المُتحدِّث الرسمي باسم لجان المقاومة السودانية طه عواض لـ(الصيحة): تقارير الإصابات منذ الخامس والعشرين من أكتوبر تجاوزت المليون إصابة

 

حوار: آثار كامل      17 يوليو 2022م

 

تسارعت الأحداث عقب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، التي أحدثت حالة طلاق بين الشارع والقوى السياسية والحزبية، وأنتج ذلك تأسيس لجان المقاومة لميثاق سلطة الشعب       وتدشينها حقبة جديدة من الممارسة السياسية القاعدية، وإعلان حقبة جديدة عنوانها أن الشعب هو من يقرِّر مصيره، وظلت قوى الشارع التي تقودها لجان المقاومة متمترسة، في موقفها الرافض تماماً لأي تفاوض أو شراكة مع العسكريين، وضد أي عملية إعادة إنتاج للأزمة في البلاد بالبحث عن وضع دستوري جديد.

(الصيحة) استنطقت الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة، طه عبد السلام عواض،  حول ما يدور -الآن- وما ورد في ميثاق سلطة الشعب، فماذا قال:

 

-بعض القوى المدنية تطالب بإسقاط الانقلاب وترفض إعادة  تجربة الشراكة مع العسكر، هل هذا يكفي أم أن المسألة جوهرية تطال بنية النظام السياسي كلياً؟

 

الشراكة مع العسكر أخطاء تاريخية وقعت فيها القوى السياسية منذ الاستقلال (56)،  بعد اختلاف الحزبين الكبيرين آنذاك، أدى الاختلاف إلى تسليم السلطة إلى العسكر ومن ثم دخول المؤسسة العسكرية شريكاً سياسياً، وهذه المسألة تتابعت من خلال الانقلابات العسكرية التي أثَّرت عليها القوى السياسية، ونجد أن هذه القوى تحالفت مع المؤسسة العسكرية في بعض الحقب التاريخية (عبود, نميري والبشير)، وأدى هذا التحالف إلى انقلابات عسكرية بعضها نجح وبعضها فشل وبالتالي حكم الشعب السوداني أكثر من (54) عاماً، من الحكم الشمولي العسكري بتواطؤ من القوى السياسية، لذلك القوى المدنية في هذه المرحلة تحديداً تحاول أن تصل إلى التغيير الجذري وهو إبعاد المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية وإرجاعها إلى دورها الأساسي في عمليات الدفاع والأمن، وهذا جوهر المسألة التي تدور _الآن_ حول اللاءات الثلاث، نجد أن لجان المقاومة رفعت شعار “لا شراكة” وإرجاع المؤسسة العسكرية إلى دورها الأساسي.

                                      

-كيف يمكن تحصين الثورة وقواها عن طريق تحقيق أهدافها المعلنة؟

بالتأكيد حماية الثورة وتحقيق أهدافها المعلنة هو حماية قوى الثورة نفسها، لأن هذه الثورة نتاج تراكم نضالي طويل خرج فيه الشعب السوداني ضد الشموليات منذ انقلاب عبود وحتى ما بعد انقلاب الجبهة الإسلامية في العام (89)، وظل الشعب السوداني يحاول أن يخرج من هذا النفق الضيِّق الذي حكم السودان، هذه النضالات المتراكمة أدت إلى رفع وعي الشعب السوداني في حقبات معروفة ما قبل ثورة أكتوبر وثورة أبريل وقبل ثورة ديسمبر، حيث وصل الشعب السوداني إلى قمة الوعي لمناهضة الشمولية.

 

-مقاطعة، وفق ما ذكرت ماذا حدث خلال الفترة الانتقالية؟

ما بعد تشكيل الحكومة الانتقالية في ثورة ديسمبر، حدث بعض التشظي ما بين قوى الثورة في اختلاف وجهات النظر بالنسبة للقوى التي شاركت العسكريين والقوى التي عارضت العسكريين والمدنيين الذين كانوا يقفون معهم في خندق واحد, هذا التشظي استفاد منه المعسكر الذي ليس له مصلحة في الثورة، وهو معسكر الجبهة الإسلامية (المؤتمر الوطني)، لذلك من الضروري جداً أن نلتفت إلى هذه العقبات التي تواجه قوى الثورة من خلال تشتيتها.  عندما ولدت ثورة ديسمبر قوى الثورة كانت تتفق على  هدف واحد وعدو واحد ولكن بعد فض الاعتصام ودخول القوى السياسية في معترك سياسي مع العسكر تشظت قوى الثورة في اتجاه البحث عن المخارج الآمنة لكي ينهض الشعب السوداني بالأمن والاستقرار، وأعتقد بأنهم جميعاً كانت لديهم مبرِّرات سواءً القوى التي شاركت أو القوى التي عارضت في تلك المرحلة بعد (25) أكتوبر، عادت هذه القوى مجدَّداً لكي تتفق على  إسقاط الانقلاب واستعادة التحوُّل الديموقراطي، بالتالي تحقيق أهداف الثورة هو في تجميع قوى الثورة وإبعاد كل القوى التي ليست لها مصلحة والتي  تحاول -الآن- أن تجد موطئ قدم مثل أحزاب النظام البائد وإعادة إنتاجه وبعض النخب الطفيلية والمتسلِّقة التي تُصنَّف بشعب كل حكومة وتحاول أن تستفيد من هذا الوضع الانقلابي.

-موقفكم ضد تسوية الآلية الثلاثية ورفض الحوار؟

الآلية الثلاثية تكوَّنت من القوى العالمية والإقليمية بما يخدم قضية الشعب السوداني، وهذه القوى تحاول -الآن- أن تجد مخرجاً لهذه الأزمة بعد انسداد الأفق السياسي، وبالنسبة لمسألة رفض الحوار فنحن لا نرفض الحوار من خلال صيغ الحوار ذات نفسه، فالحوار هو أحد الأدوات السلمية التي تنتهجها كل القوى المدنية في العالم، ولكن الحوار مع (من)؟  هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه، نحن من خلال اللاءات الثلاث التي أعلناها أكدنا ولا زلنا نؤكد بأن الأطراف التي تسيطر على الدولة تتمثل في اللجنة الأمنية السابقة التي كانت تحمي البشير وهي قوى سياسية فوَّضتها القوى السياسية ما بعد فض الاعتصام، هذه اللجنة الأمنية وقيادات المؤتمر الوطني المسيطرين على مركز القرار داخل المؤسسة العسكرية هم المعنيين بعدم التفاوض، فنحن لا نرفض المؤسسة العسكرية ونعلم تماماً بأن المؤسسة العسكرية يوجد بها شرفاء، يعرفون كيف يؤدون واجبهم، وقد وقفوا مع الشعب في ثورته العظيمة، ولكن أُقصوا بواسطة من يسيطرون على مراكز القرار، نحن لسنا ضد الحوار من حيث المبدأ، ولكن نرفض الحوار مع الذين نالوا ثقة الشعب وخانوه، لسنا جديرين بالجلوس معهم، هذه المسألة تقود إلى أن الآلية الثلاثية -الآن- تحاول أن تعطي شرعية للمعنيين بهذا الانقلاب وهذا ما نرفضه تماماً، لا نفاوض إلا في مصلحة الشعب السوداني.

 

 

-ميثاق سلطة الشعب هل عليه خلاف واسع؟

هذه المواثيق التي أخرجتها لجان المقاومة هي محاولة لفهم طبيعة الحال السوداني وقراءات المستقبل بشكل يضمن استقرار التحوُّل الديموقراطي وهي رؤى تعتبر ذات منتوج بشري، ودائماً يقبل الصواب ويقبل الخطأ، هي رؤى غير مكتملة باعتبار أن الرؤى هي مطروحة للجميع لكي يدلوا فيها بدلوهم، وبالتالي الحديث عن أن ميثاق سلطة الشعب ميثاق مكتمل، الميثاق لن يكتمل إلا بتوافق كل لجان المقاومة والقوى الثورية وتعديله بما يتوافق مع القاعدة الغالبة التي ترتكز عليها تلك القوى، وسيكون مُعبِّراً عن كل مكوِّنات الثورة.

 

-هل انقسمت لجان المقاومة، فالمواكب لم تعد كما كانت، تكتيكات القوات النظامية الجديدة حدَّت من تأثيرها، من ظلوا يخرجون لا يتعدى عددهم من كانوا يخرجون في حي واحد، هل يعني هذا أن قوى الثورة تتضعضع؟

 

الحديث عن أن المواكب لم تكن كما كانت من ذي قبل هذا ليس حقيقياً، المواكب لا زالت تشتعل في الشوارع،  لا زالت لجان المقاومة تنفِّذ جداول مواكب منضبطة بتكتيكات واضحة جزء منها مركزي وجزء لا مركزي، وأعتقد إذا كان هناك ضعف فإنه ينتج دائماً من عدم الاتفاق على مسارات محدَّدة وهذا الأمر اتفقت عليه لجان المقاومة وظلت تعمل من أجل توحيد اللجان الميدانية لإظهار المواكب بشكلها الحقيقي، أيضاً هنالك مسببات إذا تحدثنا عن ضعف المشاركة نجد بعض المواكب حدث بها حالات من الضعف ناتج عن استعمال القوة المفرطة من قبل القوات الأمنية، وكما نعلم تماماً أن المواكب هي آلية جماعية لإخراج الشعب السوداني لتحقيق أهداف معيَّنة لتوصيل الصوت، جزء كبير من المواكب لم تكن بذات الحشد ما لم تحتو على عدد كبير من المواطنين ولكن استعمال القمع المفرط واستعمال الرصاص الانشطاري أديا إلى تقليل المواكب بفعل الإصابات، وإذا نظرنا إلى تقرير الإصابات منذ الخامس والعشرين من أكتوبر، نجد أن العدد تجاوز المليون إصابة، وهذا أمر خطير نرجعه إلى أن القوات النظامية تستخدم الرصاص لتقليل عدد المواكب، ولكن نحن واثقين بأن الحريصين على التحوُّل الديموقراطي هم حريصون على الخروج، ولجان المقاومة -الآن- تتجه إلى تفعيل المواكب اللا مركزية وحماية المواكب من البطش والقمع المفرط.

 

 

-في بند الاستثناءات والاشتراطات تم استثناء كل القوى التي شاركت نظام الإنقاذ والقوى التي أيَّدت ما تم في٢٥ أكتوبر، والقوى التي شاركت سلطة انقلاب ٢٥ أكتوبر، هل هذا يعني أن الميثاق لم يُعرض على بعض القوى السياسية التي أيَّدت انقلاب البرهان، بل هناك قوى سياسية -الآن- تعمل في إيجاد حل وتقود تفاوضات، هذا يعني بأن الميثاق لا يعنيها؟

 

بخصوص الاستثناءات التي حدَّدها ميثاق الشعب ذكرت بأن ثورة ديسمبر لديها أصحاب مصلحة حقيقيين وهم الذين خرجوا وناهضوا نظام الإنقاذ بوصفه نظاماً سياسياً بُني على تحالفات مع أحزاب أخرى دعمها هذا الحزب أو ساعد في نشأتها، ولعل هذه الأحزاب هي أحزاب الوحدة الوطنية وأحزاب الحوار الوطني ومن شابهها من أحزاب وأن اختلفت في مسماها عن اسم المؤتمر الوطني، ولكن حملت ذات الصفات الدنيئة وهي حب السلطة والابتعاد عن رغبات الشعب، تلك الأحزاب أحزاب مصلحة لأنها جزء من  نظام الإنقاذ، لأنه نظام سياسي وظل حزب المؤتمر اللاوطني يتحالف مع أحزاب سياسية، فبالتالي عندما تمت إزاحة نظام الإنقاذ لابد من إزاحة كل الذين لديهم مصلحة في نظام الإنقاذ، لذلك أولئك الذين  لديهم مصلحة في بقاء نظام الإنقاذ هم الذين يحاولون -الآن- إجهاض المرحلة الانتقالية وقتل الثورة والدعوة للانتخابات المبكِّرة لكي يستفيدوا من عمليات الدعم، لذلك ميثاق الشعب حدَّد أصحاب المصلحة الحقيقيين الذين هم ظلوا في مربع معارضة المؤتمر الوطني ولم يتحالفوا معه ولم يكونوا جزءاً من مؤسساته، لذلك هم بالتأكيد ليسوا معنيين بثورة ديسمبر ولديهم واقع بعيد تماماً عن التحوُّل الديموقراطي، فكان لابد من أن ميثاق الشعب يحسم هذه المسألة وكل التشوُّهات عن القوى الثورية التي حاولت القوى الظلامية تشويه صورتها.

 

-اختلاف الدعوات لمليونية ٣٠ يونيو،   أصبحت ما بين ذكرى وما بين دعوات لإسقاط الانقلاب واستعادة المسار الديموقراطي المدني ورفض سياسات المكوِّن العسكري وتسليم السلطة للمدنيين وقيام الاعتصامات؟

بالفعل اختلفت الدعوات لميلونية الثلاثين من يونيو، ولكن كل الاختلاف كان يدور حول هدف محدَّد وهو ذات الهدف الذي خرجت من أجله قوى الثورة وأسقطت  نظام البشير، فالثلاثين من يونيو، يمثل ميلاد الشعب وهو بداية لواحدة من أسوأ الحقب التي مرت على الشعب من الظلام والشمولية والاستبداد والقمع والاتجار بالدين، فالتاريخ يتكرَّر على مدى هذه السنوات ولازال الشعب السوداني يحاول أن يخرج من نفق الشمولية، لذلك هي كانت تحدياً جديداً وماراثون آخر يقوده الشعب السوداني من أجل انتزاع السلطة من الانقلابيين، كل الاختلافات التي سيطرت على الثلاثين من يونيو، في المكوِّنات التي أطلقت الدعوات ولكنها اتفقت على أن يكون حدثاً جديداً يغيِّر في تاريخ الشعب ويكون بصمة واضحة من أجل الخروج من المأزق التاريخي الذي وقعنا فيه، لذلك تعدُّد الدعوات يؤكد أن هنالك أطراف عديدة لديها مصلحة واحدة هي تحوُّل ديموقراطي كامل الدسم بسلطة مدنية يقرِّر فيها الشعب من يحكمه عبر صناديق الاقتراع، ونجد أنها أنتجت اعتصامات، وهذه الاعتصامات كانت من أجل إرسال الرسائل الثورية وتثبيت قوة الثورة، ونؤكد مجدَّداً على  استمرارية الثورة المجيدة لأجل تحقيق الأهداف المنشودة في قيام مدنية الدولة التي تم طرحها على الساحة السياسية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى