اجتماع (عنتبي) للإدارات الأهلية بأبيي.. شبهة التدويل

 

الخرطوم: صلاح مختار       19 مايو 2022م 

التأم بمدينة عنتبي اليوغندية مؤتمر إدارات شعب المسيرية بسلاطين دينكا نقوك، للحوار حول تحديد الأسباب التي زادت من حدة الصراع في المنطقة, حيث أفاد الناظر الصادق الحريكة عزالدين، رئيس الوفد بأن المسيرية جاءت صادقة لإيجاد طريق للتعايش السلمي, وأكد بأن وجود قوات دفاع جنوب السودان داخل منطقة أبيي وبعض المليشيات المسلحة هو السبب الرئيس في الهجمات الأخيرة وتأجيج الصراع, وأضاف بأن الأرض وتبيعتها شوؤن دولة يجب أن لا نقحمها في النقاش المجتمعي. ويستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام، يبحث فيها عن كيفية وقف العدائيات ووضع حلول تقود المجتمعات إلى التعايش السلمي المنشود. من جانبه أكد قائد يونسفا بمنطقة أبيي الوسيط والراعي لهذا المؤتمر بأن الأمم المتحدة تسعى جاهدة لإيجاد حل لهذه القضية. في المقابل حذَّر خبراء من خطورة تدويل قضية أبيي ونقل الحوار إلى خارج الدولتين (السودان أو جنوب السودان) إلى دولة يوغندا، ما عده البعض تجاوزاً للخطوات التي يقوم بها نائب رئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو، لإحداث اختراق للملفات العالقة في المنطقة والتوافق بين المكوِّنات السكانية بالمنطقة، وبالتالي يحذِّر المراقبون من شبه التدويل لقضية منطقة أبيي وخروجها من يد الدولتين.

معالجة الملف

وسبق أن التقى نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، مع وفد منطقة أبيي برئاسة وزير شؤون شرق إفريقيا ومسؤول ملف منطقة أبيي بحكومة جنوب السودان دينق ألور، بالخرطوم في سبتمبر الماضي، في إطار الاستماع لوجهات نظر حكومة جنوب السودان. وقالت عضو الوفد وممثلة أبناء منطقه أبيي في برلمان جنوب السودان الأستاذة عائشة عباس أكوي، في تصريح صحفي: إن نائب  رئيس مجلس السيادة الانتقالي رحَّب بجهود معالجة ملف أبيي حيث وعد بالترتيب لبدء التفاوض حول الملف للوصول إلى سلام واستقرار دائم بالمنطقة. وأضافت أكوي: إن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي طمأن الوفد بأنه سيتم حل قضية أبيي بنفس الروح التي تمت بها معالجة قضايا السودان في المناطق المختلفة من أجل تحقيق السلام الشامل في السودان وجيرانه، مشيرة إلى أن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وعد بمتابعة ملف أبيي بهدف الوصول إلى حل دائم يسهم في التعايش السلمي والأمن والاستقرار بالمنطقة، باعتبار أن الشعبين شعب واحد في دولتين وأنه سوف لن تكون هناك أي عقبات أمام الوصول إلى حل نهائي لقضية منطقة أبيي”. وأعربت الأستاذة عائشة، عن شكرها لحفاوة الاستقبال من قبل القيادة في السودان ممثلة في مجلسي السيادة والوزراء، واللذان أكدا حرصهما على ضرورة الوصول إلى حل وسلام دائم بمنطقة أبيي في أقرب وقت ممكن.

تدويل القضية

أعتبر الخبير العسكري والمختص في قضية أبيي اللواء عبد الرحمن أرباب, أن تدويل القضية حدث من قبل, وليس أمر بجديد وهو مستمر, وقال لـ(الصيحة): إن القضية الآن في يد الأمم المتحدة, وفي يد محكمة لاهاي, بجانب وجود القوات (اليونسيفا), أضف إلى ذلك وجود دولة جنوب السودان في القضية, بالتالي كلها أمور تؤكد أن التدويل أمر حادث أصلاً, غير أنه قال: علينا أن نتفاءل خيراً, باعتبار أن اليونسيفا طالما قادتهم وقدَّمت لهم الدعوة للاجتماع في يوغندا أكيد تريد أن تحقق نجاحاً خاصة بعد ما فشلت في حفظ السلام بالمنطقة، ولذلك تريد أن تلتقي بالقيادات وجهاً لوجه في منطقة محايدة على الأقل تساعدها في حفظ السلام بين القبيلتين, لجهة أنه تعثَّر في حل المشاكل لعدم خبرتها وعدم جديتهم في الوصول إلى توافق يحقق السلام. وقال هم الآن أصبحوا مجبرين على ذلك. وتوقع أن تأتي الخطوة جزء من أكلها وليس أكلها كاملاً.

جمع الطرفين

واستبعد أرباب، أن يكون هنالك تعارض بين المجهودات الداخلية التي تقوم بها الحكومة لحل مشكلة المنطقة وما بين الجهود التي تقوم به الـ(يونسيفا) لجمع الطرفين حول مائدة الحوار والنقاش باعتبار كما يقول أرباب: إن القضية مازالت موجودة وأن القوات الأممية تريد خلال هذه الفترة أن لا تحدث أي مشاكل أو مناوشات ويصبح هنالك سلام معاش. مشيراً إلى مقتل الأمير كوال دينق مجوك، في أبيي حسبت على اليونسيفا.

مهدِّد للسلام

غير أن الباحث في دراسات السلام وفض النزاعات الطيب الحوري، اعتبر قضية أبيي من القضايا المهمة وتمثل مهدِّداً للسلام المجتمعي في غرب كردفان والسودان بشكل عام، وأشار في منشور على وسائل التواصل إلى ضلوع جهات خارجية تسعى لتدويل قضية أبيي وجرها من الفضاء السوداني وجنوب السوداني إلى طاولة تعتبر غير محايدة وتدعم طرف على حساب الآخر، وأضاف قائلاً: إن الجهود السودانية مضت بعيداً لحل أزمة المنطقة بالجهود التي وقف عليها نائب رئيس مجلس السيادة لتقريب وجهات النظر بين قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك، وأضاف بأن تحقيق السلام المجتمعي ينبغي أن يقوم على قاعدة من التسامح بوضع القضايا في إطارها الأساسي بمناقشة جذور الأزمة ووضع الأولويات والأطر التي تعالج المشكلة، وهذا ما يجب أن يراهن عليه الفرقاء قبل الهرولة للخارج باستيراد حلول مفخخة تقود البلاد لمزيد من التمزق.

السلم والأمن

في أبريل 2022م، الماضي، قال رئيس عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جان بيير لاكروا، لمجلس الأمن: على الرغم من أن الوضع الأمني العام في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان ظل هادئاً نسبياً، إلا أن “نقص الثقة” بين المجموعتين الرئيستين لا يزال مصدر قلق كبير. وأطلع لاكروا، أعضاء المجلس على عمل قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا) في منطقة الحدود الغنية بالنفط، وحث المجلس على تمديد ولايتها لمدة ستة أشهر، أخرى، حتى 15 أكتوبر. ونوَّهت إلى أن يونيسفا دعمت الحوار بين قبائل المسيرية الرحل ومجتمعات دينكا نقوك، الرعوية، بما في ذلك معالجة حوادث العنف التي وقعت في الأشهر الأخيرة.

عنف مميت

وكانت المنطقة قد شهدت خلال الأشهر الماضية أعمال عنف مميتة، قُتل فيها 29 شخصاً، وأصيب 30 آخرين، في اشتباكات قبلية. حيث قال لاكروا: كان من الممكن تجنب هذه الوفيات والإصابات لو كانت هناك ثقة أكبر بين المجتمعين على جميع المستويات”. بينما واصلت قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي انخراطها في المجتمع، وصعَّدت من دورياتها، وشجعت على استخدام آليات حل النزاعات، دعت  حكومتي السودان وجنوب السودان أولاً وقبل كل شيء أن تجددا التزامهما بشأن الوضع النهائي لأبيي”. وحث لاكروا، السفراء على مواصلة دعم برنامج أبيي المشترك لتعزيز المجالات ذات الاهتمام المشترك للمجموعتين، مثل: الترحال، إدارة الحدود، آليات حماية النساء والأطفال والفئات الضعيفة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى