عبد الله مسار يكتب : حكومة وحدة وطنية (2)

10 ابريل 2022م

قلنا في مقال حكومة وحدة وطنية (1)، إن السودان تشكلت فيه حكومتان في السنوات الثلاث الفائتة، تكنوقراط حزبية من الباطن وسيطرت عليها أحزاب اليسار وبصفة خاصة الشيوعي والبعث السنهوري، وكان أغلب وزرائها جاءوا من وراء البحار، ثم حكومة ثانية حزبية من أحزاب الحرية والتغيير المجلس المركزي وكلاهما برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك الذي لم يكن سياسياً، وان كان في الحزب الشيوعي وقبل ذلك لحين، وهو موظف أممي، ولكن ليست له علاقة بالسياسة، بل جاء إليها كبيراً بعد أن شاب وحاول أن يعافر ليجد له فسحة تمكنه من قيادة دولة وشعب كلهم سياسيون، وأيضاً لم تكن الحاضنة المصنوعة مقاسه ولا هو مقاسها، وناهضه الحزب الشيوعي منذ أول تعيينه رغم أنه أحد أبنائه، ولكن عق فخرج، وكذلك لأنه ليس سياسياً ولا اجتماعياً ولا منفتحاً على العامة، لم يجد قبول الشعب، خاصةً وانه طبق وصفة صندوق النقد الدولي، فأذاق الشعب ويلات العذاب، وكذلك جاء ليُغيِّر المجتمع المسلم إلى علماني وذلك عومٌ عكس التيار، وأيضاً كانت حاضنته المزعومة إقصائية وحرفية ومكنكشة وكلها انتقامٌ، ومستعجلة للوظيفة العامة وتسكين كوادرها، وشرهة جداً في جمع المال والمغانم حتى أوردت لجنتها التمكينية مورد الهلاك، وأيضاً لم تكن حاضنته منسجمة مع بعضها أو مع  العسكر، بل ناهضتهم العداء حتى (كسرت بيت العجوز)، وأيضاً رهنت السودان للخارج حتى قدل السفراء الغربيون (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والنرويج واضيف اليهم فولكر وآخرون حتى من العرب).

ولذلك كانت حكومة غريبة اليد واللسان، لهذا لم تنجز شيئاً، فطارت ببيان البرهان في أكتوبر ٢٠٢١م ومعها الحاضنة والمؤسس وعاش السودان فترة ثلاث سنوات عصيبة!!!

الآن نحن مقبلون على فترة انتقالية جديدة وفق بيان البرهان الذي حدد إما توافق أو انتخابات مبكرة، وطرح التوافق ومشاركة الجميع دون استثناء لأحد إلا من أبى، وهي فترة شمول مع إقامة حكومة شمول، لأن التكنوقراط الحكومية الأولى لم تنجح وكانت غشة كبيرة لأنها حزبية ببرنيطة بدون شنب ودقن، وجاءت الأخرى مفصلة على قميص وطني ضيف وإن لم نقل حكومة خارجية في شكل وطن.

عليه الآن نحتاج لحكومة وحدة وطنية بدون عزلٍ، وتكون فيها قدرات ومقدرات وكفاءات عالية ورضاء شعبي وطني عام، بل مطلوبٌ حكومة برنامج وطني مُفصّل ومُحدّد المهام وفق فترة الانتقال وهذا يتطلب السعي لإجماع، إلا إذا لم يدرك، ومعلومٌ القاعدة الفقهية من لا يدرك كله لا يترك جله.

عليه الدعوة لوفاق وطني مطلوبة وحضورها بمن يقبل شريطة أن تنفذ برنامج الفترة الانتقالية المعلوم، على أن تعد للانتخابات وهي الأساس، مع معاش الناس وضبط العلاقات الخارجية والأمن العام وضبط الوظيفة العامة، مُحاصرة ومُحاربة الفساد قديمه وحديثه.

إذن مطلوب من كل القوى السياسية والمجتمعية دون استثناء الحوار الجاد والتوافق وترك المزايدات والاستهبال والنفاق السياسي، الاتفاق في الغرف المغلقة  والخلاف في الهواء، وترك سياسة النفاق هذه أمام الكاميرات وعدسات التصوير والميكرفونات.

عليه، مطلوب من مجلس السيادة رعاية أمر جلوس القوى السياسية والمجتمعية في مائدة واحدة بدون استثناء لتوافق أكبر قدر على ذلك، لأنه لا يوجد إجماعٌ في الدنيا والديمقراطية أغلبيات محددة ومطلقة.

عليه، مطلوب هذا التوافق لتكوين هذه الحكومة، وإلا فإنني أعتقد أن السيد البرهان ومجلس السيادة مطلوب منهما تكوين حكومة ولو بالطوارئ، لأن البلاد لا يمكن أن تعيش في فراغ إداري وتنفيذي إلى ما لا نهاية، وقطعاً الكرة الآن في ملعب القوى السياسية والمجتمعية.. ولكن غداً ستكون في ملعب البرهان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى