الوفاء

*سئل أحد العرب، بأي شيء يعرف وفاء الرجل دون تجربة واختبار، قال “بحنينه إلى أوطانه وتلهفه على ما مضى من زمانه”.

*وللعرب الكثير من المواقف حول وفاء الرجال وإنكار بعضهم بعد وفاء، وفي التاريخ الإسلامي الكثير من قصص الوفاء لأشخاص كانت لهم مواقفهم التي خلدها التاريخ، وللأسف بعضهم لم يجد  وفاء كاملاً.

*ومن هولاء بدر مولى الخليفة الأموى عبد الرحمن بن معاوية الذي هرب من أمراء بني أمية وجدد الخلافة الأموية في الأندلس.

*وبدر هذا كان خادم الأمير معاوية قبل سقوط دولتهم في الشام، وخرج معه مواجهاً أخطار العباسيين ووقف إلى جانب أميره عبد الرحمن حتى وصل إلى الأندلس.

*وتقول بعض الروايات إن بدراً هذا هو من أطلق عليه لقب عبد الرحمن الداخل باعتبار أنه دخل الأندلس وحكمها دون جيوش، فكان يكفيه فقط اسم دولتهم التي انتهت في الشرق “بنو أمية”.

*وبعد أن دانت الأندلس لعبد الرحمن الداخل قرب إليه بدر رفيقه في البيداء والصعاب وعينه وزيرًا له وقائداً لجيشه.

*ولكن في نهاية عمره طرده صقر قريش من خدمته وصادر كل أملاكه ورحل بدر برفقة زوجته بعيداً عن قرطبة وقال وهو يودعها:

قرطبة التي تضيء وتحرق

ملتقى الأضداد ومفترق الأحباب

مجمع الجنة والجحيم

قرطبة

مثوى التائه الطريد وطاردة المطمئن المقيم،

قرطبة

أول الزمان وآخره، المبتدى والمنتهى

*بعض الروايات تقول إن صقر قريش زار بدر في منفاه البعيد وطلب منه العودة، ولكنه رفض وفضل الجلوس إلى جانب قبر زوجته.

*الكثير من القصص تشابه ما حدث لبدر في دولة بني أمية في الأندلس وحتى في الشام، وغيرها في الحقب التاريخية ما بعد ذاك التاريخ.

*وكذلك الحال في العصر الحديث، نجد الكثيرين لا يجدون الوفاء لما يقدموه لمن يجلسون على كرسي الحكم، فهذا المنصب له بريقه ولمعانه الذي يجعل البعض يتنكر لصحبته القديمة، وليس ببعيد ما حدث في النظام السابق للرئيس البشير الذي جاء بانقلاب رتبته الحركة الإسلامية وقائدها الراحل حسن الترابي، ثم انقلب البشير على شيخه والحركة الإسلامية.

*حسناً.. هذا هو حال السياسة في سابق عهدها والآن، ولكن الوفاء لا يرتبط فقط بالسياسة، فهناك الكثير من مجالات الحياة قد يتنكر البعض فيها لمن يقفون إلى جانبهم وقت الشدائد، ولايتذكرون الوفاء لهم لما قدموه من تضحيات، ليكون الحكم عليهم كما قال العرب “التلهف إلى الأوطان والحنين لما فات من الزمان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى