(آبي أحمد) في الخرطوم.. صراع محاور أم دفع علاقات؟

ليوم واحد

(آبي أحمد) في الخرطوم.. صراع محاور أم دفع علاقات؟

تقرير- مريم أبَّشر

يصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الخميس، إلى الخرطوم في زيارة رسمية تعد الأولى منذ توتر الأوضاع الأمنية بين البلدين على خلفية النزاع  الشرقي العام الماضي .

وحسب معلومات (الصيحة) فإن وفد مقدمة زيارة رئيس الوزراء أبي أحمد وصل الخرطوم أمس، لإكمال الترتيبات الخاصة بالزيارة.

وأوضحت المصادر أنّ آبي أحمد، سيلتقي خلال الزيارة التي تمتد يوماً واحداً  برئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان ويجري الزعيمان قمة مغلقة تستبق  جلسة المباحثات المشتركة بالقصر الجمهوري.

وتأتي زيارة أبي أحمد للخرطوم في وقت بالغ التعقيد بالنسبة للسودان في أعقاب التطورات التي أعقبت انقلاب الخامس و العشرين من أكتوبر العام قبل الماضي، وما وصل إليه حال البلاد من تدهور مريع في أوضاعه السياسية والاقتصادية والأمنية و شبه عزلة يعيشها السودان دولياً وإقليمياً بما في ذلك تجميد عضويته في الاتحاد الأفريقي وتأتي الزيارة -أيضاً- في أعقاب تحركات مصرية تسارعت مؤخراً لجمع القوى السياسية و تحديداً الكتلة الديموقراطية  وذلك بعد توقيع قوى الحرية والتغيير المركزية و المكوِّن العسكري وقوى سياسية أخرى وبعض الموقعين على اتفاق جوبا للسلام على الاتفاق الإطاري بمشاركة الآلية الثلاثية والرباعية وبعض الدول الصديقة والشركاء الإقليميين والدوليين ودخول العملية السياسية إلى مراحل متقدمة نحو وضع حلول للقضايا العالقة وصولاً لاتفاق شامل لينهي أزمة  الفترة الانتقالية .

علاقات خاصة

على الرغم مما يعتريها من تأثر في ظروف متغيِّرة تظل العلاقات الإثيوبية -السودانية راسخة بحكم الجوار والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة.

ومثلت العلاقات الشعبية بعداً آخر، تعلو  وتخفت وتيرة التقلبات السياسية بين الخرطوم وأديس أبابا حرباً وسلماً، ولكن لم تؤثر على المد الشعبي المتواصل في الحرب والسلم، بل أن الشعب الإثيوبي ظل على الدوام يبحث عن الأمن في الأراضي السودانية ويلجأ إليها كأول محطة، عندما يفقد الأمن والطمأنينة  على أرضه بسبب الخلافات وظلت إثيوبيا  داعمة لقضايا السودان وشكلت الوساطة التي قادها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في العام ٢٠١٩ بعد كارثة فض اعتصام القيادة وحالة التصعيد وانسداد الأفق التي سادت بين المكونين العسكري والمدني، طوق النجاة الذي قاد لتقريب و جهات النظر بين القوى العسكرية و المدنية ودفعت بالأطراف للتوقيع على الوثيقة الدستورية التي قادت لتشكيل أول حكومة انتقالية بعد ثورة ديسمبر المجيدة.

ورغم دخول أطراف عديدة إقليمية ودولية  بما فيها، الاتحاد الأفريقي الذي تستضيف مقره أديس أبابا، إلا أن أبي أحمد أفلح في وأد فتيل الأزمة وتقريب الأطراف، نظراً للعلاقات الخاصة التي تربط البلدين .

ضياع مصالحنا

كما هو معلوم كل دول العالم لديها مصالح مع الدول الأخرى وهذا شئ طبيعي و الأصل في العلاقات الدولية ويتم تحقيقه عبر القوى الناعمة ولكن للأسف والإفادة لـ (الصيحة) للأستاذ المحامي معز حضرة، أن السودان برغم تأثيراته  الكبيرة على دول الجوار ورغم امتلاكه لأسلحة كبيرة يمكن استخدامها مصالحه، إلا أنه لم يحقق شيئاً،  وعزا ذلك إلى أن السودان ظل منذ استقلاله ١٩٥٦ تحت سيطرة الحكومات العسكرية لا تسعى  لمصلحة شعبها وإنما مصلحة نفسه ومن أجل البقاء في الكرسي، وذكر أن نظام الإنقاذ ومن أجل ما أسماه  بالمغامرة الصبيانية الآيديولوجية بمحاولة قتل رئيس دولة في دولة أخرى خسرنا حلايب و شلاتين، بل أن السودان أصبح دولة ترعى الإرهاب بسبب مشروع وهمي وأضاف حضرة الخاسر الوحيد هو الشعب السوداني، كما خسر قبلاً إبان حكم عبود أراضي زراعية  غمرتها مياه السد العالي وفقدنا آثار قيمة وشرِّدت قبائل ولم يتم النظر لمصلحة السودان.

 تحرُّك مشفوع

الأستاذ معز حضرة، يرى أن هنالك تحركات مصرية وإثيوبية وإماراتية وحتى سعودية، واعتبر تلك التحركات مشفوعة في إطار البحث عن المصالح، ولكن تساءل حضرة عن أين مصالحنا نحن؟ وأين حكامنا؟ ومن يديرون شؤون البلاد الآن؟ غض النظر عن شرعيتهم من عدمها من مصالح السودان، وأضاف: أصبحنا نتفرَّج والسلطة تمارس دور المتخرج تجاه الزوار تارة مديرو استخبارات وتارة رؤساء، واعتبر ذلك أمر مؤسف، وتابع بقوله: (وكأننا أيتام) ويرى أن علاقاتنا الخارجية يجب أن تكون موازنة تنظر فقط لمصلحة السودان الآنية والمستقبلية وليس مصالح غيرهم،  ويرى أن زيارة أبي أحمد غدًا مشفوعة في سياق البحث عن المصالح ولكن يجب على الحاكمين البحث عن مصالحنا وأن ننظر لتلك العلاقات لكسب المزيد من المصالح للشعب وليس الحاكمين وأن تسعى للأحداث توافق وطني لحلحلة  مشاكلنا السياسية دون تدخلات خارجية تضر بمصالحنا الجوهرية.

اللمسات الأخيرة

أكاديمون مراقبون للأوضاع السياسية بالبلاد رأوا أن زيارة أبي أحمد تأتي في إطار محورين أولهما دفع العلاقات الثنائية والهدف الأهم الوقوف على آخر مراحل الاتفاق النهائي للتسوية السياسة.

ويقول الدكتور صلاح الدومة الأكاديمي والقيادي بالحرية والتغيير أن زيارة أبي أحمد، مرحَّب بها وتأتي فى إطار تنفيذ الإطاري المدعوم من أمريكا وهي زيارة ضمن الخطة الأمريكية، ويرى الدومة في حديثه لـ(الصيحة) أن الاتفاق الإطاري رغم أنه ليس بدرجة الممتاز لكنه ليس في الإمكان، مضيفاً إذا وضعنا في البال أن السياسة فن الممكن في إدارة الدولة، وشبَّه زيارة أبي أحمد المقررة اليوم، بتلك التي جرت إبان حكومة فترة د.حمدوك وهي تمثل ذات السيناريو والقدرة على تحقيق الاختراق المطلوب، ونبَّه إلى أن الزيارة تأتي ضمن الترتيبات وصولاً لاتفاق نهائي ينهي حالة الانقلاب ويعيد الأمور إلى أفضل مما كان ولكنه أقل مما يطمح له الشعب السوداني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى