منى أبوزيد تكتب : المدام حامل..!

11 مايو 2022م

“لم أقل أبداً إن كل الممثلين أغنام، بل قلت إنه يجب معاملة كل الممثلين وكأنهم أغنام”.. ألفريد هتشكوك..!

اعتاد المشاهد العربي على بعض المُسلّمات الخاطئة التي ظلت شائعة ومتوارثة في سلوك أبطال معظم الأعمال الدرامية والسينمائية العربية. ومن تلك الأخطاء الشائعة ربط التدخين عند النساء بسوء السلوك، إذ لا بد أن تدخن البطلة سيئة السلوك كقطار الفحم ثم تنفث دخان سيجارتها بوقاحة في وجه البطل..!

 

مع أن الحقيقة المؤكدة بالأبحاث والدراسات العلمية هي أن نسبة النساء المدخنات في العالم العربي تفوق نسبة النساء سيئات السلوك بأضعاف مضاعفة، ولو كانت كل امرأة تدخن سيجارة سيئة السلوك، فالفاتحة إذن على الأخلاق العربية. السعودية مثلاً احتلت المرتبة الخامسة عالمياً في آخر دراسة بشأن نسبة النساء المدخنات وهي التي تعتبر من أكثر المجتمعات العربية محافظة وانغلاقاً..!

من المشاهد المألوفة الأخرى أن تستيقظ البطلة من النوم وهي بكامل زينتها، وجهها مليء بالأصباغ وشعرها مصفف بعناية فائقة أي أنه مرتب جداً وليس “منكوشاً” وكأنها أميرة أسطورية دخلت في غيبوبة وليس نوماً عادياً كنوم بقية خلق الله، بالطبع هنالك الكثير من النساء تكون أشكالهن جميلة جداً في لحظات الاستيقاظ من النوم، إنما من المستحيل أن تكون شعورهن مصففة بعناية على ذلك النحو المستفز حال استيقاظهن من النوم..!

أما الأدهى فهو أن البطلة بعد أن تستيقظ وتتثاءب في رقة العصفور قبل أن يضع أحدهم صينية الإفطار في حجرها فيرى السادة المشاهدون إفطاراً شهياً، لكن المشكلة ليست في أصناف صينية الإفطار بل في أن الجميلة “القايمة” من النوم تكتفي بإرجاع شعرها إلى الوراء بحركة مسرحية ثم تهجم على ذلك الإفطار وهي لا تزال ببقايا النعاس..!

 

نفس المشهد يتكرر في المسلسلات السورية شرب القهوة عند الصباح بمجرد القيام من النوم بلا سواك، ولو حكمت يردد البطل جملة “دقيقة أغسل وشي”، فيذهب إلى الحوض ويرش الماء على وجهه ثم يقوم بتجفيفه بالفوطة..!

لكنهم في تجاهلهم لحكاية السواك الصباحي يعكسون واقعهم، أي أن هذه الحكاية أمر واقع عندهم على الرغم من كونها سلوكاً خاطئاً، فتسوس الأسنان وأمراض الفم واللثة متفشية بكثرة  في دول العالم العربي الأخرى لأنهم لا يحتفون كثيراً بالسواك..!

 

ومن الحسنات القليلة لشعبنا المسكين أن الفقير والغني يحرصان على السواك، وأن الفرشاة والمعجون عندنا من أهم الأغراض في كل بيت حتى وإن كان خالياً من الطعام. والذين اغتربوا واختلطوا ببقية الشعوب الأخرى يُفاجأون بقلة اهتمام الكثير من هؤلاء بالسواك أغنياء كانوا أم فقراء..!

أما مشهد الطبيب الذي يستدعونه إلى المنزل في حال مرض الزوجة، فهو يتكرّر في جميع الأفلام والمسلسلات المصرية على النحو التالي، البطل يفرك يديه ويروح ويجيء أمام الغرفة المغلقة، ثم يخرج الطبيب الذي يكون في الغالب ممثلاً مغموراً وهو يحمل في يده حقيبة كبيرة، ثم يقول في لهجة رماديَّة محايدة جملته الخالدة “مبروك المدام حامل”..!

وهم في الغالب يقومون باستدعائه على إثر دوخة تشعر بها البطلة، أي أن هذا الحمل المزعوم لا يزال في بدايته، فلا يُعقل أن يكون الجنين قد كبر في بطنها للدرجة التي تُمكِّن الطبيب من قياس نبضه بالسماعة الطبية والبطلة لا تعلم كل هذا الوقت بأنها حامل..!

 

مَعلومٌ جداً أن حمل المرأة  في بدايته لا يمكن أن يكون مؤكداً إلا بعد إجراء التحاليل المعمليَّة المعتادة، فكيف بالله عليكم يعرف جميع الأطباء في المسلسلات والأفلام المصرية بأن المدام حامل..؟!

 

 

 

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى