محمد خيري أحمد.. مبدع من طينة الدهشة!!

من فرط إبداعه جعل كل أسرته ذات طعم إبداعي خاص

 

 

(1)

محمد خيري أحمد .. مبدع من طينة الدهشة .. مبدع متجاوز في كل تفاصيله .. كان صوته الفخيم الرخيم هو علامته الأولي .. صوت ينتمي للجاذبية والقدرة على التواصل مع الأذن .. مثل محمد خيري أحمد حالة إبداعية خاصة لكونه ممثلاً يستطيع أداء أصعب الأدوار الدرامية .. كان مبدعاً خلاقاً .. وهو من فرط إبداعه جعل كل أسرته ذات طعم إبداعي خاص .. ويكفي أن نؤشر على التومات إيمان وأماني لنقول ذلك يكفي جداً ولا يكفي أيضاً .. رحل محمد خيري قبل عامين .. ولكنه ما زال حاضراً يوقع في دفتر الحضور .. في السطور التالية نحاول أن نضئ على بعض سيرته الذاتية العطرة:

(2)

ولد محمد خيري احمد في يوم 1/2/1935م بحلة حمد بالخرطوم بحري من اسرة ذات أصول محسية تعود جذورها الى جزيرة بدين بالشمالية .. وبعد ذلك بفترة بسيطة رحلت أسرته الى حي الدناقلة جنوب، حيث استقرت في ذلك الحي العريق غرب سوق الدناقلة جنوب .. بدأ دراسته بخلوة المريوماب وخلوة الفكي حسين بميدان عقرب ومدرسة بحري الابتدائية واتم دراسته الثانوية بمدرسة الكلية القبطية في العام 1953م . وبعد تخرجه عمل مدرساً بعدد من المدارس ببحري ثم التحق بوظيفة كاتب بمشروع المعونة الامريكية وبعد انتهاء المشروع عمل موظفاً بمكتب الخطوط الجوية الإثيوبية وترك العمل به عند نهاية الستينيات ليعمل موظفاً بالتأمينات الاجتماعية حتى بلوغه سن المعاش في نهاية الثمانينات.

(2)

بدأت بذور الفن تتشكّل لديه منذ وقت مبكر وفي تلك الفترة من خمسينات القرن الماضي شاركت بحري في الحركة المسرحية السودانية وكان بها أكثر من فرقة مسرحية تضم شباباً من هواة فن المسرح وكان ألمع هؤلاء الشباب محمد خيري أحمد والمرحوم عباس محمد عثمان شقيق الفنان التشكيلي المرحوم رضا محمد عثمان وسيد كامل (المحامي فيما بعد) والد المذيعة التلفزيونية ندى سيد كامل وثلاثتهم من حي الدناقلة وأول دور مسرحي قام به في بداياته كان في مسرحية قراقوش .. واستمر عطاؤه الفني بصفة متعاون فقط ولم يقم بامتهان مهنة التمثيل مُطلقاً وقد أعطته صفة الهاوي الممارس مساحة للاختيار والتجويد في كثير من أعماله الراسخة في أذهان الذاكرة السودانية.

(3)

شارك في التمثيل في أول مسرحية سودانية تُعرض بالمسرح القومي بأم درمان في يوم 22/10/1967م وهي مسرحية المك نمر والتي قام بتأليفها الشاعر الراحل ابراهيم العبادي ويعتبر هذا اليوم من اخلد ايام المسرح السوداني في عهد مديره الذهبي (ابو المسرح السوداني) الفكي عبد الرحمن وكان هذا العمل بداية انطلاق محمد خيري احمد لتتوالى أدواره الإذاعية والتلفزيونية والسينمائية.

(4)

من أدواره السينمائية فيلم عرس الزين لمؤلفه الطيب صالح ولمخرجه الكويتي خالد الصديق وفيلم بركة الشيخ والذي تم عرضه قبل عدة أعوام في التلفزيون والذي نال إعجاب المشاهدين وذلك لاكتمال عناصر العمل الفني فيه .. ومن أدواره المسرحية مسرحية المهدي يحاصر الخرطوم ومسرحية هو وهي مع علي مهدي وتحية زروق وسبانا الحالم وود ضيف الله يأسف لما حدث .. ومن المسلسلات التلفزيونية البيت الكبير وبيوت من نار .. ومن أدواره الإذاعية قلوب من خشب واشتري وخزن والطوفان للشاذلي عبد القادر وحكاية تحت الشمس السخنة لصلاح الدين الفاضل وهذا على سبيل المثال وليس الحصر.

(5)

اشتهر بتقديم عدد من مقدمات البرامج الإذاعية وذلك لتميزه بصوت قوي وجهوري مثل برنامج ظلال للدكتور حسن أبشر الطيب وبرنامج تحية واحترام للدكتور تاج السر عطية وكانت له فقرة فكاهية في السهرة التلفزيونية تحت الأضواء للمذيع التلفزيوني حمدي بولاد واشتهر في تلك الفقرة بأداء دور (حاج فريني) والذي أصبح يطلق عليه فيما بعد.. تميز الراحل بمواهبه الفنية الأخرى حيث كان يجيد النحت والرسم، وفي ذلك تحضرنا إقامته لمعرض للوحاته في مدينة القاهرة في العام 1953م وفي تلك الفترة كان يدرس بالكلية القبطية وتمت دعوته بواسطة وزارة المعارف المصرية وقد كان لسفره لذلك المعرض سببٌ في عدم دخوله للجامعة.

(6)

ثم تلاه بمعرض آخر كان من المفترض ان يشارك فيه في دول اوروبا الشرقية ضمن وفد لاتحاد الشباب السوداني ولكن تحت ضغط ورفض والده اكتفى بأن يبقى بالسودان على ان يأخذ الوفد أعماله للعرض .. كان يبدو خلال البروفات وكأنه لم يحفظ دوره جيداً ولكنه إذا صعد الى المسرح استعاد كل كلمة من حوار المسرحية . توفي محمد خيري احمد في يوم 15 / 6 / 2008م ودفن بمقابر حلة حمد، نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة.

**********

كلام في الفن.. كلام في الفن

يوسف الموصلي:

ميزة الموصلي عن الآخرين أنه فنان (مغن) و(ملحن) و(موزع) .. ذلك يعني بأنه مبدع متكامل الأضلاع وان انهار ضلع فبقية الأضلاع مموجودة تؤكد على أنه لن ينسحب عن المشهد الفني حتى ولو كان في جزر الواق واق .. وأمثال الموصلي يفرضون علينا الاحتفاء بهم لأنهم مثل الظواهر لا تتكرر إلا مائة عام.

محمد أحمد سوركتي:

سوركتي من الشعراء الذين يتمتعون بمفردة بسيطة ولكنها في ذات الوقت تحتشد بالمعاني والمضامين المغايرة .. واذا توقفنا فقط في أغنية على قدر الشوق نجد أنها عبارة عن كبسولة فكرية مضغوطة حشد فيها سوركتي العديد من المضامين والأفكار رغم أن النص كلماته معدودة على أصابع اليد الواحدة.

عثمان محيي الدين:

الاهتمام بالجانب التعبيري عند عثمان محيي الدين يتضح في كل ثنايا مؤلفاته الموسيقية.. فهو دائماً يسعى للسيطرة على التركيبة النغمية  ليس من خلال تحجيم محتوياتها الشعورية والفكرية ولكن من خلال التناسق في التعبيرية مع الموسيقى وهذا ما يمنح العمل الموسيقى قوة تمشي في ذات اتجاهات النص الشعري.

عاطف خيري:

وصفه سعد الدين ابراهيم بأنه شاعر “مجنون” وأنه آخر شاعر له خاصية المغايرة وانه أصبح مدرسة شعرية رغم حداثة سنه وتجربته، وعاطف بالفعل قصائده تؤكد بأنه شاعر جديد في كل مفاصله وتفاصيله ويكفي أن مصطفى سيد أحمد تنبه له وغنى له العديد من القصائد ذات الشكل المختلف، ورغم الثورة التي أحدثها عاطف خيري في جسد الشعر ولكنه الآن مختف تماماً ويكاد يكون بلا أثر، فأين اختفى هذا الشاعر البديع.

علي السقيد:

حينما كان طالباً في كلية الموسيقي والدراما كان علي السقيد طالباً مميزاً وتخصّص في قيادة الأوركسترا، وتوقع الجميع أن يتم استيعابه كأستاذ بالكلية ولكن ثمة مؤامرة حدثت فابتعد، ولكن علي السقيد أراد لتجربته أن تمشي في خط الثقافة والغناء الجديد، ولكن ضاقت به البلد فهاجر الى أمريكا وعاش فيها زمانا طويلا ثم عاد، ولكن ثمة أسباب غير معلومة تجعل أغنياته في حالة غياب تام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى