رغم الانتقاد فوَّضها مجلس الأمن البعثة الأممية (اليونيتامس).. هل تنجح في نسختها الجديدة في لم فرقاء السودان؟

 

الخرطوم: مريم أبَّشر           5 يونيو 2022م 

مدَّد مجلس الأمن الدولي في جلسة خاصة استبقتها مشاورات موسَّعة شأنها الاختلاف، انتهت بتوافق تام بين الأعضاء الدائمين وغير الدائمين بتمديد عمل البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان لعام آخر بموجب القرار (٢٦٣٦) وبذات التفويض.

وفور تجديد تفويض عمل البعثة بالسودان قال رئيسها فولكر بيترس، إنه يتطلع  لدعم الشعب السوداني له في مهمته، وقال إنه يأمل في مواصلة عمله تمديد مجلس الأمن للبعثة وأن تجد البعثة الدعم من الشعب السوداني.

استباق

استبقت الحكومة تمديد التفويض بحراك مكثف داخل مجلس الأمن الدولي بين أعضائه الدائمين وغير الدائمين من أصدقاء السودان، مبدياً جملة من الملاحظات الجوهرية على أداء البعثة و رئيسها وفصَّلت الحكومة ملاحظاتها و شواغلها في مصفوفة محدَّدة سلَّمها وكيل وزارة الخارجية للأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، واعتمدتها الأمم المتحدة إحدى الوثائق الرسمية الخاصة بالنقاش في أروقة المجلس للتمديد وبعث مجلس السيادة الفريق إبراهيم إلى بعض الدول الأفريسقية، وقال وزير الخارجية السفير علي الصادق، في حوار سابق له مع (الصيحة): إن رئيس البعثة تجاوز التفويض في عمل البعثة المعني بالأساس التركيز على  دعم تنفيذ اتفاق السلام والتنمية والتحضير، وركَّز على الجوانب السياسية، وأشار إلى أن الحكومة ترفض أي إملاءات أو عمليات ابتزاز تمارس من قبل البعثة أو رئيسها.

كما قام عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق بحري إبراهيم جابر إبراهيم،  بجولة إفريقية شملت كل من: جمهوريتي الغابون وغانا، سلَّم خلالها، بحسب السفير الزين إبراهيم، مدير إدارة الاتحاد الإفريقي بوزارة الخارجية، الرئيسين الغابوني عمر بونغو والغاني تانا اكوفو أدو، رسالتين من رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، تتصلان  بالعلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في السودان والإقليم

أعقاب ثورة ديسمبر، وجهود تحقيق السلام، بجانب أداء بعثة (اليونيتامس) المتمثل في دعم الانتقال السياسي عبر تعبئة الموارد وخدمة اللآجئين والإحصاء السكاني وقيام الانتخابات.

و حث جابر، رئيسي الغابون وغانا على التشاور مع كينيا لدعم السودان، باعتبار عضويتهم في الأمم المتحدة، والسعي لتخفيف الديون على السودان أو إعفائها. وحسب معلومات (الصيحة) فإن جابر طلب رسمياً من تلك الدول دعم موقف السودان في أروقة الأمم المتحدة  ومجلس الأمن الدولي.

يذكر أن رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، هدَّد في أكثر من مرة بطرد رئيس البعثة الأممية، وأنه ظل يتجاوز التفويض الممنوح له من قبل مجلس الأمن لدعم الانتقال، واصفاً السودان بأنه بلد صاحب سيادة ويرفض التدخل في شؤونه.

زيرو أثر

قبيل إعلان التمديد للبعثة من قبل مجلس الأمن سيَّر الإسلاميون وأعضاء حزب المؤتمر الوطني، المحلول تظاهرات طالبوا فيها بطرد رئيس البعثة الأممية و رفضوا ما أسموه بالتدخل في الشأن الداخلي للسودان. رئيس الأمة مبارك الفاضل، قلَّل في تصريح منسوب له على الوسائط من تأثيرات تلك التظاهرات الرافضة لوجود البعثة الأممية سواءً من اليمين أو اليسار، وقال: لكل طرف سياسته واهتمامه، فاليسار ممثلاً في أحزاب الشيوعي يرون في الحوار الذي يدعو له فولكر، وفق المبادرة الثلاثية هبوط ناعم ويسعون لتسليم السلطة وإبعاد العسكر. أما الإسلاميون فقد تم إبعادهم من الحوار وبالتالي يقفون ضدها باعتبارها تدخلاً خارجياً، وزاد الفاضل بالقول إنه لا يعتقد أن لليمين أو اليسار الرافضين للبعثة ورئيسها تأثير ذي بال، باعتبار أن السواد الأعظم من الشعب السوداني أصبح همه الاستقرار ومعاشه والإنتاج.

اختراق

التجديد للبعثة الأممية برئاسة فولكر بيرتس، اعتبره الخبير الدبلوماسي الطريفي كرمنو، بالأمر المتوقع برغم المناشدات والمطالبات، وذلك استناداً على تجربة مجلس الأمن السابقة في التعامل مع البعثات التي يرسلها للسودان (اليوناميد وبعثة أبيي)، وأضاف كرمنو لـ(الصيحة)، لا أتوقع أن تتمكَّن البعثة من جمع الأطراف على طاولة حوار واحد في ظل التشظي الحاصل، و زاد: إلا في حالة واحدة وهو حدوث اختراق، لافتًا  إلى أن الرؤية ضبابية وسط القوى السياسية ومتباعدة وهنالك اضطراب عام، وأضاف يمكن للبعثة أن تدفع باتجاه التوصل لنتائج في حال انقسمت مواقف القوى السياسية إلى اثنين معارضة وفئة تدعم التعاون من أجل إقامة حكم ديموقراطي، وزاد: ليس بالإمكان أفضل مما كان، مشيراً إلى أنه في ظل المواقف الحالية لا يمكن إقامة حوار لا يستثنى  أحد، وقال: في ظل الوضع السياسي   الأمني السائل فإن أمد الفترة الانتقالية غير معروف النهايات.

تفاؤل

حالة الإحباط التي تسود الشارع السياسي  والمراقبين تقابلها مجموعة أخرى تبدي قدراً من التفاؤل في إمكانية أن تحقق البعثة في نسختها الجديدة المأمول و المطلوب منها.

السفير والخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة، قال لـ(الصيحة) إنه متفائل في إمكانية أن تحرز البعثة الأممية تقدُّماً في جهودها الرامية لوفاق يتقبَّل الفترة الانتقالية ويرى أن مبادرة فولكر، هي المبادرة الوحيدة المطروحة الآن، وهي المخرج الوحيد للسودان من الأزمة  السياسية التي يعيشها حالياً رغم حالة الرفض من المكوِّن العسكري وبعض القوى السياسية، وتوقع إذا ما أفلحت البعثة عبر مبادرة الآلية الثلاثية من التوصل لوفاق يتشكَّل على أثره حكومة مدنية، فإن المجتمع الدولي ومنظماته   وكل المبادرات والدول التي أبدت حماساً وتعاوناً لدعم الانتقال ستعود مرة أخرى  لاستئناف دعمها للسودان، وبالتالى تصبح القوى الرافضة ضعيفة وخارج الحسابات السياسية في الفترة الانتقالية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى