الميثاق المُوحّد.. مولودٌ آخر.. هل ينجح في إيجاد حل للأزمة المتقدة؟!

 

الخرطوم: آثار كامل    6 يناير 2022م 

لا يزال هناك ضوءٌ في آخر نفق الأزمة السياسية المستفحلة في السودان, رغم ما تشهده الساحة السياسية من تعقيدات برفض قطاع واسع للحوار واستمرار الثوار في تصعيدهم, مُطالبين بالحكم المدني في مواجهة قمع القوات الأمنية التي تعمل على تفريقهم بالغاز المُسيّل للدموع, في ظل جدولة المحتجين للمليونيات المُطالبة بتسليم السلطة للمدنيين, على أمل أن تكون مفتاح التحول الديمقراطي في السودان للفترة القادمة, فيما ازداد المشهد السياسي اشتعالاً في البلاد عقب استقالة د. عبد الله حمدوك من منصبه كرئيس للوزراء, وباتت القوى السياسية في ربكة ما بين مؤيد لذهابه ومُتحسِّر على ما قام به حمدوك, في مشهد جديد ربما يقود البلاد إلى حل, حيث كشفت قيادات بقوى الحرية والتغيير وقوى الميثاق – التوافق الوطني عن (ميثاق موحد) من أجل التوصُّل إلى حل وتوافق سياسي ويضم أحزاباً عريضة وقوى سياسية فاعلة, بجانب قوى الكفاح المسلح وعددا من لجان المقاومة,  وظل البعض خلال الفترة الأخيرة يدعو المدنيين والعسكريين لعقد مؤتمر مائدة مُستديرة لمناقشة القضايا وصولاً لرؤية مشتركة حول كيف يُحكم السودان بدلاً من الصراع على مَن يحكم السودان, وظلت تلك الدعوات مفتوحة  لبناء رؤى سياسية لفترة الانتقال لإنجاح تلك الفترة وتحقيق التحول الديمقراطي.

يبقى السؤال هل ينجح الميثاق الموحد في الخروج برؤية موحدة واتفاق لإخراج البلاد من الأزمات التي تعاني منها؟

يرى مراقبون تحدثت اليهم (الصيحة) بأنّ المواثيق والرؤى السياسية المطروحة منحت بعض الأحزاب وكتل القوى المدنية والاجتماعية أفضلية في مواصلة سيرها في رسم صورة المرحلة الانتقالية, لكنها لن تكون مُجدية في ظل وجود مجموعات ترى   أنّها قادرة على مواصلة الضغط لخلق وضع أفضل, ويظهر ذلك في عدم التفاف الجميع تحت مظلة موحدة في ظل تبادل الاتهامات,  مشيرين الى أن البلاد تسير في مسار غير واضح مع وجود متطلبات الشارع  والتي تعكس عدم النظام والاختلال  بين المكونات السياسية والشباب الثوري, وبالتالى بهذا الاختلال لن تُوقف هذه المطالبات في ظل المهادنات التي تطرح من بعض القوى السياسية, كل ذلك يحسم بتكوين مؤسسات الدولة التي تُخاطب مثل هذه القضايا المطلبية وخلق كتلة سياسية واحدة لأنه ليس من المصلحة أن ترفع أي جهة مهما كانت يدها عن المُشاركة في عملية الانتقال, لأن ذلك نتاجه الإعاقة وخلق كتلة قادرة على العبور بالفترة الانتقالية والبلاد لبر الأمان.

حاضنة وطنية  

يرى الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية علي جبريل بأن أزمة البلاد لا تتمثل في مواثيق أو اتفاقات على الورق, بل مرجعية وهي الوثيقة الدستورية, ولفت بأنه لا بد من الجميع الآن وفي هذه الفترة استصحاب الحكمة وتجاوز الصراعات الدائرة بين كل القوى السياسية والعمل على تشكيل حكومة جديدة عبر كفاءات, وأضاف جبريل في حديثه لـ(الصيحة) أنه يجب ترميم الحاضنة الوطنية بصورة فورية ومُعالجة الإشكالات داخل القوى السياسية وإشراك القوى الثورية الحيّة في المرحلة القادمة، ومن ثم تشكيل حكومة كفاءات، مشيرا إلى أن السودانيين عليهم أن يضعوا مصلحة بلادهم نصب أعينهم, بجانب توسيع قاعدة المشاركة.

 

مشروع غير مقبول 

قال القيادي بقوى الحرية والتغيير المعز حضرة لـ(الصيحة), إن هذه مجموعات مؤيدة لما يقوم به البرهان, لافتاً بأنّ هذا مشروع غير مقبول, وأوضح حضرة بأنها هي المجموعة التي قدمت الاتفاق السياسي الذي وقع عليه البرهان ورئيس الوزراء السابق, ونوه المعز بأنه يجب عليها الاعتراف بأن ما تم في (25) أكتوبر انقلاب والاعتذار للشعب وتجاوز هذا الامر, ولا بد من تحديد موقف, ولفت بأن الميثاق الذي يتحدثون عنه به أفراد يمثلون أحزابا مختلفة في داخلها والبعض يمثل نفسه ومجموعات تعمل لوحدها, كاشفاً بأنه لن يخلق شيئا لأنه لن يخلق توافقا, ونوّه بأنّ الميثاق قام على قاعدة غير صحيحة لا يتفق معها الآخرون.

 

غياب الرؤية

أقرّ د. خالد قنديل محمد المحلل السياسي بغياب الرؤية السياسية وعدم وجود قيادة موحدة وخُطة وأهداف واقعية قابلة للتحقق, ونوه بأن الخيارات مُغلقة الآن في ظل تعنت الشارع وتشاكس القوى السياسية, وأشار قنديل خلال حديثه لـ(الصيحة) إلى ان عدم توافق الكل وخروج كتل ومجموعات بميثاق او خارطة لا يقدم شيئاً في ظل الرؤى المختلفة لكل مكون وعدم قبول الآخر, بجانب الانقسامات الموجودة داخل القوى السياسية وأحزابها, لذلك لا توجد أفق حلول, وأضاف بأن أي ميثاق جديد يجب ان تتمحور فيه نقاط أساسية, وأولها الحوار المباشر مع القيادة الثورية واستصحاب رؤية الشارع للقيادة الجديدة, وطرح حل سياسي بآليات ترضي تطلعات الشارع, وبذلك نتجنب العنف والموت الذي يحدث الآن في الشارع, ونقلل كلفة الخسائر بوصول الشارع لأهدافه, فلا بديل للحل السياسي بالحوار الجامع بعيداً عن الأفق الضيقة والذي يؤسس لقيادة تتوفر لها القدرة الفكرية والحركية والقدر المعقول لترشيد التحشيد الجماهيري لصالح اهداف واضحة تخدم عملية التغيير الجذري وتُؤسِّس للانتقال الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى