عميد الصحافة السودانية محجوب محمد صالح لـ(الصيحة): السودان يواجه أزمة مركَّبة ومعقَّدة

 

 

حوار: انتصار فضل الله   19 يونيو2022م

الأزمة السودانية المعقَّدة وخلافات السودانيين الآن دفعتنا لإجراء حوارات مع أصحاب الخبرات الرفيعة والتجارب الثرة، ومن هؤلاء الأستاذ محجوب محمد صالح، عميد الصحافة السودانية.

والرجل عاصر حكومات سودانية منذ الأربعينات ويملك رؤية ثاقبة فيما يدور في السودان ودار من قبل على جميع الصُعد.

وخلال لقائنا بالأستاذ محجوب محمد صالح، أبان العلاقة بين المكوِّنين المدني والعسكري ورسم مسارها المرتقب، كما

دعا إلى التوسع في التعامل مع لجان المقاومة ودعمها والبناء عليها، وعلَّق قائلاً: ” حتى لا تتكرَّر بلاوينا”، وقال:    “أنا متفائل جداً بلجان المقاومة والبلد دي شابة وعضمها قوي”.

وذكر عميد الصحافة السودانية أن اتفاقية جوبا تحتاج للكثير من المراجعات، كاشفاً عن كثير من المعطيات، تطالعونها في سياق الجزء الأول من الحوار.

-من واقع تجاربك العديدة ومعاصرتك لكل مراحل التطوُّر السياسي في السودان كيف تنظر إلى الواقع الماثل الآن؟

ـ  يواجه السودان أزمة مركَّبة ومعقَّدة، وحلها يحتاج لمجهودات كبيرة جداً، إذا نظرنا إليها من زاوية القوى السياسية المختلفة نجد أنه حدثت ثورة وفي لحظاتها الأخيرة ظهرت قوى قطعت عليها الطريق، ولم تمكِّنها من تحقيق الانتصار النهائي لإسقاط النظام بنفسها فتولَّت القوة الجديدة إسقاطه وظل هذا المشهد يتكرَّر في كل الانقلابات السابقة،

فالحركة السياسية المدنية تقوم بمواجهة النظام الديكتاتوري القائم وتنهكه وتثبت الوجود الكامل للقوى الثورية على المشهد السياسي وسيطرتها عليه، لكن قبل أن تسقط النظام، يتدخل الجيش .

في الانقلاب الأول تدخل عبود وأعلن استسلامه للقوى المدنية الثورية وذلك بتصفية نظامه، وقال: “أنا سوف أشرف بنفسي على تصفية النظام وأعيِّن الفريق الذي يتولى التفاوض مع القوى الثورية “.

وفي المرحلة الثانية تولاها سوار الذهب وعيَّن مجلس وأعطاه السلطات ودعا الثوار لإنشاء مجلس الوزراء. وفي المرحلة الثالثة أسقط نظام البشير بواسطة القوى التي كان من المفترض أن تحرسه وهي التي فاوضت الثوار على ما تريد أن تقتسمه معهم من السلطة، لذلك في كل حالات السودان هناك مركزين للقوى، الأول أنتجته الثورة بمجهوداتها وتضحياتها وشهدائها ودمائها، والثاني التدخل القادم من القوى الأمنية والعسكرية.

* دائما يأستاذ يكون هناك صراع حول نوع حكم الفترة الانتقالية؟

ـ يدور الصراع في المرحلة الانتقالية ليكتمل الانتقال، لأن القوى المسلحة تريد فرض وجودها في التسوية النهائية مع القوى السياسية لتخرج بأكثر ما يمكن أن تخرج به من مكاسب ومنافع لسلطتها،

فالجيش متعوِّد على أن يأتي لهذه الفترات من موقع ينشئ فيه دولة بنظام حكم رئاسي جمهوري تكون السلطة الكاملة لدى رئيس الجمهورية، بينما المدنيين يأتون إليها من واقع مختلف.

-كيف ترى شروط العسكريين للابتعاد عن السلطة في كل مراحل السودان؟

أحياناً تكون بسيطة جداً، مثلاً في عهد عبود، كان مطلب العساكر أن لا يحاكمون ولا يحاسبون على العملية الانقلابية التي قاموا بها بعدها لا يريدون التدخل في السلطة بأي شكل من الأشكال، لذلك انتهت القضية بمجلس رأس دولة لكنهم وافقوا باستمرار إبرهيم عبود، رئيساً في المرحلة الأولى، كذلك وافق الثوار بناءً على اقتراح من اللجنة العسكرية المفاوضة، فاستمر حكمه حتى منتصف فبراير، بعدها ذهب لوحده لأسباب العلاقة بين الطرفين، أما سوار الذهب حدَّد المواعيد منذ الأول بسنة تولى فيها السلطة التشريعية بالشراكة مع مجلس الوزراء والسلطة السيادية بالكامل.

أقول إنه طوال الفترات التي سادت فيها الأنظمة الديموقراطية تكون السلطة عند رئيس الوزراء وموقف مجلس السيادة عبارة عن هيئة تشريفية بدون سلطات تنفيذية، وهنا يحدث التضارب وهو ما يدفع  لتحوُّل الرئاسة إلى رئيس الانقلاب، وتصبح السلطة التنفيذية عند رئيس الوزراء المنتخب من برلمان الفترة الانتقالية إذا وجد، وهذا أحد أوجه الخلاف الأساسية، والوجه الثاني هي السلطات بينهم والاقتسام.

*دور الحرب الأهلية في دارفور على الأزمة؟

– تأتي الأزمة السودانية في أعقاب حرب أهلية دامت منذ عام 2004م، قاربت على العشرين سنة، في إقليم دارفور وفي المنطقتين، بالتالي أصبح هناك قوى عسكرية مسلَّحة خارج نطاق الجيش السوداني، وفي أواخر أيام نظام البشير، أنشأ قوى عسكرية داخلية “الدعم السريع” فأصبح هناك دعم سريع وجيش قومي، وحركات كفاح مسلَّح، وهذه كانت نشطة في كل من دارفور والمنطقتين، وأصبحت لديهم قضية جديدة وهي قضية السلام هذه العملية تتعقَّد وتتداخل مع بعضها البعض وأنتجت هذا الواقع.

*حلِّل لنا أبعاد الأزمة؟

حدث انهيار في الوضع الاقتصادي أصبح هناك إفلاس مالي يحتاج إلى إنقاذ، لم تتوفر فرصة حتى الأشياء التي تمت معالجتها عن طريق الأجهزة العالمية      “سوق المال” ما توصلت إليه من تسويات فيما يخص المديونية الكبيرة على السودان ومشروع إلغاء الديون ذهبت في مهب الريح، فأصبح هناك ضغط اقتصادي في سبيل معالجات غير متيسَّرة الآن .

* كيف ترى العلاقات بين المكوِّنين المدني والعسكري؟

– تتوقف العلاقات على موازين القوى بين الطرفين، فعندما يشعر الجيش بضعف القوى المدنية يحاول المضي قُدماً وإذا وجدها في حالة ثبات يحاول التفاوض .

حقيقة الواقع في الحالات الثلاث لهذه العلاقة لم يكن هناك تفاهم مسبق بين الجيش والثوار، بالتالي يتدخل لحماية النظام من الثوار الذين من الممكن أن يكون لديهم مشروع راديكالي شديد الراديكالية يخشى منه الجيش أن يصبح تغييراً جذرياً حقيقياً يغيِّر واقعاً يستفيد منه الجيش، بالتالي تحرَّكت الفجوة نحو كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدستور والانتخابات،

فالصراع الدائر الآن بين العساكر والمدنيين صراع بين مدرستين فكريتين يتواجهان في قضية اقتسام السلطة والثروة، حالياً لدينا سبعة جيوش في المدينة ولا توجد ترتيبات أمنية ولم يتم حصر القوات التي يريد ضمها في جيش واحد، بالتالي أصبحت هناك مسؤولية أنك تريد إعادة بناء الجيش السوداني الواحد الذي يمثِّل كل البلد ويحتكر السلاح وهذا الأمرلا بد أن يبدأ فوراً.

-الشعب السوداني أنتج ثورة عظيمة لكنها تواجه الآن عقبات وأنت عاصرت كل الثورات السودانية ما هو تحليلك؟

ظلت الثورة السودانية تتمثَّل دائماً في تجمع قوى ذات طبيعة نقابية يمكن تسميتها منظمات المجتمع المهني، فإذا نظرنا للأولى قادتها (جبهة الهيئات) وهو تنظيم يضم الأطباء المهندسين الزراعيين والبياطرة ومنظمات مهنية أخرى، وفي أيام الانتفاضة الثانية ضد نظام مايو قادها النقابيون والمهنيون والثالثة ضد عمر البشير قادها تجمع المهنيين.

* ما طبيعة مشاركة الأحزاب في قيام الثورات؟

ـ طبعاً الأحزاب هم أول من يبدأ المقاومة، لكن الأنظمة تركز عليها وتقوم بضربها ومحاصرتها ولا تعطيها فرصة لتقوية كوادرها للقيام بأي عمل حزبي بطريقة مدرَّبة، هنا تقوى منظمات المجتمع المدني وتقود الصراع، أحياناً يبقى هناك صراع بين المهنيين والأحزاب، وأحياناً ينجحوا في توحيد جهودهم، وأحياناً أخرى يبقى الصراع بينهم والعسكريين الذين يريدون مشاركتهم السلطة.

* ماذا عن الثورة الأخيرة؟

ـ كانت أقوى الثورات السودانية بكمية التضحيات التي تمت وعدد الذين فقدوا حياتهم وبحجم الجرحى والمرضى والانتشار الذي بدأ من الأقاليم وإلى الخرطوم، عكس المرتين السابقتين كانت تبدأ من العاصمة ثم الأقاليم.

فهذه الثورة فيها أشياء كثيرة مختلفة، ظهرت مؤسسات نضالية جديدة مثل: تجمع لجان المقاومة التي نشأت “لوحدها ” لا سابقة لها ولا حاضنة, كانت رد فعل طبيعي للعنف الذي مارسه الطرف الثاني وقامت من أشخاص مستعدين أن يقدِّموا كامل التضحيات، وهو ما نراه يحدث يومياً، فأصبح لهم وجود لا يمكن تجاهله، وهو ما وضع الثورة الثالثة في مصاف أعلى من الثورات السابقة.

*ملاحظاتك حول الخط البياني لمناقشات  الوثيقة الدستورية؟

ـ طوال فترة الثورة من سقوط نظام البشير، إلى أن قامت الوزارة الجديدة وأجيزت الوثيقة الدستورية مرت أربعة أشهر، وهذا أطول زمن أخذته المفاوضات بين الطرفين ما يؤكد إلى أي مدى كانت القضية معقَّدة والخط البياني للمناقشات التي دارت حول الوثيقة الدستورية يوضِّح الصعوبات التي واجهتها ويتضِّح النزول والصعود في محيط العملية الثورية ويوضِّح شدة الخلافات وعدم وجود رؤية مسبقة لدى الطرفين.

الملاحظة الثانية كانت المفاوضات تتأثر دائماً بميزان القوى عندما يشعر الجيش بأن قوى الحرية والتغيير امتلكت أرضية بشرية عالية وأصبحوا مؤيدين يملأون الشوارع عند خروج المواكب، يبدأ في الاقتراب منهم وعندما يشعر بظهور انقسامات في وسطهم، كما ذكرت سابقاً، يتقدَّم إلى الأمام، أحياناً يخطئ في القراءة فيقوم بخطوة يجدهم فيها ثابتين ولهم ردة فعل سريعة، وأحياناً يكون اختياره صحيحاً فيدخل عليهم في ساعة ضعف لذلك واجهت المرحلة تقلُّبات وامتدادات.

* اتفاقية جوبا وأثرها في المشهد السياسي؟

ـ أنا أعيب على القوى السياسية والجيش نفسه أنهم تعاملوا مع قضية الحرب والسلام بطريقة غير مهنية وغير مدروسة، وحدثت هرولة من السياسيين نحو أديس أبابا منذ سقوط النظام السابق، لأن كل واحد من الأحزاب يريد أن ينشئ صداقة وتحالف مع حملة السلاح، وحملة السلاح أنفسهم وقفوا في مكانهم وبدأت تأتي نحوهم الوفود، وبدأ الناس يتقرَّبون منهم لعرض حلول غير مدروسة ولم يتحرَّك الجيش السوداني لوضع المفاوضات في الإطار الصحيح للاتفاقية من ناحية فنية، لذلك جاءت فيها الكثير من النقاط التي تحتاج مراجعات.

*هل هذا يعني أنها لم تكن صحيحة بالكامل؟

ـ افتكر حدث خلل كبير فيها، ولكن فيها حاجات صحيحة وأخرى مغلوطة، العيب الأساسي بالنسبة لي أن أهل المصلحة في دارفور لم يستفتوا فيما حدث ولم يكونوا جزءاً منه، وهي كانت مفاوضات بين من لا يملك مع من لا يستحق، أنا أفتكر حان وقت مراجعة الاتفاق، لأن الغرض إيقاف الحرب بالتالي إذا لم يقل الناس الموجودين في معسكرات اللجوء         والنزوح الداخلي كلمتهم في الاتفاق لا اعتبر أنه اجتاز الامتحان، لأن الامتحان الحقيقي هو إعادة السلام لدارفور وما حدث في الجنينة وأماكن أخرى الآن يوضح ذلك.

*ما الذي كان يمكن فعله؟ 

ـ في الأول يبدأ وقف إطلاق النار الرسمي الذي يوصل للاتفاق بين الجيش السوداني وجيوش الكفاح المسلَّح، فكان يجب تكوين  لجنة مشتركة يطلبوا من جيوش الكفاح المسلَّح قائمة بعدد جنودهم، مواقعهم ونوعية سلاحهم، ثم يتم وضعهم تحت إمرة الجيش القومي لا يتحرَّكون إلا بإذن مشترك من اللجنة المشتركة، وهذا لم يحدث، نتج عن ذلك جهات متهمة بأنها بدأت تجنِّد أفراداً لا علاقة لهم بالعسكرية ولم يكونوا في الكفاح المسلَّح ولا يعرفونه ولم يذهبوا البلد، لكنهم في الأصل من دارفور موجودين في مشروع الجزيرة يعملون في مجالات مختلفة منحوا وظائف وكل شيء، بالتالي فقد الجيش السيطرة وخرج الأمر من يده، وأرى هذا خطأ كبير في قضية السلام.

*هل التدخلات الإقليمية لعبت دوراً في الثورة؟

ـ التدخلات الأجنبية طبيعية، أي بلد يمر بظروف صعبة تبحث دول الجوار عن مصالحها فيه، وكيف يقدِّمونها، بالتالي نصبح عارضين البلد للبيع بالقطاعي وهذا لا يشبه الشعب السوداني.

*هل كانت هناك تدخلات في فض الاعتصام؟

ـ يمكن أن يكون هناك اتهام، فحتى الآن لم يخرج التقرير الختامي وجائز التقرير يقول (في) أو (مافي)، أفتكر هذه من الأشياء التي لا بد أن نعتمد فيها على الحقائق المجرَّدة المثبتة حتى نستطيع القول إن الجهة الفلانية قامت بالشيء الفلاني.

-هناك أكثر من مشروع مبادرة تم طرحه على رأسها المشاورات السياسية التي طرحتها الأمم المتحدة وأخيراً الإيقاد والاتحاد الأفريقي كيف تنظر إليها؟

ـ  السودان محل اهتمام لكثير من دول الجوار يوجد جزء مدفوع بمصالح آنية يريد تحقيقها وآخر جاد في سعيه لخروج السودان من هذه الأزمة، لأنها تخلق له أزمات قابلة للانتشار إلى دول الجوار، وهناك من يريد أن يحمي نفسه ولا يتمنَّى حلولاً للأزمة السودانية وآخرين يريدون الاستفادة من السودان المقسَّم (التعبان) وكل واحد لديه أسلوبه في العمل،

لكن الملاحظ هناك دول كبيرة جداً دعمت الجانب الاقتصادي السوداني وبيَّنت رغبتها في تقدُّم المفاوضات، والسودان لم يوفِّر لهم المجال المطلوب، لذلك حالياً تناقصوا وبدأوا يبحثون عن إجابة لسؤال هل حكومة السودان تسير إلى الأمام أم ستتوقف؟ وأشير لوجود   تهديد بسحب ما تم التصديق عليه  بنهاية الشهر الجاري حال تأخر التأييد  للاتفاقيات السابقة وتنفيذها، وهذا أحد الأسباب التي جعلت الناس تتسابق وبدأت في حل الأزمة، لأن المطلوب حتى نهاية يونيو يخرجوا برؤية جديدة ولا أعتقد  بأنهم يستطيعون هذا العمل لكنهم إذا أثبتوا أنهم جادين يمكن أن يمنحوا فرصة شهر شهرين.

 *هل من الممكن أن ينجحوا في ذلك؟

ـ الأشياء المطروحة كثيرة ومختلفة والنجاح يقاس بقياسات مختلفة، مثلاً حالياً الحرية والتغيير طرحت طرحاً جديداً أنها تريد تأسيس فترة انتقالية من ثلاث مراحل، وهذا الأمر لم يدرس جيِّداً و هناك ورقة فيها (12) صفحة، خرجت يوم 2 يونيو، من المجلس المركزي  للحرية والتغيير، لكنه لم يجد نقاشاً حتى الآن، وورقة أخرى كتبها أكادميون تتحدَّث عن ثلاث مراحل، ولم تُدرس، وأنا أرى أن الاتصالات الأخيرة فيها نقاط تحتمل التحرُّك في إطارها لكنني لم أر تحرُّكاً والاجتماع الذي تم بين قوى الحرية والعسكر مؤخراً فيه تسريبات بأنه طلب منهم تقديم رؤية .

*هل ترى أن هناك نية انسحاب للعساكر من المشهد السياسي؟

هذا يقاس بعد الورقة، لأن في التفاوض دائماً كل طرف يريد مكاسب وإلا لن ينجح، والتفاوض بطبيعته يحتاج أخذ وعطاء وتسويات، فالذي يتعب (قحت) أن فيها رافضين مبدأ التسوية “لا تفاوض لا تسوية” وهذا ما يجعلهم يبحثون الآن عن طريقة تقودهم إلى الأمام وبطريقة تعالج الأزمة، لذلك فإن الثلاث مراحل التفاوضية التي طرحت هي التي سوف تتوسَّع وتأتي بالحل الجديد، وأظن أنهم سوف يركِّزون في كل مرحلة أن تكون هناك إضافة لعدد المشاركين في المفاوضات، بمعنى إذا قال إنه يختصر على الحرية والتغيير في البند الأول يأتي في البند الثاني بحملة السلاح وبعض الذين كانوا معه وخرجوا ثم يفتح الباب  لتوسيع دائرة المشاركة بالتالي إذا كانت هناك تسويات تبقى في زيادة المشاركة.

-سابقاً طرحت أنت وآخرون مبادرة وصفها البعض بأنها من أصدق المبادرات لماذا لم تصل إلى نهاياتها؟  

– نحن شعرنا في مرحلة من المراحل أن الجيش لا يريد المبادرة وما كان ممكن تمضي إلى الأمام، بعدها لمسنا تدخلات للوصول لاتفاق مع أطراف على حساب أطراف أخرى، فقلنا نرفع يدنا لكن المشكلة في ذلك الوقت كانت، بل ما زالت  أن رغبة البلد أن تأتي بالأشياء من الأجنبي، فعندما بدأنا العمل في  الاقتراحات وتحريكها “نط ” فيها ود لباد ومعه الإثيوبي، الحكومة مسكت فيهما       “وفكت” يدنا .

*هل هناك جديد يمكن أن تقدِّمه الأحزاب؟

– مرَّ النظام الحزبي بتجربة صعبة جدًا في السودان الذي عاش أغلب حياته المستقلة تحت حكم عسكري مسيطر عليها  بمعنى دقت المزيكا بيان نمرة واحد قرار نمرة واحد حل الأحزاب يخضعوا للاعتقال والتشريد  فصل من العمل كل الكوادر تذهب للبحث عن مشاريع في الخارج وتأتي لتبدأ من الأول، لذلك تطول فترات الحكم العسكري، فمنذ أن نال السودان استغلاله الضرب (مستمر) في الأحزاب والصحافة ومنظمات المجتمع المدني، ولم يبق للأحزاب حِيَل بدليل أن مقاومتها للأنظمة قلت كثيراً فهي كانت بخير حتى سقوط عبود، لكن في عهد نميري “شطب” على الحزب الشيوعي وطالت الإعدامات الكوادر في انقلاب هاشم العطا واستقبلت السجون الكثير      والبعض هرب، اليوم تفتقد الأحزاب للكوادر المدرَّبة.

* كيف ترى ما تقوم به لجان المقاومة؟

– هم الأمل الوحيد للسودان بدونهم الناس تقنع من البلد، لأن أجيالنا انتهت والبلد     “ماشة” بهم وأي نشاط لم يشاركوا فيه لن يمضي لقدام، وأقول البلد دي شابة والشباب الثائر ولجان المقاومة يمثلون أكثر من (40 %) من سكانها، لذلك أنا متفائل جداً بهم فكل ما الواحد يرى الحالة مظلمة ترتفع معنوياته لما “يشوف”  الشباب، لذلك يحتاجون منا مجهوداً ودعماً ونقل خبرات سابقة والتوسع في التعامل معهم، ولابد أن نبني عليهم حتى لا تتكرَّر كل بلاوينا .

* نحن الآن في مطب ما المخرج؟

– هذا سؤال صعب لا أستطيع الإجابة عليه، وإذا اجتمع نصف سكان السودان لن يستطيعوا الإجابة عليه، لأن المتغيِّرات في العالم كثيرة جداً، هناك متغيِّرات ذات طبيعة إقليمية وأخرى دولية ومتغيِّرات محلية جميعهم متشابكون في الأزمة السودانية، أي بلد عربي يواجه اليوم  مشكلة، بالتالي زاد البيع والشراء في السياسة، فالصراع حول الموارد زاد بشكل غريب جداً بالتالي يصعب التكهُّن بالحلول، لكن البلد عظمها قوي، ويجب أن لا نبالغ في الاعتماد على قوة ضهرها لأنه سوف ينكسر قريباً إذا لم ننتبه،        وافتكر هناك واجب على الناس أن يجدوا حلاً وأن تكون هناك رؤيا للتفاوض،  فالسياسة كالصلاة فيها الجهر والسر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى