تشدُّد (المدنيين).. هل ينسف جهود حل الأزمة؟

 

الخرطوم: صبري جبور     19 يونيو2022م

تقريب وجهات نظر الأطراف المتصارعة من أجل جلوسها على طاولة الحوار مرَّ بعدة عقبات ما أدى إلى تعليق الحوار من قبل الآلية الثلاثية الأسبوع الماضي،  ولكن يبدو أن الوضع يتجه للمزيد من التصعيد والتعقيد في ظل التعنُّت وتصلُّب مواقف المدنيين ورفضهم المتكرِّر للجلوس مع المكوِّن العسكري ووضع اشتراطات مسبقة لأي محاولة لتقريب وجهات النظر بغية سبيل للخروج من الأزمة والاتفاق والتوافق حول القضايا محل الخلاف، من أجل تحقيق الحكم المدني والتحوُّل الديموقراطي في السودان، ويرى محلِّلون سياسيون أنه لا اتجاه للمدنيين سوى القبول والجلوس في طاولة الحوار مع المكوِّن العسكري، لاسيما أن دعم جهود الآلية الثلاثية لإنجاح الحوار وتحقيق مهامها أصبح اتجاهاً دولياً، باعتبار أن أي خروج عن الإجماع الدولي ليس من مصلحة القوى المدنية أو تحالف الحرية والتغيير. و(فولكر) خلال إحاطة في مجلس الأمن أشار إلى وجود جماعات تفسد عملية الحوار والانتقال السياسي في السودان.

هجوم على المدنيين

قالت صحيفة (الاندبيندنت) البريطانية: إن الحوار السوداني للخروج من الأزمة السياسية في البلاد معرَّض للخطر بسبب ماوصفته بالخط الصلب للائتلاف المدني.

ونوَّهت الصحيفة في تقرير لها إلى أنه ومنذ انطلاقة الحوار المباشر بين الجيش والائتلاف المدني تحت رعاية دولية في 8 يونيو، أدى الخط المتشدِّد الشامل للائتلاف المدني في الحوار إلى ارتفاع الشكوك حول الوصول إلى حل بالتراضي للأزمة السياسية السودانية من خلال المحادثات.

ضغوط دولية

وأعتبر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، كمال كرار، أن الحديث عن تصلُّب مواقف المدنيين تهديد للحل السلمي هو بمثابة ضغوط من المجتمع الدولي تجاه بعض القوى السياسية لاسيما التي ليست مع اللاءات الثلاث، وأيضاً الخطوة إعاقة لمسار الثورة والعمل ضد تحقيق أهدافها، باعتبار أن دولاً لديها أجندة تتقاطع مع الثورة السودانية، وقال كرار لـ(الصيحة): إن الحل يكمن في إسقاط الحكومة من خلال العمل الجماهيري السلمي، لافتاً إلى أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيداً كبيراً، وأضاف: (الشارع سيولع نار..تتريس وإضراب وعصيان) حتى ذهاب الحكومة، وتابع أن 30 يونيو، سيكون يوماً مشهوداً لرمزيته عند الثوار وقوى الثورة الحيَّة.

 لا يريدون الانتقال

وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، في إحاطة قدَّمها إلى مجلس الأمن الدولي عن الوضع في البلاد، الثلاثاء قبل الماضي، قال: إن عواقب عدم حل الأزمة السياسية في السودان ستتجاوز حدوده، وأن الحل بيد السودانيين دون سواهم. وأضاف: إن “لم يتم إيجاد حل للمأزق الحالي، فستتجاوز العواقب حدود السودان ولجيل كامل.

وأطلقت “آلية ثلاثية” مكوَّنة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة دول شرق أفريقيا ووسطها للتنمية (إيغاد)، حواراً في محاولة لوضع حد للمأزق السياسي في السودان، وأشار فولكر إلى أن الآلية الثلاثية ظلت تنقل هذه الرسالة إلى المحاورين السودانيين، موضحاً أن “الأزمة التي تواجه السودان محلية ولا يمكن حلها إلا من أبنائه، وأكد فولكر على أن مطالب استعادة عملية الانتقال الديموقراطي متواصلة في شكل احتجاجات سلمية ومبادرات لحل الأزمة. وكشف فولكر عن وجود مفسدين ــ لم يسمهم – لا يريدون الانتقال إلى الديموقراطية أو يرفضون الحل من خلال الحوار، داعياً الأطراف السودانية لعدم السماح بتقويض فرصة إيجاد مخرج تفاوضي للأزمة.

 

عزل دولي

ويرى المحلِّل السياسي راشد التجاني، أن الجهود الدولية جميعها منصبة تجاه الحوار السوداني، وقال: الآن الاتجاه الدولي يدعم عملية الحوار وجهود (الآلية الثلاثية) لإكمال مهامها، وأضاف لـ(الصيحة) أمس: إن أي طريق يحيد عكس ذلك يعتبر معرقلاً للحوار، مشيراً إلى أن العملية أصبحت دولية، لاسيما أن فولكر خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي مؤخراً، أشار إلى جماعات تفسد عملية الحوار والانتقال السياسي في السودان.

رفض المشاركة

أعلن متحدِّث باسم الأمم المتحدة، (11) يونيو، أن الجولة الثانية من الحوار لحل الأزمة السياسية في السودان أُرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب تواصل رفض تحالف “قوى الحرية والتغيير” المشاركة.

وعقد وفد من “قوى الحرية والتغيير”، خلال الأيام المنصرمة، لقاءُ غير رسمي مع مسؤولين عسكريين في محاولة للخروج من المأزق، لكن التحالف المدني اعتبر لاحقاً في بيان أن الحوار الذي بدأ، الأربعاء، “حل سياسي زائف”، وسلّم التحالف إلى “الآلية الثلاثية”، مطالبه للانخراط في جلسات الحوار، وفي مقدِّمتها إنهاء الوضع الحالي وإعادة تصميم العملية السياسية.

وأعلن عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، خلال مؤتمر صحافي، أن “قوى الحرية والتغيير” أكدت رفضها أي تسوية سياسية لا تنهي الحكم العسكري وما ترتب عليه”. وكشف الدقير عن أن التحالف أكد للآلية بوضوح أنه “لن يكون جزءاً من أي منبر يهدف إلى منح الشرعية للحكومة الحالية مع الاستعداد للتعاطي الإيجابي من أجل استرداد التحوُّل الديموقراطي”، مؤكداً التصميم على المقاومة بالوسائل السلمية والسياسية من أجل تحقيق ذلك الهدف.

وفي السياق ذاته، جدَّد تحالف “الحرية والتغيير”، خلال اجتماع تقييمي للقاء مع المكوِّن العسكري، عقده في مقر “حزب الأمة القومي”، أن لا مساومة على أهداف الثورة السودانية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى