من بينها الحزبان الكبيران دعوة البرهان.. جدل القبول والرفض

 

الخرطوم: صلاح مختار           19 ابريل 2022م 

آراء متباينة وانقسامٌ واضحٌ بين القوى السياسية حيال دعوة رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان حول دعوته للتوافق السياسي والتي أعلن خلالها اتخاذه إجراءات، في غضون الساعات القادمة، تقود إلى تهيئة المناخ للحوار، وصولاً لإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ الاجراءات التي اتخذها في (25) أكتوبر من العام الماضي. ثمة عامل مهم في قبول الدعوة أو رفضها وهو إيجاد الثقة بين الأطراف المختلفة في التعامل مع المبادرة, فبينما رحّب البعض بالخطوة، كونها تمثل بادرة حَسنة في اتجاه التسوية السياسية الشاملة، اعتبرها آخرون أنّ فقدان الثقة في المكون العسكري يلزمه بدء خطوات عملية، وليس إطلاق أحاديث في الهواء الطلق.

منتصف الملعب

وأتاحت الدعوة مساحة واسعة للتفكير وحرّكت البركة الراكدة منذ اكتوبر العام الماضي ووضعت الكرة في منتصف الملعب كي يبادره كلا الأطراف في ركلها للأمام وتسجيل الأهداف في مرمى خصوم الوطن.

ولأن الدعوة مواجهة بأزمة في الثقة، فمن الطبيعي أن يشكك القيادي بالتجمع الاتحادي أحمد حضرة في تصريحات البرهان التي تعهّد فيها بإطلاق سراح المعتقلين، وقطع أن الخطوات هي للشروع في وضع جديد استعدّ له العسكر وبقايا النظام بتجهيز الملعب السياسي بالكامل وفق ما يشتهون لضمان وجودهم وتأثيرهم الفاعل واستمرار مصالحهم، ولم يستبعد أن يكون هذا التخطيط توجد به تدخلات المخابرات الخارجية واستمرار مساعيها الفاعلة لرسم سودان يضمن مَصالحهم ومصالح العسكر لا أحلام مواطنيه وثواره وشبابه.

إعلان نوايا

بعض القوى السياسية بدأ موقفها غير دقيقٍ حيال الدعوة، ففي الوقت الذي ترحب فيه بالمبدأ تركن الى ناصية الشروط التي في جوهرها ترضية لأطراف أخرى. وفيما يتعلق بالدعوة التي أطلقها البرهان، يقول حزب الامة القومي في بيان له إننا نعتبر ما ذكره من اتجاه لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ودعوة الجميع للحوار إعلاناً عن نوايا حسنة، لكنها غير كافية في حد ذاتها، ومتناقضة مع ممارسات السلطة المستمرة باعتقال شباب لجان المقاومة بكثافة عشية الدعوة وبعدها ولكن تصريحات الحزب لا تعبر عن جوهر ما تشعر به قياداته، حيث اعتبر نائب رئيس حزب الأمة الفريق صديق محمد إسماعيل أنّ رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان التقط المُبادرة وتقدم خطوة على القوى السياسية لإيجاد مُعالجة للأزمة الراهنة بالبلاد. وقال إسماعيل حسب ما أوردت (اليوم التالي) إنّ حديث البرهان خلال الإفطار الرمضاني بدار ياسر العطا أتى تعبيراً عن رغبته الأكيدة في إحداث اختراق مستفيداً من الجُهُود التي بذلتها الآلية الثلاثية المكونة من الاتحاد الأفريقي و”إيقاد ويونيتامس” في إيجاد حلول لفك الاختناق السياسي في السودان. وأشار إسماعيل إلى أن البرهان استثمر في هذه الجهود ووصفها الفريق صديق بأنها خطوة إيجابية، وأضاف: على القوى السياسية أن تنتهز هذه الفرصة وترد التحية بأحسن منها. ولكن عليه أن يستعجل في تنفيذ الإجراءات التي تحدث عنها، ونوه إلى أنه ينبغي على القوى السياسية التنازل عن اللاءات الثلاثة، وعدم التمترس حول إقصاء المكون العسكري، واعتبر أن إقصاء المكون العسكري من المشهد السياسي حالياً يعتبر أمراً مستحيلاً.

 

قبول واستحسان

ولكن في المقابل، وجدت الدعوة قبولاً واستحساناً من البعض الآخر وكأنما يقول البعض ان السياسة هي فن الممكن، مستندين على قاعدة فقهية تقول (ما لم تدركه جله لا تتركه كله) ، فإن ما يمكن الوصول اليه الآن بالحوار او التوافق حتى وان كان قليلاً لا يمكن تركه كله. هناك قوى سياسية وحركات مسلحة رحبت بخطوة البرهان نحو الإفراج عن المعتقلين السياسيين وتهيئة المناخ للحوار وصولاً لحل الأزمة، حيث أعربت قوى الحرية والتغيير(التوافق الوطني) في بيان عن ترحيبها بما وصفته بالخطوة الإيجابية، وقالت: نعتبر إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين خطوة ضرورية لبناء الثقة وتهيئة المناخ للحوار الذي يفضي إلى بناء توافق وطني وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وجدّدت دعوتها للقوى السياسية بضرورة انتهاج منهج الحوار السلمي للوصول إلى توافق حول قضايا السودان المُعقّدة ووضع طريق سليم نحو الانتقال إلى مرحلة الانتخابات الحرة والنزيهة لاختيار مَن يحكم السودان.

 

رأي مسبق

البعض رفض الدعوة ابتداءً باعتبار أن لديه رأياً مسبقاً وهؤلاء هم التيار الذي يرفع اللاءات الثلاثة في وجه المكون العسكري، بالتالي ليس مستغرباً ان نرى المتحدث باسم تجمع المهنيين، الوليد علي، يرفض دعوة البرهان ويقول انها مرفوضة من معظم التيارات الثورية ومن يتعاطى بإيجابية معها سيلفظه الشارع السوداني. وأكد الوليد للميادين، أن لا قيمة لمبادرة البرهان لخلوها من أي حديث عن محاسبة المجرمين منذ العام 1989 حتى اليوم. وأضاف: “عبد الفتاح البرهان يتحدث من موقع المحصور في الزاوية بعد عدم قدرته على استكمال انقلابه”. وذكر الوليد أن كل المبادرات في السودان تسعى إلى معالجة الشق السياسي فقط عبر إيجاد سلطة مدنية شكلية وحكومة ضعيفة.

 

عدم ثقة

أشار المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير شهاب إبراهيم إلى أنهم لا يثقون في قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائلًا إنه غير صادق في التنازل عن السلطة، بحسب تعبيره. وأشار إبراهيم إلى أن البرهان غير صادق في التنازل عن السلطة حتى ولو توافقت القوى المدنية بالمطلق. يقول شهاب إبراهيم: لا يوجد توافقٌ أكبر من الرفض المستمر من الشارع والقوى المدنية.

 

رفض وقبول

أحد قيادات لجان المقاومة يدعى محمد همشري يؤكد أن الشارع السوداني  بخاصّة فئات الشباب لا يثق في أيِّ وعود أو تصريحات للبرهان الذي يعتقد أنه وصيٌّ على المواطن السوداني، فضلاً عن أنه حتى هذه اللحظة تلاحق الأجهزة الأمنية لجان المقاومة والناشطين للزج بهم في المعتقلات، هؤلاء الشباب تجاوزوا مثل هذه الأحاديث التي تهدف لإجهاض الثورة، لكن هيهات.. هيهات، ويوضح همشري، الشارع سيقابل هذه التصريحات المزيفة بالمزيد من العنفوان والفوران والمليونيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى