مامون حميدة.. آثاره في خدمة الناس وهو وراء القضبان!

الثلاثاء الماضي شعرت بوعكة صحية، فقصدت مستشفى (جبرة) للطوارئ والإصابات القريب من منزلي.. كان الاستقبال طيباً من مدخل (التأمين) والذي دلني على الاستقبال, حيث تم تسجيل اسمي دون أن تؤخذ مني رسوم الدخول.. قلت ربما يتم ذلك عند مقابلة الطبيب.. قابلت الطبيبة والتي فحصت حالتي ثم كتبت لي الدواء مع طلب العودة بعد أسبوع. مرة أخرى لم يتم سؤالي عن (فلوس)! تلفت يميناً ويساراً، فإذا المكان أشبه ببهو فندق. المكان يشع نظافة وترتيباً. الجميع يؤدون عملهم بصورة جيدة. سألت الطبيبة إن كانت خدمتهم تلك تقدم (مجاناً). ابتسمت الطبيبة الظريفة في وجهي وهي تودعني وكأنها تقول لي: (المرة الجاية). عند الباب وأنا أغادر المستشفى وليت وجهي (شطر المسجد الحرام) ودعوت الله أن يفك أسر البروفيسور مامون حميدة (ورفاقه)، فقد كان افتتاح مستشفى جبرة للحوادث والإصابات هو آخر (الأعمال الصالحة) التي قام بها الرجل وهو وزير للصحة بولاية الخرطوم.

البروفيسور مامون حميدة حياته كلها أعمال صالحة, خاصة في المجال الذي نذر نفسه للعمل فيه، وهو المجال الصحى. وسيأتى اليوم الذي يعرف فيه أهل السودان و(مجلسهم العسكري) أنهم بسجن هذا العالم الجليل والطبيب القامة فقد ارتكبوا خطأ فادحًا.

وهذا يقودنا إلى التساؤل مرة أخرى عن السبب الذي جعل البروفيسور مامون حميدة ومجموعة من الرموز الوطنية الفذة تبقى حبيسة السجن لمدة تزيد عن السبعين يوماً. غير أنه وبما أن الحديث اليوم عن مستشفى جبرة البعيد عن مركز الخرطوم أو (شارع الحوادث), القريب من وجود الناس الذين هم في حاجة لتلك الخدمة فإنني سأحاول أن أتطرق إلى قصة سجن البروفيسور مامون حميدة.

 تقول حكومة المجلس العسكري إن المعتقلين هم (رموز النظام السابق)! حسناً وبالرغم من أن التسمية ليس لها (مكان من الإعراب)، فإن البروفيسور مامون حميدة لا يدخل تحت ظل هذه التسمية. مامون حميدة لم يعرف له نشاط سياسي ولم يظهر في أي مجلس قيادي للمؤتمر الوطني، ولم يمارس أي دور له في الحزب. مامون حميدة طبيب ناجح فحسب، فإن كانت تلك تهمة فهو مستعد لها! وحتى الوزارة فهو لم يسع إليها, بل جاءته بطلب وتكليف من رئيس الجمهورية، وذلك نسبة للحاجة الماسة إليه في تنفيذ سياسة معينة في المجال الصحي. وهو في قيامه بهذه المهمة فقد أصابه ضرر كبير ولم يدخل جيبه فلس واحد من الحكومة فقد كان مامون  حميدة طرازاً فريداً من (موظفي الدولة) فلم يكن يتقاضى مرتباً من الحكومة، ولم يكن يسكن في بيت الحكومة، ولم يكن يأخذ (بنزين) الحكومة، ولم يكن يستخدم سيارة الحكومة ولا (سائق) الحكومة! كان يستخدم سيارته الخاصة وسائقه الخاص, أهذا جزاؤه؟ أن يسجن ويمنع عنه ما يتمتع به أي مواطن سوداني في أي صقع بعيد من أصقاع السودان من تلفاز وصحف؟!.

 أي جنون هذا الذي أصابنا؟ ومن المخجل أن يكون اعتقال مامون حميدة بناء على وشاية من (شيوعي حاقد)؟!  لقد كان الرجل في طريقه إلى الخارج لحضور مؤتمر عن (البلهارسيا). ومامون خبير في هذا المجال من الأمراض التي ابتليت بها أفريقيا. مرة كتبت صحيفة سودانية أن مامون حميدة (سرق الكهرباء)! أحد أساتذته من إحدى الدول الأوروبية قرأ الخبر فقام بأخذ أول طائرة إلى السودان وجاء ليشهد أمام المحكمة التي أعتقد أن مامون حميدة سيظهر أمامها ليحاكم بتهمة السرقة. الرجل ربما جاء ليقول لأهل السودان (هل جننتم) حتى تتهموا هذا العالم العظيم وهذا الهرم الطبي العالي بهذه التهمة الفظيعة؟!.

 إن بلدا يسجن علماءه ومفكريه وأفذاذه بينما (بغاث طيره) ورخمه يصولون ويجولون ويتسيدون المشهد لهو بلد يعاني من خلل خطير!.

 إن على المجلس العسكري أن يتخذ من أمثال مامون (بطانة صالحة) وأن يقرب هذا  النوع من الرجال, فهم أهل خير وفي نفس الوقت عليه ألا يستمع إلى الحاقدين من أحفاد (حمالة الحطب) الذين يريدون أن يورطوه في هكذا ممارسات وذلك بارتكاب هذه الأخطاء مثل سجن رجل من طراز مامون حميدة.

غداً بإذن الله نتحدث عن (رموز النظام السابق). وإن أردت الدقة أيها المجلس العسكري فإن كل أهل السودان بمن فيهم أنتم أعضاء المجلس العسكري هم من (رموز النظام السابق)!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى