تمديد الفترة الانتقالية.. احتمالات راجحة؟

تقرير: صلاح مختار.    16 مايو 2022م
تواجه الفترة الانتقالية تحديات رئيسة تشكل عقبة في الالتزام بتوقيتاتها المضروبة للانتقال الديمقراطي، واحدة من التحديات التغييرات التي حدثت بعد إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، والتي أفضت إلى إنهاء مايسمى بالشراكة السياسية, وأدت إلى استقالة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، وبالتالي ظهور حالة الرفض والرفض المضاد من قبل القوى السياسية والأحزاب لأي دعوة للحوار. وصلت درجة أن رفعت لجان المقاومة اللاءات الثلاث في مواجهة أي حوار مع المكوِّن العسكري امتدت إلى الحوار الذي تجريه الآلية الثلاثية التابعة للأمم المتحدة مع الأطراف السودانية بغية الوصول إلى توافق لإنهاء الأزمة السياسية. لذلك في ظل الرفض للحوار فإن احتمالات استمرار حكومة الأمر الواقع خلال الفترة الانتقالية ستظل راجحة في كل الأحوال.
آثار سلبية
تمديد أجل الفترة الانتقالية, قضية ظلت تراوح أذهان كل المتابعين للشأن السوداني. لأنها قضية باتت محتملة النتائج، حيث سبق أن ألمح رئيس الوزراء السابق د. حمدوك، إلى احتمال تمديد الفترة الانتقالية ما فتح المجال للكثير من التكهنات أن الأمر قد يحدث عندما تتمكَّن الحكومة من التوصل إلى اتفاق سلام مع الحركة الشعبية شمال، جناح عبدالعزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان، جناح عبدالواحد نور. ما أعده البعض تجاوز لنص الوثيقة الدستورية. ولكن بعض المراقبين انتقد خطوة التمديد وإطالة أمد الفترة الانتقالية، حيث قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم، مصطفى الجميل: إن إطالة المرحلة الانتقالية لها آثار سلبية على تماسك المرحلة الانتقالية، على مستوى اتفاق جوبا الذي يتضمَّن توقيتات زمنية محدَّدة لتنفيذه، وقد يترتب على هذا التمديد تأجيل مؤتمر الحكم الإقليمي، ما يضاعف من صعوبات إنزال بنوده على الأرض ويضع السلطة الانتقالية في مواجهة جديدة مع الحركات المسلحة”. وقال لـ(العرب): “إن استيعاب باقي الحركات المسلحة لا يتطلب تأجيل المرحلة الانتقالية، وربما يكون ذلك ممكناً عبر دمجها في هياكل السلطة الحالية، وتقديم المزيد من التنازلات للحركات لا يؤدي إلى وجود سلطة منتخبة على الأمد القريب، وهو أمر لن يكون مقبولاً في وقت يضيق فيه المواطنون ذرعاً بالأوضاع المعيشية”.
رؤية محدَّدة
وكان حزب الأمة القومي سبق أن كشف عن تسريبات حول تمديد جديد للفترة الانتقالية، دون أن يعدِّد الأسباب التي من أجلها بنيت عليها الخطوة، وجدَّد حزب الأمة في الوقت ذاته رفضه للتمديد وطالب بالالتزام بالفترة الزمنية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، وانتقد رئيس الحزب فضل الله برمة، خلال مؤتمر صحفي بمقره عدم وجود رؤية موحَّدة من قبل القوى السياسية والمدنية تجاه القضايا الكبرى, ونوَّه إلى أن أهم تحديات المرحلة الانتقالية الخاصة بالسلام خروج حركتين مهمتين عن الاتفاق هما: حركة جيش تحرير السودان والحركة الشعبية شمال جناح الحلو، وانتقد ماوصفه بتعدد الاجتهادات الفردية من أجل ضم الحركتين لإلحاقها بعملية السلام، وحذَّر من ذلك لجهة أنه قد يؤدي إلى إجهاض الثورة أو تمديد المرحلة الانتقالية وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تغيير آخر.
حجج واهية
وذهب حزب المؤتمر الشعبي في نفس اتجاه حزب الأمة الرافض للتمديد، حيث قال القيادي بالحزب عبد الوهاب أحمد سعد، في تصريح سابق لـ(الصيحة): إن الاتجاه لتمديد الفترة الانتقالية هدفه استمرار مكوِّنات الحكومة الانتقالية في السلطة وجدَّد تمسكهم بضرورة التزام الحكومة بموعد نهاية الفترة الانتقالية وانتقد سعد، اتجاه الحكومة لتمديد الفترة الانتقالية، وقال: لا يمكن بعد توقيعها مع كل حركة مسلحة تشرع في تمديد الفترة الانتقالية مجدداً، وأعتبر أنها حجج واهية بهدف البقاء في السلطة وسخر من ذلك بالقول: “هذا تحايل وتغبيش لوعي الجماهير، وحمدوك فشل في إدارة الفترة الانتقالية “، ودعا سعد إلى الإسراع في تنظيم الانتخابات مع حفظ كل حقوق الحركات المسلحة في الأجهزة التنفيذية والمجلس التشريعي، وأردف: لا يمكن استمرار إدارة البلاد في حكم انتقالي وهؤلاء ليس لهم ثقل جماهيري.
تمديد الوقت
ولكن المحلل السياسي د. أبو بكر آدم، يرى أن الغرض من التمديد هو إعطاء مزيد من الوقت لإجراء حوارات والتوافق على حد أدنى يمكن أن تتراضى عليه القوى السياسية، بجانب ذلك التمديد يعني أن تنفيذ اتفاق سلام جوبا لم يكتمل حتى الآن بالتالي التمديد أتاح الفرصة للتفاوض مع حركتي عبد الواحد نور وحركة عبد العزيز الحلو، من أجل اللحاق بالسلام وبالتالي من الضروري إتمام عملية السلام بالتوقيع مع كل الحركات، واعتبر عدم توقيع الحركتين فيه انتقاص من عملية السلام الجارية على أرض الواقع. الأمر الآخر فإن أمر التمديد يقصد منه إتمام هياكل الدولة باعتبار أن الوثيقة الدستورية نصت على توقيتات زمنية محددة لإتمام عملية الترتيبات الأمنية بجانب هيكلة مؤسسات الدولة وقيام المؤتمرات الدستورية. وقال لـ(الصيحة): إن الإشارة إلى تمديد الانتقالية ليس القصد منه الانقلاب على الشرعية الثورية، ولكن إعطاء أكبر فرصة للقوى السياسية لتستجمع قواها الجماهيرية من أجل مرحلة ما بعد الانتخابات. ونبَّه إلى أن الخلافات بين القوى السياسية حول المرحلة الانتقالية ليست أصيلة ولكن البعض منها ترى أن التمديد حتى تستجمع قواها الانتخابية ولكن بعض القوى السياسية تغشى من دخول الانتخابات ولا ترى في جدواها إصلاح للأزمة السياسية وبالتالي تعترض على قيامها، وفي هذا يمكن أن تكون تمديد الفترة الانتقالية في صالحها. ورأى ان الاعتراض على الحوارات التي تجري الآن في الساحة ليست في صالح تحديد الفترة الانتقالية، بل سيزيد منها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى