هل أطلق حمدوك رصاصة الرحمة من نافذة  الآلية على مبادرته؟

 

 تقرير: الطيب محمد خير

موجة عاتية من الانتقادات وعدم الرضا تفجرت بعد أقل من أسبوع على تشكيل رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك لـ”الآلية الوطنية” لإيجاد مخارج لدعم تنفيذ مبادرته التي جاءت بالأساس لتضييق هوة الخلافات العميقة بين القوى السياسية التي عقدت المشهد السياسي هدفت للمحافظة على استقرار البلاد عقب الأزمات القاسية التي تعرضت لها، إلا أن المقاربة بين مكونات الساحة السياسية التي انطوت عليها المبادرة بدأت تتضاءل على أرض الواقع، ويبدو هذا واضحاً من الانتقادات الصريحة التي وجهتها بعض قيادات قوى الحرية والتغيير لحمدوك، مبينة أنه لم يستشرها كحاضنة سياسية له في تشكيل الآلية ونبهت قوى الحرية والتغيير رئيس الوزراء حمدوك على لسان عضوها مجدي عبد القيوم إلى أن الآلية التي شكلها لن تكون بديلة للحاضنة السياسية، مشيرًا إلى أنهم كانوا متوقعين لجوء حمدوك لحاضنة شعبية أكبر تمثيلاً من قوى الحرية والتغيير.

رفض قاطع

ومن الواضح أن قوى الحرية والتغيير بدأت تتحسس موقعها بعد إعلان الآلية، فقد قال عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير د. جمال إدريس، إن الآلية التي شكلها حمدوك ليست سوى جسم تنفيذي، ولن تستطيع إنجاز أي من المهام المنوطة بها، فيما هددت تنسيقية لجان بحري باللجوء لخطوة تصعيدية حال عدم استجابة حمدوك لمطالبها باقالة الناظر محمد سرور رملي من الآلية وهددت لجان بحري رئيس الوزراء بإغلاق مصفاة الجيلي إمهاله (48) ساعة لإنفاذ مطالبها.

ويبقى السؤال الأهم في ظل هذا التراشق والانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء والآلية لإنجاح مبادرته كل هذا التصعيد يظهر عدم رغبة حاضنته السياسية في التعامل مع مبادرة حمدوك تحت مظلة الآلية بما يوحي ببوادر قطيعة حال استمرار هذا التصعيد، لا سيما أن هناك الكثير من الشخصيات أعلنت خروجها مبكراً من الآلية بما يجعل السؤال مشروعاً عن حدوث قطيعة بين حمدوك وقوى الحرية والتغيير، وإلى أي مدى يمكن أن تصدق توقعات الحرية والتغيير بلجوء حمدوك لاعتماد الآلية كحاضنة شعبية له؟.

عدم استشارة

وقال المحلل السياسي د.عبد اللطيف محمد سعيد لـ(الصيحة) إنه من الواضح من الانتقادات المصوبة لآلية إنجاح مبادرة حمدوك من قبل حاضنته السياسية المتمثلة في قوى الحرية والتغيير أنه لم يرجع إليها لاستشارتها في تكوين هذه الآلية التي جاءت مترهلة تضم عدداً من الشخصيات التي ليست لها علاقة بالأزمة ولا يتوقع أن تسهم في حلها، وكأن حمدوك قد أطلق رصاصة الرحمة على مبادرته بتكوين هذه الآلية التي لا يتوقع أن تسهم بجديد في اتجاه دفع المبادرة للوصول لغايتها، سيما وأن الآلية حوت أسماء معروفة بالانتماء المعلن تجاه حزب المؤتمر الوطني المحلول.

قبضة

د. عبد اللطيف أشار إلى رفض قوى الحرية والتغيير للآلية بهذه التصريحات الغاضبة، يشير بجلاء إلى أنها لا تريد أن تغير نهجها في إقصاء الآخر وهي تصر على أن تكون لها المشورة والرأي الفصل في كل خطوة يقدم عليها حمدوك وهي تمضي في هذا الطريق بهذه التقاطعات، رغم إدراكها هشاشة الوضع وأن هذا التراشق وحالات الشد الجذب المتصاعدة ستكون مآلاتها خطيرة وتفتح الطريق أمام كل الاحتمالات لتقويض الديمقراطية في بداية بنائها .

ونفى عبد اللطيف حدوث قطيعة بين حمدوك وحاضنته السياسية لجهة أنه ليس له حزب يمكن أن يسنده لذلك لا يستطيع تجاوزها لكن تظل هذه التقاطعات أمراً خطيراً .

تأييد ورفض

ربما أوضحت تصريحات الحرية والتغيير شيئاً من الخلافات بين الحاضنة نفسها فبينهم من يوافق على خطوة حمدوك بينما يرفضها آخرون في وقت تتفق فيه كل مكونات التجمع العريض على أهمية المبادرة ويقول رئيس الحزب الناصري العدالة الاجتماعية عضو المبادرة التنفيذية لإصلاح الحرية والتغيير ساطع الحاج لـ(الصيحة) إنهم يؤيدون مبادرة حمدوك باعتبار أنها خطوة جيدة لإصلاح الحرية والتغيير لكنهم يريدون أن تكون هناك آلية حقيقية لتنفيذ المبادرة والوصول بها لغايتها، وأشار ساطع إلى أن الخلاف ينحصر حول الآلية التي تنفذ هذه المبادر ولا يمكن أن يتم التنفيذ بهذه الآلية المعلنة الآن بكل هذا العدد من الأشخاص الممثلين فيها .

واستبعد ساطع أن يمضي الخلاف على الآلية لينتهى لقطيعة بين رئيس الوزراء وحاضنته السياسية وخاصة أن رئيس الوزراء قد أبدى مرونة في إحدى تغريداته بحديثه عن إمكانية مراجعة الآلية لذلك من المستبعد أن يتم تصعيد وسيتحول الوضع باتجاه بناء حقيقي.

خوف من الثوار

ويبدو أن الخلافات بين الحرية والتغيير ستنتقل إلى داخل الجهاز التنفيذي، إذ أن آلية حمدوك لحل أزمات البلاد استصحبت شخصيات ترفضها الحرية والتغيير وتعرف بانتمائها للعهد البائد ما يجعل الحرية والتغيير التي توافقت على الوثيقة الدستورية ترفض ذلك الأمر وتتمسك بعدم إشراك أي من المنتسبين للعهد البائد، خشية أن تتفجر تحت أقدامها براكين غضب الثوار الذين يعتبرون الحراس الأصليين لمكتسبات الثورة التي تحققت.

ولفت خبراء إلى أن الحرية والتغيير نفسها تضع ألف حساب لغضبة الشباب على اعتبار أن التجارب السابقة أشارت بوضوح إلى أن الشباب الثوري الذي قاد المواكب لن يركن إلى أن تفعل الحرية والتغيير ما تريد ويوضحون أن الحرية والتغيير كانت ستقبل بكل ما ورد في الآلية لولا أنها تخشى غضب الشباب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى