الحرية والتغيير.. (القنبلة الموقوتة)

عوضية سليمان

خلافات عديدة، برزت بين مكونات إعلان قوى الحرية والتغيير بعد دخولها في جلسات التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي.. هذه الخلافات رغم أنها قديمة وعميقة وموروثة، وإن بدت مكتومة طيلة الفترة الماضية، إلا أنها بدأت تطفو على سطح المشهد السياسي مؤخراً.. ورغم وحدة الهدف فيما مضى لمكونات قوى التغيير وهو (إسقاط الإنقاذ)، إلا أن الشواهد تشير إلى أن مكونات هذا التحالف وبعد سقوط الإنقاذ تمضي في طرق شتى وبرؤى مختلفة، فكان التشتت والشتات الذي تعانيه تلك المكونات…

مراقبون يتساءلون عما تريده أحزاب الحرية والتغيير، من الحكومة الحالية، خاصة الحزب الشيوعي الذي أظهر احتجاجات كبيرة جداً بالرغم من أن هنالك ممثلاً له داخل المفاوضات وهو شخصية لها وزنها….

أهمية وخطورة

في بيان لسكرتير الحزب الشيوعي محمد الخطيب، قال فيه إن الجماهير وحدها هي صاحبة المصلحة وحارسة انتفاضة الشعب. وأضاف أنه مع عدم الشفافية وإخفاء الحقائق وقوة الإجماع الوطني، من حقه الثابت معرفة ما يدور في المفاوضات، وأن ما يدور داخل المفاوضات محجوب عن الحزب مع سبق الإصرار والترصد عدا المعلومات غير المؤكدة التي لا يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ قرار بهذه الأهمية والخطورة، وتمسك الحزب بتنفيذ المطلوبات الستة التي سبق أن أعلنتها قوى الحرية والتغيير، ويدعو لعدم التوقيع على أي اتفاقية ما لم يتم الإيفاء بها.

ولم يقف الاعتراض على ما جاء في الوثيقة المبدئية على الاتفاق علي الجبهة الثورية او الحزب الشيوعي فقط، بل إن بعض الولايات ترى أنه خلال توزيع المهام والمناصب في المناطق التي تحدث عنها الاتفاق لم يذكر الشرق مما يعطي وجهاً آخر من أوجه النزاع حول المناصب التي يرى البعض أنها ربما ذهبت لما كان سائداً في النظام السابق، ومن محاصصات جهوية وقبلية وسياسية بعيداً عن ما كان يُنادى به من كفاءات، مما جعل بعض المراقبين يبدون تفاؤلاً حذراً في الوصول إلى اتفاق وإن تم الوصول إلى اتفاق، فهنالك تخوّف من الدخول في متاهات أخرى.

خلافات تاريخية

بداية أكد لـ(الصيحة) مصدر سياسي من داخل تحالف التغيير ـ فضل حجب اسمه، وجود انقسام كبير داخل الاحزاب بما فيها الحزب الشيوعي ومعظم قيادات التحالف، مدللاً بما حدث بين ممثل الحزب الشيوعي بالتحالف صديق يوسف وسكرتير الحزب الخطيب الذي أوضح أنه ضد الاتفاق لوجود خلاف سابق داخل الحزب الشيوعي حول بنود الاتفاق، موضحاً انه اختلف مع لجنة الأطباء المركزية التي كان موقفها متماهياً مع النظام السابق.

وحذر المصدر من مغبة أن تجر اتهامات قيادات الحزب الشيوعي أزمة أكبر مما تعيشها البلاد حالياً، مضيفًا أن الحزب الشيوعي يقود حالياً التفاوض مع المجلس العسكري ضمن مكونات الحرية والتغيير بقيادة صديق يوسف باعتبار أنه هو الرجل الثاني في الحزب الشيوعي، ليخرج ويؤكد أن موقف الحزب الشيوعي ليس مع صديق يوسف، بمعنى أن الاتفاق الذي تم توقيعه بين المجلس العسكري والحرية والتغيير لا يلبي طموحات جماهير الحزب الشيوعي، منوهاً أن ذلك يؤكد وجود خلافات داخل الحزب.

خلافات عالقة

في ذات السياق، يرى رئيس حزب الأمة الموحد الفاضل آدم في حديثه لـ(الصيحة)، أن قوى الحرية تعاني من خلافات داخلية، وأنها فقدت الحركات المسلحة برفضها اتفاق الجبهة الثورية، وأوضح أن الوثيقة التي اعتمدتها قوى الحرية والتغيير يجب أن تتم فيها المشورة مع القوى السياسية الأخرى (أي حزب أو مجموعة سياسية)، مشيراً إلى أن موقف الحزب الشيوعي بشأن الوثيقة لا يشبه روح الاتفاق، ولا يخدم القضية الجوهرية التي تم اعتمادها في الأساس، مطالباً بإشراك جميع الحركات المسلحة والأحزاب السياسية في الوثيقة بحجة أنها وثيقة قومية، مؤكداً على عدم قدرة أن قوى الحرية والتغيير على وضع وثيقة متفق عليها من قبل الأطراف يتم عبرها وضع دستور دائم للبلاد يراعي الحلول الجذرية للخلافات التي ظلت عالقة لأكثر من 30 عاماً.

قطار الاتفاق

فيما يرى المحلل السياسي، السفير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة أن الأحزاب المختلفة مع المجلس العسكري الآن لا تقدر على تجاوز الأحزاب السياسية والقوى الأخرى، مضيفاً في حديثه لـ(الصيحة) بأن القطار ماضٍ، ولن يتوقف بسبب خلاف حزبي أو بموقف أو رفض، منوهاً إلى أن الشعب السوداني يريد اتفاقاً سياسياً يخدم البلاد وليس خلافاً جديداً في عهد جديد، مؤكداً عدم وجود قواعد ثابتة للأحزاب الداخلية حتى تمتلك الشارع وتحركه لرفض الاتفاق مع المجلس العسكري الذي يعتبر شريكاً أصيلاً في صناعة الثورة والتغيير، ولا يمكن تجاوزه أو رفضه، ودعا السفير أبو شامة الأحزاب السياسية إلى تجاوز الخلافات فيما بينها، لأن المرحلة الراهنة تتطلب الاتفاق من أجل مصلحة الوطن، والتي قال: ينبغي تقديمها على أي مصلحة أخرى، مُقلّلا من بعض المواقف السالبة حول الاتفاق داخل بعض الأحزاب والتي جزم بأنها لن تشكل خطراً على الاتفاق، لأن الوضع اختلف الآن، وأن قطار الاتفاق يمضي نحو التوقيع النهائي وتكوين حكومة وطنية تقود المرحلة الانتقالية ولا تقتصر على رفض طرف أو موقف سالب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى