راح ضحيته العشرات تجدُّد العنف بغرب دارفور.. هل يعيد القوات الأممية؟

 

الخرطوم: مريم أبشر       28  ابريل 2022م

بشكل مأساوي وفي مشاهد تكررت منذ عقود، ولأسباب لا ترقى لسفك الدماء البريئة، تشهد ولاية غرب دارفور اندلاع موجة توترات جديدة   خلفت وراءها  عددا كبيرا من القتلى و الجرحى، و فتحت مجدداً جروحاً ظن أهل دارفور أنها ستصبح من الماضي بعد ثورة ديسمبر  المجيدة و توقيع اتفاق جوبا للسلام الذي أعلن لحظة التوقيع عليه انه طوى صفحة الحرب في دارفور للأبد  ، بعد أن وضع الحلول الجذرية  بشأن  الأزمة، غير ان تجدد النزاعات بين الحين و الآخر و فقدان الأرواح على إثرها ، رغم دخول قيادات الكفاح المسلح لكابينة الحكومة و قيام حكومة الإقليم، فتح الباب امام توقعات بعض المراقبين بأنه هل ما زالت دارفور في حاجة للعودة مرة أخرى  للقوات الأممية لحفظ الامن والسلام كما كان إبان العهد البائد نشوب موجة العنف والاقتتال، دفع بعدد من المنظمات والمؤسسات الدولية لإدانة العنف وتحميل الحكومة الانتقالية المسؤولية وحثها وأجهزتها الرسمية بحفظ الأمن.

قوة مشتركة

الصراع بغرب دارفور، دفع بالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لإدانة العنف ووضع  حد له بولاية غرب دارفور، و دعا في بيان لها الحكومة بتقديم الجناة للعدالة و حسب بيات للمتحدث للشؤون السياسية والأمنية ان  جميع  الموقعين  على اتفاقية جوبا للسلام يتحمّلون مسؤولية مشتركة مع القوات المسلحة و قوات الحركات  عن حماية المواطنين،  ودعا للتسجيل بتشكيل قوة مشتركة لحفظ السلام و الأمن وفق البيان، و قال  المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي هنالك  حاجة ماسة لتكوين القوة المشتركة من القوات المسلحة السودانية و قوات الحركات الموقعة  بموجب اتفاق جوبا للسلام وطالب الاتحاد الأوروبي الحكومة بالتعجيل بتشكيل تلك القوة و أن الاتحاد الأوروبي  على استعداد لتقديم المساعدات الإنسانية  للمحتاجين، و طالب الحكومة بتسهيل عملية الوصول والخروج الآمن دون عوائق للجهات الفاعلة على الأرض.

 استدعاء

السفير والخبير الدبلوماسي الصادق المقلي تساءل في افادته لـ(الصيحة) عن مغزى  اتفاقية سلام جوبا ان لم توقف  الحرب و العنف في دارفور وتضع حداً للازمة  التي  لم يدفع فاتورتها الأهل في دارفور فحسب، بل كل الشعب السوداني الذي لا يزال يسدد في  فاتورة  الحرب جوعاً و مرضاً و فقراً،  واستدعى السفير تداعيات الأحداث السابقة والآثار التي خلفتها على السودان  بسبب الصراع في دارفور، مشيراً إلى أن السودان ظل بين مطرقة مفوضية حقوق الإنسان في جنيف بفعل انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور  وسندان مجلس الأمن في نيويورك نسبةً لانتهاك القانون الدولي الإنساني ومقصلة الجنائية الدولية في لاهاي، فقد ظلت الحالة في دارفور قيد النظر في هذه المحافل الدولية، ففي جنيف ظل سيف المراقبين و الخبراء المستقلين والإجراءات الخاصة من قبل المفوضية سيفاً  مُسلّطاً على السودان وتعاقب  العشرات منهم على الخرطوم، إلى أن تم إنهاء ولاية آخر خبير في حقوق الإنسان بفضل ثورة ديسمبر واستعاد السودان موقعه في مجلس حقوق الإنسان.

بسبب ذات الأزمة، قرر مجلس الأمن  إصدار عدد من القرارات و على رأسها القرار الخاص بإيفاد بعثة “يوناميد” إلى دارفور ، والقرار ١٥٩٣ الذي أحال مجلس الامن بموجبه الحالة في دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، و ظلت القوات الأممية موجودة الى أن اطمأنت بعد الثورة   توقيع اتفاق جوبا للسلام أن وجودها لم يعد مهماً بعد أن استتب الأمن والقوات السودانية قادرة على حماية مواطنيها.

تأتي الرياح

السفير الصادق المقلي أشار الى أنه وبعد نجاح ثورة ديسمبر وإبرام اتفاقية سلام جوبا استبشر الناس خيراً، ان الحرب قد وضعت أوزارها، وان دارفور ستنعم  بالسلام والأمن والاستقرار وأن ضحايا الحرب من النازحين واللاجئين سيعودون لقراهم، ولكن يبدو أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، فقد فشلت السلطات وحركات الكفاح المسلح، في انفاذ ملف الترتيبات الأمنية اهم ملفات اتفاقية جوبا لأسباب، قال إنها  غير معروفة رغم مضي اكثر من عام نصف من توقيع اتفاقية جوبا، وبات الامن حتى الآن مفقوداً، فقد استباح الانفلات الأمني أصول “يوناميد” وبرنامج الغذاء العالمي نهباً وسلباً وأصبح نزيف الدم العملة السائدة في دارفور، من جبل مون مروراً حاليا بكرينك والجنينة، وعبر المقلي عن خشيته حال استمر النزيف بهذه الوتيرة أن تعقب إدانات المجتمع الدولي وخاصة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان و منظمات ناشطة غير حكومية، والأمين العام للأمم المتحدة وبعض العواصم الغربية أن تتطور هذه الإدانة و تعود بنا الى مربع الحماية الدولية، و دعا  السلطات وحركات الكفاح المسلح الشريكة في الحكم ان تلتقط القفاز بدل تبادل الاتهامات، و زاد  نخشى أيضاً في ظل هذا الانفلات الأمني في دارفور وانسداد الأفق السياسي و العزلة الدولية و عدم الاستقرار و الانهيار الاقتصادي الماثل، أن يفقد الجميع الأمل في إنفاذ اتفاقية جوبا، وقال المقلي إنّه اذا استمر نزيف الدم بهذه الوتيرة ولم يتوقف وعجزت الدولة عن حسم الانفلات الأمني في دارفور والتعدي حتى على المستشفيات وقتل المدنيين خاصة النساء والأطفال ربما يؤدي ذلك الى تدخل أممي لحماية المدنيين وعودة القوات الأممية مجدداً لحفظ أمن المواطنين بدارفور.

التركة السابقة

عضو مجلس السيادة واحد الموقعين على اتفاقية جوبا للسلام الدكتور الهادي إدريس قال في إفادة له لقناة الجزيرة عن أحداث دارفور  ان من اهم اسبابها عجز الدولة وغيابها و ان السودان ليس بالدولة المكتملة الأركان، واضاف كما ان ما يحدث هناك جزء منه تركة النظام البائد، حيث هناك الكثير من الغبن تجاهه سواء فى سياسته في عام ٩٧ عن تقسيم الأراضي والحواكير ، ومن جهة أخرى لافلات العديد من رموز النظام البائد حالياً من العقاب حيث ارتكبوا  الكثير من الانتهاكات والجرائم في دارفور وان عدداً  من قياداته مطلوب لدى الجنائية الدولية.

غير وارد

الخبير والمحلل الأكاديمي الدكتور صلاح الدومة، استبعد عودة قوات حفظ السلام لدارفور كما حدث إبان العهد البائد، غير انه لم يستبعد تدخل الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بشكل أو آخر للضغط على الحكومة لتنفيذ اتفاق جوبا ومعالجة الاختلالات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى