صلاح الدين عووضة يكتب : وافر الوجود!

21 يناير 2023

أي كثيرة..

بمعنى أنه ليس نادر الوجود..

وكلمتنا هذه من وحي تساؤل رمى به في وجهي من تتوافر له أسباب السعادة..

أو هكذا أظن… وأحسب… بل وأكاد أجزم..

ورغم ذلك سأل: إلى متى تظل السعادة نادرة الوجود بحياتي والعمر يمضي؟..

وتنبّهت – حينها – إلى أنني أشاطره التساؤل نفسه..

تنبّهت إلى أن الذي يبحث عنه مسائلي هذا أبحث عنه أنا بدوري زمناً..

والزمن يجري؛ ولساني يجري بالسؤال هذا..

ولا ندري – هو وإياي – أن ما نسأل عنه – ونبحث – بجانبنا طوال الزمن..

بل هو معنا… ومن أمامنا… ومن خلفنا… وبين أيدينا..

فنحن نفوِّت لحظات السعادة – ونتجاوزها – كل يوم لتضحى ذكرى ماضوية..

محض ذكرى حلوة؛ نتمنى أن لو تعود..

أي أننا لا نعيشها في وقتها انشغالاً من جانبنا بقادم أوقات قد تكون سعيدة..

حتى إذا ما صارت وراء ظهورنا تحسّرنا عليها

وننتبه – بعد فوات الأوان – إلى أنها كانت لحظات ذات سعادة جميلة..

فنظل نردد – بأسفٍ أسيف – عبارة الزمن الجميل..

يردده كل من أوغل في دروب العمر منا؛ رغم أن لكل لحظةٍ زمنها الجميل..

أو لا تخلو من سعادة؛ وإن كان هنالك منغصات..

فالعصافير ما زالت تشقشق… والنسيم يسري… والقمر يبزغ… والنيل يجري..

يجري جريان الأزمان؛ وسنوات الأعمار..

ورحم القدر ما زال يلد ذوي جمالٍ فيهم الكثير – والوافر – من الذين مضوا..

فيهم صفاتٌ… وسماتٌ… وأشباهٌ… وأمثالٌ..

والحب ما زالت قطوفهُ دانية – لمن يشاء ويرغب – تجاه ما في الوجود..

تجاه الجمال… والزمان… والمكان… والأشياء..

والشاعر إيليا أبو ماضي قال مسائلاً سلمى المكتئبة في قصيدته المساء:

أم خفت أن يأتي الدجى الجاني ولا تأتي النجوم؟..

وكذلك لا يستطيع أي جانٍ – من الزمان – أن يمنع عنا النجوم مهما طغى..

ولا الهواء… ولا السماء… ولا الغناء… ولا البهاء …

ولا النيل… والنخيل… والزروع… والضروع… والطِيب… ونسيم الهمبريب..

فليست نادرة الوجود – إذن – السعادة..

فقط علينا – وعلى سائلي هذا – أن نستشعرها في وقتها؛ ونحن شاكرون..

هكذا قلت مُخاطباً نفسي قبل محدثي..

ثم أضفت متذكِّراً: بالمناسبة نقاشنا هذا جعلني استحضر ذكرى قديمة..

ذكرى في كلمة؛ أو كلمة في ذكرى..

فقد كانت في حيِّز وجودنا الإلكتروني واحدة تسمي نفسها نادرة الوجود

وكانت ذات وجودٍ وافر على الوجود العنكبوتي هذا..

ثم طلعت بغتة – كما زيد في ألفية ابن مالك – من وجودنا الافتراضي..

وصارت اسماً على مسمى؛ نادرة الوجود..

وقلت ربما وجدت السعادة بعيداً عن نكد كلماتنا المُشبّعة بنكد واقعنا السياسي..

أو انتشلها من وجودنا هذا من رأت أنه يستحق ندرتها..

من رأت أنه نصفها الذي تبحث عنه؛ ويحمل – من ثم – معكوس اسمها..

وافر الوجود!.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى