صلاح الدين عووضة يكتب : زنقة!!

17 يوليو 2022م

زنقة… زنقة..

وليست زنقة الستات..

كما أنها ليست التي عناها القذافي حين طالب بحصار شعبه (زنقة زنقة)..

ولكنها من زنق… يزنق… زنقا..

وهي مفردة عربية فصحى؛ وتشمل المعنى هذا ذاته..

والسفسطائيون – قديماً – كانوا يجدون متعتهم في حشر مجادليهم في الزنقة..

حشرهم في الزاوية..

وهم من جماعة الفلاسفة؛ بيد أنهم انحرفوا بالفلسفة إلى لجاجة السفسطة..

وننحرف نحن اليوم أيضاً بمنطقنا إلى لذة (الزنق)..

فمن الناس – في زماننا هذا – من لا يقتنع بمنطق الفلسفة وإنما منطق السفسطة..

فلنهبط إليهم حيث هم؛ ما داموا لا يرتفعون..

ولنجادلنهم بمنطقهم هذا ذاته؛ (والحشاش يملأ شبكته) سفسطةً ممتعة..

وكما تحدثنا عن الفسافيس فهنالك فسفوسات كذلك..

وفسفوسة منهن ظنت أنها زنقتنا حين عابت علينا العمل بصحيفة حميدتي..

فقلت لها أليس هو (حميدتي الضكران الخوّف الكيزان)؟..

ولكن دعينا من هذا – قلت لها – ولأسألنك سؤالاً سوف يزنقك كما في السابق..

فسألتني بدهشة: وما هو هذا السابق؟..

أجبتها: أتذكرين اجتماعنا ذاك بصحيفة أجراس الحرية تمهيداً للصدور؟..

قالت نعم؛ وهي ما زالت تحت تأثير الدهشة..

وواصلت: أو تذكرين حين أشعلت سيجارة فغضبتِ أنتِ وأخريات؟..

أجابت بنعم أيضاً؛ ويرفُّ حاجبها اندهاشاً..

ومضيت أزنق – بزنقة الستات – وسألتها: وتذكرين إطفائي لها من أجلكن؟..

قالت نعم والدهشة تغمر محياها..

فقلت: ولكن حين أشعل صديقي وراق سيجارة من بعدي لم تحتج منكن واحدة..

لقد صمتُنَّ صمتاً نبيلا؛ قلت لها زانقاً..

ثم أضفت زنقةً أخرى: هل سيجارتي تنفث سموماً وسيجارة وراق بخورا؟..

أو تذكرين صغيرتي أو ربما لا تذكرين؟..

فخجلت… وسكتت… واتزنقت..

والحاج وراق هذا صديقٌ لم أر أنبل منه؛ خُلُقاً… وأدباً… وتعاملاً..

ونعتذر له أن أقحمناه في هذا الجدل السفسطائي..

ولكن للضرورة أحكامها؛ فما كان يمكن إقناعها إلا بسرد واقعةٍ بشخوصها..

حتى نبين لأمثالها مدى تناقضهم الأخلاقي..

ونزنقهم في زاوية المؤاخذة؛ نفاقاً… ورياءً… وتعدد أوجه… وكيلاً بمكيالين..

فقد بلغ سيل صبرنا على الفسافيس الزُّبى..

فلنجعلنه – إذن – سيل عرم؛ وعارماً… وعرمراً..

ولم تأخذني بالفسفوسة هذه رأفة..

ثم ألحقت زنقتي لها هذه بأخرى وسألتها عن الفرق بين الصيحة والانتباهة؟..

أجابت: الأولى لحميدتي… والثانية جريدة كيزان..

فقلت: ولكن جريدة الكيزان هذه يكتب فيها فلان المناضل الثوري الشرس..

وذلك إن كانت صحيفة كيزان فعلاً..

ونذكر اسمه كذلك؛ فهو الصديق – الحبيب – محمد عبد الماجد..

فلماذا لا تعيبون عليه العمل بصحيفة الكيزان؟..

سألتها وأنا استمتع بحصاري لها؛ كما كان يفعل السفسطائيون في السابق..

وكنت أتوق إلى مزيدٍ من المتعة..

إلا أنها – ولسوء حظي – خذلتني قبل أن تمتلئ شبكتي بلذيذ السفسطائيات..

فقد صمتت صمتاً أثار غيظي… وغضبي… وحنقي..

الفسفوسة!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى