية .. وهو توقف ساهمت فيه الكثير من الإشكالات التي تخص الفرقة ذات نفسها أو في عموميات راهن البلد .. ولكن الإيمان بفكر المجموعة وروحها الإبداعية الطاغية كان بعثاً ونبشاً لتاريخ عريض للمجموعة التي حفرت عميقاً في وجدان الشعب السوداني عبر جداريات غنائية مثلت تحولاً مهماً في مسيرة الغناء الجماعي في السودان .. وأغنيات مثل وطني.. تومة .. من أجل صباح .. وردة ومنديل .. الشجر .. هذه النماذج الغنائية لا يمكن القفز فوقها وتجاوزها .. فهي مثلت تجديدا في المفاهيم الغنائية من حيث المفردة الشعرية ذات الطرح المغاير والمتجدد .. كما أن ساورا لحنيا تمردت على النمط السائد في الموسيقى السودانية وأنتجت شكلا خاصا بها لا يشابه الآخرين وذلك يتمظهر بوضوح في ألحان التقدمي الراحل ربيع عبد الماجد وفي ألحان الملحن والمغني هشام كمال وفي فتوحات الهادي جمعة وعبد اللطيف ضرار وغيرهم من الذين تعاونوا مع الفرقة لحنيا او شعريا .. لكل ذلك تمثل عودة ساورا للمسارح هي عودة الروح لتلك المسارح ولجمهور متعطش ينتظرها على حواف الصبر ولجيل جديد لا يرضى بالطرح الغنائي العادي فهو يرفض غناء (التعسيلة والغمدة) وكل الأنماط الغنائية التقليدية .. لذلك مجموعة ساورا الآن في وضعية تتطلب الجدية أولا على مستوى الترابط الاجتماعي وضرورة الابتعاد عن كل ما يجعل الفرقة تتشتت وتنهار كحال العديد من الفرق والجماعات الغنائية التي انهارت بسبب التفكك الاجتماعي.

بتقديري الخاص جداً.. فرقة ساورا تمتلك كل ما يؤهلها للاستمرار .. ولديها أرضية صلبة من جمهور وفيٍّ مازال ينتظرها رغم التوقف الطويل.. وهذا العشق غير المحدود بإطار زماني أو مكاني يتطلب من الفرقة (رد الجميل) لكل من صبر ومازال متمسكاً بغنائية الفرقة.

(2)

الأغنية المشهورة بمقطعها الأول ( يا قلبي يا مكتول كمد) هي واحدة من عيون الغناء السوداني وهي تؤكد على براعته كملحن مقتدر، ولكن حمد الريح مثل زيدان فهما رغم مقدراتهما اللحنية العالية ولكن فتحا تجاربهما لأصوات لحنية أخرى كعمر الشاعر وناجي القدسي والعاقب محمد الحسن وعبد اللطيف خضر ود الحاوي .. لذلك اكتسبت تجاربهما ميزة التنوع في مدارس لحنية مختلفة .. وأغنية إلى مسافرة هي واحدة من منظومة شعرية مدهشة للشاعر عثمان خالد .. الصيدة لمحمد ميرغني .. سلافة الفن للبلابل .. بتقولي لا لعبد العزيز المبارك .. ننساك لصلاح بن البادية .. كل ذلك على سبيل الذكر وليس الحصر .. ولكن تظل أغنية إلى مسافرة هي الأكثر شيوعاً ورددتها حناجر الكثير من الأصوات الشبابية الجديدة كحال المطرب (عاطف السماني) الذي تغنى بها في برنامج أغاني وأغاني في رمضان المنصرم .. وأبدع عاطف السماني كعادته في تقديمها وأبرز فيها مهاراته الصوتية العالية ومدى قدرته في التحرك بكل سلالة في كافة سلالم النوتة الموسيقية صعودا وهبوطا .. مما يؤكد على أن عاطف السماني بدأ أخيراً في اكتشاف نفسه كفنان متمكن ومقتدر وصاحب لونية أدائية خاصة تكاد تقترب من الأسطورة النور من حيث طريق العرض والاستعراض والحيوية في الأداء .. ولعل عودة عاطف السماني بهذه القوة هو مكسب كبير للساحة الفنية التي تعاني من جودة الفنانين .. وعاطف من المؤكد سيضفي روحاً جديدة ولوناً مختلفاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى