نداء مقرن النيلين.. المرأة (تُفوِّض) الانتقالي

الخرطوم: صلاح مختار

تصوير: مُحمّد نور محكر

لأكثر من مرةٍ، تُنظِّم مُبادرة أهل السودان، لقاءات بين المجلس العسكري وقطاعات المجتمع السوداني، وأمس كان نداء مقرن النيلين للمرأة السودانية لدعم تفويض المجلس العسكري, حيث اكتظت القاعة الرئيسية بقاعة الصداقة بالمرأة في مختلف تخصُّصاتها, وبدا للعيان أن اللقاء أُعدّ له بشكلٍ جيِّدٍ وكبيرٍ ومُنظّمٍ ومُرتّبٍ.. وقبل دخول نائب رئيس المجلس الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، كانت الشعارات تقول: (لا مدنية بلا صندوق) و(شعب واحد جيش واحد), وهتاف آخر ينطلق بقوة يقول: (فوّضناك يا برهان)، وآخر (لا حُرية مع التّخريب ولا عدالة مع الإقصاء).

الساعة الأولى

رغم التأخير الذي صاحب بداية اللقاء، إلا أنّ مُمثلة المرأة د. فائزة محمد فضل الكريم، أكّدت أنّ المجلس العسكري شَريكٌ في الثورة والضَامن الوحيد للثورة ووحدة وأمن البلاد، وأشارت إلى التفاف الثورة وحمايتها من قبِل الجيش بالقيادة العامة، والتماساً منهم لاقتلاع رأس النظام والانحياز إلى الثورة والاضطلاع بالسلطة السياسية خلال الفترة الانتقالية، وقالت إنّ الشراكة مع القوات المسلحة التزامٌ بالوصول إلى الدولة المدنية التي ترتكز على الانتخابات، واعتبرت الدعوة للدولة المدنية دُون انتخابات مثل الزواج دُونَ عَقدٍ، ورأت أنّ هنالك مَن يَدعو إلى مدنيةٍ دُون انتخابات.

حَسم الفتنة

وطالبت فائزة، المجلس العسكري بحماية الأمن وحسم دعاة الفتنة وبالقانون، ورأت أن المجلس هو الضامن الوحيد لانتقال سلسٍ للسلطة، وأكدت أن المرأة سوف تظل مُحافظةً على تقاليدها وإنسانيتها، وباركت اطلاع المجلس العسكري على المهام والسُّلطات السِّياسيَّة كَافّة، ونقلت تفويض المرأة الكامل للمجلس لتكوين حكومة كفاءات مدنية مُعبِّرة عن كل أهل الأحزاب والتأكيد على تمكين المرأة بالمُشاركة في مراحل الانتقال كافّة، بجانب التمثيل الإيجابي للشباب.

دعم سريع

وانتقدت فائزة بشدة، الدعوات التي أطلقها البعض للإيقاع بالمرأة داخل ساحات الاعتصام، والتي أصابت سُمعة المرأة السودانية في مقتلٍ، واعتبرت أنّ تلك الدعوات لا تُمثل المرأة ولا تقبل بالدعوات التي تدعو إلى تحريرها، وعبّرت عن اعتزازها بقوات الدعم السريع التي تطمئن لها الكنداكات والأُسر، وأرسلت رسالة، قالت إنها للداخل والخارج بأن قوات الدعم السريع هي قوات وطنية، أُنشئت لحفظ الأمن وحماية المدنيين ومُحاربة الجرائم العابرة، وأعلنت وقوف كل نساء السودان ضد الحَملة المُوجّهة ضد الدعم السريع، وناشدت القِوى السِّياسيَّة بإعلاء شَأن الوَطن.

سُمعة المَـــرأة

ولفتت مُمثلة الشابات في المُلتقى زمالة مبارك لما أصاب سمعة المرأة السودانية داخل ساحة الاعتصام، وقالت إن ذلك حدث من أشخاص لا علاقة لهم بالثورة، واستنكرت التخريب الذي صَاحَب المناطق القريبة لساحة الاعتصام والمتاريس من بعض المُخرِّبين، كما استنكرت حالات التّحرُّش التي وقعت لهن, مُؤكِّدةً حضورهن في مؤسسات ومراحل ومداولات المرحلة الانتقالية كافّة، مناشدة الأحزاب والتحالُفات بضرورة الالتزام بعقد الوفاء والاحتكام لصناديق انتخابات حُرة ونَزيهة.

اعتذار وبداية

بعفويته المَعهودة، قَدّمَ نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دقلو، اعتذاره عن التأخير لمدة ساعتين، فيما وصف المرأة بأنها الأم والأخت، وأنه سعيدٌ بهذا الحضور الذي قال إنه منحه معنويات كبيرة جداً، وأضاف بقوله: (لو رجعنا للمرأة في السودان يجب الرجوع الى الريف اولاً)، مُبيِّناً أنّ المُعاناة درجات، مُشيراً إلى مُعاناة المرأة في الريف، وقال إنها  حمولة (60) قنطاراً، مُشيراً إلى دور المرأة في موسم الحصاد.. وقال: عندما نقول المُعاناة، نقول إنها تتجسّد في المرأة، بالتالي الآن جاء دور التغيير الذي بدأ الآن وهو تَغييرٌ حَقيقيٌّ، ورأي أنّ أول شخص يجد نفسه في التغيير هي المرأة السودانية، مُشيراً إلى خيرات السودان التي قال إنّها لم تُستغل أو توظّف بصُورةٍ صَحيحةٍ.

إعمال العدل

وشدّد دقلو على ضرورة إعمال العدل والبحث عن قضيتنا والرجوع الى مشكلتنا.. واعتبر “أنّ مُشكلتنا هي الظلم، وأن الناس تراه وساكتة عنه”، مبيناً أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأضاف أنّ مشكلتنا الحقيقية ناتجة عن الظلم ولا بُدّ من مُعالجته، وقال إنّ من الأفضل أن نضع (الحكاية برّة)، وجزم بأن التغيير الذي حصل قام به كل المُكوِّن السوداني، ورأي أن التغيير كان سببه الوقود والخبز والنقود (السيولة)، مُبيِّناً أن الشعب السوداني كان صابراً (30) عاماً بالقهر والابتلاء، لكنه لم يصل إلى هذه الدرجة, مُؤكِّداً أنّ التغيير حصل الآن في كل الشعب السوداني وكل الناس مُشاركة فيه.

غشٌ واضحٌ

وكشف دقلو بأنهم قالوا إن الشعب السوداني كله لم يخرج في البداية، مُضيفاً أن الحراك الثوري الأخير شارك فيه كل الناس، وأكد بالقول: لولا مُشاركة القوات المُسلّحة والقوات النظامية الأخرى لما حَدَثَ التغيير ولابُدّ أن نعترف بذلك”.. وتساءل لماذا لا نستغل ذلك لمصلحة البلد؟ ونقول للذي أخطأ (غلطان) والصحيح نقول له (صاح) لنجلس ونتفق، مُبيِّناً أن الاختلاف يأتي بالظلم، وإذا كان البشير ظالماً ليس معناه أننا ظالمون، مشدداً على ضرورة الابتعاد عن الظلم، ورأي أنه من الأفضل الجلوس والاتفاق.. مُبَيِّناً أنه بالتوافُق نستطيع تشكيل حكومة من الكفاءات والمُستقلين.. واعتبر هذا وقت المُستقلين, لجهة أنه ليست لديهم أجندة حتى لا يُؤسِّسوا لشمولية, وتساءل دقلو: لماذا طالبت قوى الحرية والتغيير بأربعة أعوام؟ قبل أن يجيب بقوله: (إنهم يريدون تأسيس وفرتقة.. والتغيير والتنظيف حتى تتمكّن مثلما البشير تمكّن من البلد)، ورأي أنّ ذلك هي مُشكلتنا الحقيقة قائلاً: حتى (يغشوكم).

بالتراضي والشورى

وطالب دقلو، قوى الحرية والتغيير والقوى الأخرى كافّة بأن تأتي بالمُستقلين، بيد أنه أكّد أنّ صناديق الاقتراع هي الفيصل.. مُبيِّناً أنهم حددوا ستة أشهر للفترة الانتقالية لكنهم قالوا لا تكفينا، وكذلك سنة، قالوا غير كافية وقلنا لهم سنتين كافية.. مُبيِّناً أنهم في المجلس العسكري دورهم رقابي ضامن، وقال: عندما يختلفوا نكون (أجاويد)، مُشيراً إلى أنّ دور المجلس ضامن وحافظ لأمن البلاد حتى الوصول إلى صناديق الانتخابات.. ورأي أنّ فترة العام كافية جداً لعمل دستور وهناك دستور (2005)، ويمكن أن نضع آخر ونأتي بالقانون وبالتراضي والشورى.

فلان وعلان

وقال دقلو: لولا أصحاب الأجندة التي قال إنها لا تفوت عليهم حتى إذا كان التفاوُض في يومين أو بعد عامٍ.. وقال: (نحن ما عاوزين عمر البشير تاني، بس دايرين البلد تمشي بمُستقلين ما عندهم علاقة بفلان أو علان).. وقال إنّ المجلس العسكري ليست لديه علاقة بالحكومة التنفيذية.. مُؤكِّداً مُوافقتهم على الأشهر الستة أو السنة أو السنتين للوصول الى حلٍّ شاملٍ يُرضي الجميع وليس طرفاً واحداً.. داعياً للاتفاق على رؤية واحدة لقيادة البلد حتى لا نرجع ونصبح مثل الدول الأخرى.. مُطالباً بانتخابات حرة ونزيهة مراقبة داخلياً وخارجياً.. وقال: بعد الآن لن نسمح لصندوق يتم تغييره أو تحويله من مكانه.

تغييرٌ حقيقيٌّ

وأكّد دقلو أنّ مُبادرة المرأة هي من ضمن مُبادرات أهل السُّودان والآن الدور المُهـــم هو دور المرأة، ولو سُئلت أنّ المرأة تُشَكِّل (60%) من المُجتمع، ولا بُدّ أن تأخذ في كل شَيءٍ (60%).. كما ترحّم على أرواح الشهداء.. وقال: الشخص الذي يفقد  مَصداقيته لا تكون له قيمة.. وأقسم (بأن الذي يقال عنهم، إذا كان فيهم لا يقعدوا يوماً).. وكشف عن توصُّلهم إلى الشخص المُسبّب في أحداث فض الاعتصام, ولكنه أمسك عن الإفصاح والغوص في التفاصيل وقال: حتى لا نفسد للجنة التحقيق عملها.. وقال انّ هذا الموضوع سوف تكشف عنها لجنة التحقيق.. وأقسم بأنّ أيِّ (زول) تجاوز حُدُوده في الأجهزة النظامية أو في (الملكية) أو الآخرين بأنهم سوف يقدموه للمحاكمة.. وقال انّ اللجنة ستكون شَفّافَة والمحكمة علنية ولو على أنفسنا.. وليست هناك أي مشكلة.

الرأي الآخر

بالنسبة لتفويض المجلس العسكري، أشار دقلو إلى أن القوى السياسية في السودان سلمت المجلس (173) رؤية, شملت حتى قوى الشباب، والذين قاموا بالتغيير وكانوا في المتاريس كلهم لديهم رأيٌ.. وانتقد الذين يرفضون الرأي الآخر رغم أن شعار الثورة “حرية.. سلام وعدالة”، ودعا إلى ترك الناس تقول رأيها.. مبيناً وجود حرية الرأي والرأي الآخر لأيِّ شخص يقول رأيه، حتى الذين في قوى الحرية والتغيير يجب أن يكونوا حُضُوراً.. وأعلن عن قبولهم التفويض وأوضح أنّه مَقبولٌ، بيد أنّه قال لا بُدّ أن يكون جماعياً.

تشكيل لجنة

وطالب دقلو، النساء لتشكيل لجنة منهن من الآن تكون حاضرة وليس اجتماعاً، وتلك اللجنة تُراقب ما تمّ من التزامات كانت صحيحة أم خطأ، وقال: “لا بُدّ أن تكون جُزءاً من الشباب والشابات الذين قاموا بالتغيير وقابلوا الرصاص والبمبان عاوزين يكونوا داخل القاعة”، وأشار الى أنّ جُزءاً منهم أمهاتهم وأخواتهم الآن موجودات في القاعة، وَدَعَا إلى تشكيل لجان الآن لتشارك مع الناس.

تَشكيكٌ مُتعمِّدٌ

ونوّه دقلو إلى حَملة التّشكيك الذي تَتَعَرّض لها قوات الدعم السريع, وضرب مثلاً حول ذلك، حيث قال إنّه تم إلقاء القبض على لواء ومعه مجموعة قاموا بتجنيد في قوات للدعم السريع، وأخرى تم القبض على مجموعة تتكوّن من (23) يلبسون زيّ الدعم السريع، مُبيِّناً أنّ يوم أمس تمّ القبض على (9) منهم في مدينة بورتسودان، لافتاً إلى أنّ الشرطة تَقُوم بالتّحرِّي والتّحقيق معهم وإلقاء القبض على الآخرين، وأكّد أنّ (كاكي) الدعم السريع الآن موجود بالأسواق.

فَض الاعتصام

وقال دقلو: قبل فض الاعتصام تم القبض على عددٍ من المجموعات، بينهم ضباط وأفراد بالزيّ العسكري للدعم السريع.. وأضاف: ليس كل من يلبس كاكي الدعم السريع يتبع للدعم السريع, وقال: “الآن شغالين في القبض على مجموعات كثيرة جداً”.. مُبيِّناً أن الدعم السريع ليس كلهم ملائكة أو لا يُخطئون، الذي ارتكب خطأً تتم مُحاسبته فوراً، وأن محكمة الميدان في الميدان.. وأشار إلى الرقم الخاص لبلاغات الدعم السريع للاتصال ليلاً أو نهاراً.. وأكد أن الناس جاهزون.. وكرّر بأنّ أيِّ شخص تَجَاوَز حُدُوده في القوات النظامية سيُحاكم فوراً.

تمليك الحقائق

وأقر دقلو بضعف الإعلام وقال إنه ليس مع المجلس العسكري.. مُشيراً الى المُعالجات الخاصة لتمليك المعلومات للرأي العام، وتفعيل الناطق الرسمي بقوات الدعم السريع والناطق باسم الشرطة والقوات المُسلحة لتمليك الحدث للرأي العام أولاً بأول سواء كان الحدث لنا أم علينا سيتم نقله أولاً بأول حتى يتم تمليك الناس الحقائق.

الحق أبلج

وكشف دقلو أنه في (8) رمضان تَمّ القبض على (14) عسكرياً نظامياً تابعين للقوات النظامية، منهم (5) سجلوا اعترافاً قضائياً، وقال إنّ القضية سوف تكشف عنها في المُستقبل وفي النهاية الحق أبلج ولا يصح إلا الصحيح.

الحل الجماعي

وشدّد دقلو، على أن الحل يجب أن يكون جماعياً ليس مُنفرداً، وقال: لا نُريد إقصاء أي شخص، نريد الحل جماعياً، مُبيِّناً أن البلد لا تتحمّل، وأن الدولة تحتاج إلى حكومة تنفيذية سريعة جداً، وبرّر التأخير الذي يحدث بالنسبة لتشكيل الحكومة الانتقالية نسبةً للوصول إلى وفاق مع الجميع, وقال إنه بإمكاننا عمل حكومة كفاءات وهي موجودة، وأوضح أنّهم استلموا أسماء أعدادٍ كبيرةٍ من الكفاءات، بيد أنّهم لا يريدون آخرين خارج الاتفاق حتى لا يقوموا بتظاهرات أو مشاكل، وقال: نريد حلاً شاملاً مُرضياً للجميع.

التزامٌ قَاطعٌ

وقال دقلو: لا نستطيع الآن التفكير ولم نستطع رؤية احتياجات الناس، والتزم بتبني مشاريع خاصّة بالمرأة والشرائح الضعيفة والبدء فيها فوراً.. وقال: نحن ما خرجنا إلا لصالح المظلومين.. وتساءل بالقول: (هل القاعة دي فيها مؤتمر وطني واللاّ ما فيها؟ وآخرون يقولون إن الدعم السريع ميّالون إلى الإسلاميين).. مؤكداً أن المؤتمر الوطني الآن دوره انتهى وحكمه انتهى وحصل تغيير حقيقي، والآن لا نأخذهم بالشبهات وليسوا كلهم مجرمين، ولكن علينا بالفاسدين الذين محلهم السجن أو أن يأتي بحق الشعب السوداني, وأشار إلى الحديث عن مُحاكمات رموز النظام السابق، وقال: “بأيِّ قانون تتم مُحاكمتهم، لأنهم سيذهبون إلى النيابة وتقول لهم ما عليكم أي شيء.. وانت هنا تقول الحرية للسياسيين وهؤلاء من ضمن السياسيين”.. وشّدد على ضرورة قيام محاكمات وقال: (لازم تكون هناك مُحاكمات).. وأشار إلى قضية خشم القربة التي تحوّلت إلى النائب العام ولكن ليست هناك نتيجة.. وكشف أنّ (9) من رموز النظام السابق  لديهم ملفات فساد بين يدي النائب العام لتقديمهم الى المحاكمات.

 بداية المُحاكمات

وقال دقلو: من اليوم تبدأ كل المحاكمات وتظهر كل الخفايا، المذنب يمشي بذنبه والبريء يطلع.. وتساءل: “هل الناس ديل ما فيهم فساد؟ معقولة ما عندهم فساد؟”.. مُبيِّناً أن الأمور واضحة مثل الشمس.. مُؤكِّداً أن هناك حقاً وعدالة وقانوناً ولا بد من أخذه الآن بالقانون، وليست هناك وساطة لمرتكبي جرائم الفساد.. ولن نجامل أحداً وما خايفين من زول أو من المحكمة الجنائية وأي شخص عنده ذنب يتحمله.. وأيِّ شخص قال كلمة هي محسوبة وبالقانون الذي لا يستثني أحداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى