محمد طلب يكتب: طَرّقنّا ومعانا مُطرق

ربما لا تستوعب هذه المفردات والمعاني الرامية لها بالسرعة التي يستوعبها البعض حينما نقول (طرقنا السكين والفرار وجهزنا مُطرق عشان النفخ)… وبالتالي تقفز إلى الذهن مباشرة صور الاستعداد (للضبيحة والتوضيب) إذا كانت هذه الصور موجودة أصلاً بالذاكرة البصرية للمتلقي وأحسب أن الكثيرين من جيل اليوم لم تطرق آذانهم مفردة (طَرَّقنا) و(المُطرق) او حتى (المفراكة) وربما لم تداعب أبصارهم مناظر (الضبيحة) في الزمن الجميل أيام الرخاء والعز… وكيف للذاكرة أن تحتفط بهذه المناظر وسعر الخروف وصل إلى (ربع مليون جنيه سوداني) بسبب السماسرة والمحتالين الذين لا عمل لهم.
عموماً من خلال المشاهدات والملاحظات أجد أن هذه المصطلحات في طريقها للزوال مما يدعونا للتعمق في هذا المصطلح وإعادة الحياة له والبحث عن أصله وفصاحته ودلالات المعنى التي يحتويها بل ويشير إلى أشياء أخرى وأدوات تحيط بعملية (التطريق) إن صح التعبير… فالمصطلح مأخوذ من مفردة (الطرق) حيث يُسخن الحديد في النار حتى يحمر لونه ثم يُطرق عليه طرقاً متواصلاً لتكوين الأجزاء الحادة من السكين أو الفرار أو غيرهما من الآلات الحادة الأخرى مثل (الملود) أو (النجامة) وهذه آلات زراعية… ثم يستخدم بعد ذلك المبرد لزيادة الحدة… ومن المعلوم أن لسكين الذبح شروطاً فيجب أن تكون طاهرة وحادة تقطع بسرعة، لعدم تعذيب الحيوان عند الذبح.
واستشهد الفقهاء بحديث عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: “إنّ اللّه تعالى كتب الإحسان على كلّ شيءٍ، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبح، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته”، أخرجه مسلم.
إذن هذه دعوة عيدية للبحث عن هذه المعاني وتبادل الأفكار حول المفردة (طًرَّقنا) واندثارها وما يحيط بنا من مظاهر عيد الأضحى المبارك عبر الأزمنة….
والدعوة مفتوحة إلى يوم أن يخلص “الربيت”… والربيت غالباً هو اخر مظاهر عيد الأضحى بعد جفاف وتصلب (كبير اخوانو) في الشوارع والأزقة (أتمنى ألا يحدث).
ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى اختفاء المصطلح هو اعتمادنا التام على شخص آخر خارج نطاق الأسرة للذبح والسلخ والتقطيع والتسليم جااااهز (ضباح ياخد حقو مع الجلد والرأس والكوارع) وشئ من اللحم الطازج…. بينما كانت كل هذه العمليات يقوم بها أفراد الأسرة جميعهم والجيران كل له مهمته الخاصة (من إفراغ الكرشة ونظافتها إلى صحن المرارة والكمونية) وكبير اخوانو قصة أخرى…
أما الآن فما عليهم إلا (اللهط) ولا ريب فقد عاشوا في زمن (اللهط) ثلاثين سنة…
أعتقد أن أي أسرة تقوم بهذه العمليات لوحدها تستحق خروف مجااااني مع جائزة نقدية…. وعذراً (للضباحين)…. كفانا (ضبيح)
وعشان ما يظهر (متلقي حجج) ويقول (ح تضبح براك) فيكون ردي (أنا السنة دي ما ضابح) ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها… وللحديث بقية وكل عام وأنتم بخير..
سلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى