سَيُعانِي من يحكم السودان

   * سَيُعانِي كل من سيحكم السودان مستقبلاً ليس لأننا شعب أكثره غير منتج وحسب، ولا لأننا شعب مستهلِك بِسَرَفٍ وبذخٍ وحسب، ولكن لأن ثلاث ثورات هي: (أُكتوبر وأبريل وديسمبر) أسقطت أقوى ثلاث حكومات فانفتحت الشهية لإسقاط أي حكومة ستحكم السودان تحت شعار (تسقط بس)! ثم ماذا بعد؟! إنها (بس) التي جعلتنا (نحوص ونبوص) قرابة الثلاثة أشهر بلا حكومة!

   * سَيُعانِي من سيحكم السودان لأن جيلاً من الشباب والصبية والأطفال فهموا أنهم يستطيعون إسقاط أيَّةِ حكومة ويستطيعون الوقوف – لسبب أو لغير سبب- أمام القوات النظامية بكل مؤسساتها وتشكيلاتها فيموت بعضهم لتتاجر القوى العاجزة جماهيرياً بدمائهم!

   * سَيُعانِي كل من سيحكم السودان مستقبلاً لأن هناك متربصين بالداخل والخارج يجيرون السخط المطلبي لهذا الجيل لصالح أجندتهم التي ليست لها علاقة بمطلبه.

   * سَيُعانِي كل من سيحكم السودان لأننا شعب أكثره يجيد الشكوى والتظلم – بالحق وبغير الحق- ممن ولِيَ أمره.. وتنطبق علينا القصة المشهورة التي تحكي عن رجل أراد أن يشتكي رجلاً آخر للقضاء فذهب إلى كاتب العرائض التي تُقَدَّم باسم الشاكي كدعوى للمحاكم. فاستمع إليه (العرضحالجي) ثم كتب له عريضة الدعوى بلغة استعطافية وعبارات تهويلية ثم قرأها عليه فبكى الرجل الشاكي بكاءً مُرّاً ثم قال: (والله ما كنت عارف إني مظلوم قدر دا)! وأكثر الشعب السوداني مثل ذلك الشاكي فهو لم يكن يعرف أنه كان مظلوماً كل هذا الظلم طيلة الثلاثين عاماً الماضية إلا بعد ظهور (العرضحالجية) المحليين والدوليين وتناول قنوات (المديدة حرقتني) لشكواهم!

   * سَيُعانِي من سيحكمنا لأننا قوم إذا ذهب أحدنا إلى الطبيب فهو لا يعطيه وصفاً دقيقاً لشكواه وإنما يُهوِّل الأمر ويبث كل أحزانه وأوهامه وتَخَيُّلاتِه. وربما كان الغضب على المدام، وعدم سماعها للكلام، ووضعها الملح على الطعام، واحداً من فقرات وصف الألم للطبيب! وإذا كانت الحمى متقطعة مثلاً قال إنها مستمرة ظناً منه أنه يستطيع بذلك الحصول على أقوى علاج لشكواه! وهو في الواقع يخدع الطبيب ولا يدري أنه دفع ماله وبدأ بخطوة خاطئه في طريق العلاج! تتمثل في تضليل الطبيب. وقد يضطر الطبيب لتوسيع طيف الفحوصات المعملية مما يزيد تكلفة العلاج.. فهل تسمعين يا (قحت)؟!

   * سَيُعانِي من سيحكم السودان لأن بعض شبابنا هتفوا نهاراً مِلْءَ حناجرهم (نحن الجيل الراكب راس.. لن يحكمنا رئيس رقاص) ثم في المساء رقصوا في الصالات والصيوانات وهزوا (أوساطهم) نصف الكاسيات بـ(السيستم) وتَدَلُّوا بها نحو الأرض وهم يرددون: (تسقط بس.. تسقط بس) وارتفعوا بها بالحركة الأفقية (لبندول الساعة) وهم يرددون: (ما بنخاف.. ما بنخاف.. ما بنخاف) وقد لا يعلمون أنهم يَذُمُّون عملاً ويأتون أسوأ منه!

   * لن يستقيم حالنا في الحكم ولا في أي شأن من شؤون حياتنا ما لم نُغَلِّب العقل على النقل والعاطفة في الشأن العام. وما لم نصلح أنفسنا وننصف الآخر منها فيصبح العدل عُرْفاً مجتمعياً وسلوكاً جمعياً قبل أن يكون وزارة اتحادية.

   * ولولا أن (قحت) كشرت عن أنياب التشفي والانتقام لتمنينا أن تحكم (عشان تعرف منو الطفا النور). كان ﷲ في عون المجلس العسكري حتى يُبَلِّغَنا الانتخابات وسترون بعد الانتخاب كيف ستكون الانتحابات (بالحاء المهملة)! ولك الله يا سودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى