بعد سلام أسمرا هل تنجح إريتريا في تقريب وجهات النظر السودانية؟

الخرطوم: مريم أبشر.  . 18 أبريل 2022م

الوضع السياسي المعقد الذي يمر به السودان وتشابك خطوط الحل في ظل تمترس أطراف الأزمة حول مواقفها والآن السودان يعد دولة مهمة مفتاحية واستراتيجية في منطقة القرن الأفريقي على وجه الخصوص وفي أفريقيا عموماً.

جراء الأزمة السياسية التي استعصت عن الحل في السودان، تسابقت العديد من الدول لتقديم الدعم والمساندة حتى يتمكن من اجتياز المرحلة الأصعب ، بعد ثورة مبهرة وجدت المساندة والترحيب من كل المجتمع الدولي وفي مقدمتهم دول الجوار الأفريقي ومن بين تلك الدول الجارة الأقرب إريتريا.
حيث شهدت العلاقات بين الخرطوم وأسمرا حالة من المد والجزر وتبادل الاتهامات إبان فترة النظام البائد، غير ان الحال تبدّل تماماً بعد زوال نظام الإنقاذ، حيث رحبت إريتريا بالثورة العارمة التي أطاحت بنظام البشير وساندت الحكومة الانتقالية كما جرت عدة زيارات متبادلة رفيعة بين الخرطوم وأسمرا، غير أن بعضاً من الفتور انتاب العلاقات خاصة بعد خوض الجيش السوداني معارك حربية لاستعادة الفشقة، وأشارت حينها بعض المعلومات لمساندة ووقوف أسمرا، إلى جانب الصف الإثيوبي على حساب السودان صاحب الحق التاريخي في أراضي الفشقة السودانية.
والراصد لمسار العلاقات بين الدولتين يجد انها مؤخراً بدأت تعود إلى طبيعتها. وبحسب مراقبين، فإن أسمرا يبدو أنها تسعى للعب دور في تسوية الخلافات الناشبة بين الفرقاء السودانيين عبر تحرك بدأ يظهر، من حين لآخر، بإرسال مبعوثين من قبل الرئيس الإريتري اسياس افورقي للخرطوم، ويذكر التاريخ ان اريتريا كانت قد رعت من قبل مفاوضات جبهة الشرق مع حكومة البشير تلك المفاوضات التي اثمرت اتفاقاً ناجحاً حينها، حيث شهدت العاصمة أسمرا وقتها مراسم الاتفاق الذي أنهى الصراع والقتال الذي كان دائراً بين جبهة الشرق وحكومة الإنقاذ.

أقرب جار
خلال اليومين الماضيين، بعث أفورقي برسالة خطية لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وفق ما رشح عبر تصريح رسمي من مجلس السيادة أن الرسالة تتعلق بمسيرة العلاقات الأزلية وسبل دعمها وتطويرها في كافة المجالات، و سلمت الرسالة للبرهان بالقصر الجمهوري بواسطة وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح محمد، برفقته مستشار الرئيس الاريتري يماني قبراب، بحضور السفير علي الصادق وزير الخارجية المكلف، ونقل الوفد عبارات التحايا والمجاملات من افورقي للبرهان.
بحسب إعلام المجلس السيادي، جاء الوفد حاملاً رؤية تهدف لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية لحل الأزمة السياسية في البلاد، وذلك انطلاقاً من حرص إريتريا ورغبتها في استتباب الأمن والاستقرار في السودان وفي دول المنطقة والإقليم، وأكد رئيس مجلس السيادة للوفد على خصوصية العلاقات السودانية الإريترية، مشيداً بمواقف إريتريا الداعمة للسودان وقضاياه في المحافل الإقليمية والدولية، مشيراً إلى العلاقات المتميزة التي تربط بين الشعبين الشقيقين.

تنازلات
فشل كل الجهود التي بُذلت منذ ما يقارب نصف العام، وتحديداً في أعقاب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر العام المنصرم التي نفّذها رئيس المجلس السيادي، ودفعت بالعديد من أصدقاء السودان والمساندين والداعمين للثورة من منظمات إقليمية و دولية و دول صديقة ودول جوار للسعي لإصلاح العلاقات بين أطراف الأزمة السودانية ومازالت الأزمة تراوح مكانها، دفعت الخبير الدبلوماسي الطريفي كرمنو للقطع بأن المساعي الإريترية التي يقوم بها أفورقي لن تفلح في التوصل لما فشل فيه الآخرون، و قال إن أسمرا ليست لديها القدرة أو التأثير الثقلي لفعل ذلك ولا تمتلك حتى المقومات، وأشار إلى ان جهودا كبيرة بُذلت وتحركات جرت من قِبل جهات دولية اُصطدمت بالعقبات من قبل الأطراف ومن باب المعرفة بالشئ، لن تفلح أسمرا، وأضاف يمكن لدولة كبرى كروسيا رغم أنها تخوض حرباً أن يكون لها دور نظراً لقوتها، وكذلك الجارة مصر التي تربطها بالسودان ملفات كبيرة، فضلاً عن الوجود السوداني الكبير على اراضيها، و لفت كرمنو في حديثه لـ(الصيحة) إلى انه حتى الحركات المسلحة والقوى السياسية لا يوجد ارتباط قوي لديها الآن مع أسمرا، أضف إلى ذلك فإن الثقل الأفريقي لإريتريا داخل الاتحاد الأفريقي لا يمكنها للعب اي دور عبره، وأشار كرمنو إلى أنه رغم الحديث والتبشير عن انفراج وشيك واقتراب حُدوث اختراق في ملف التسوية السياسية مسدودة الأفق، إلاّ أن الشارع متجاوز كل ذلك، لافتاً إلى أن الإعلان عن مليونيات من قبل لجان المقاومة والتمسك باللاءات الثلاثة، يؤشر على أن الأزمة ما زالت تراوح مكانها، ودعا كرمنو، الأطراف لتقديم التنازلات حتى تستطيع البلاد المضي قدماً للأمام.

جهود ظل
على ذات الرأي القائل بأن إريتريا ليس في إمكانها فعل شئ لإحداث اختراق في الأزمة السودانية ، مضى السفير و الخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة، واصفاً إريتريا بالدولة الصغيرة و الضعيفة، و أشار في حديثه لـ(الصيحة) إلى ان أسمرا ليس لها التأثير الكافي لإحداث أي تقارب، و يرى أن التحرك الإريتري ربما يكون واجهة لدولة أخرى، ومع ذلك عبر أبو شامة بأنه متفائل إزاء التحركات التي تمضي حاليا في الساحة السياسية، ولفت لأهمية تقديم تنازلات والقبول بالأمر الواقع، وأشار إلى أن إطلاق سراح الموقوفين الذي أعلن عنه رئيس مجلس السيادة الانتقالي يعد بادرة حسنة وخطوة للأمام، لافتاً إلى أنه ليس بالإمكان إدراك كل المطلوبات، ولكن يمكن الوصول إليها بالتدرج وعبر تقديم التنازلات من أجل أن يبقى الوطن آمناً مُطمئناً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى