(230)  خلف القضبان.. حُقُوق الطفل على المحك!!

 

الخرطوم: آثار كامل   9 ابريل 2022م 

شكُل الأطفال والقُصّر منذ اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة، حضوراً لافتاً من خلال المواكب التي خرجت ضد نظام البشير، وصولاً الى اعتصام القيادة العامة، بجانب مشاركتهم في المواكب التي تخرج الآن ضد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 التي أصدرها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان.

وطوال مسيرة الثورة، تعرض الأطفال والقُصّر لانتهاكات أثارت قلق العائلات، بجانب التحذيرات التي يطلقها القانونيون جراء انتهاكات حقوق الطفل، بجانب تقارير تتحدّث عن وفيات أطفال وإصابات بطلق ناري وإصابات ناتجة عن عبوات الغاز المُسيّل للدموع ووجود إصابات بعاهات مستديمة، ونجد كثيراً من الأسر تحاول منع أطفالها المُشاركة في التظاهرات لأجل تجنيبهم أي مخاطر أمنية، في ظل الطريقة التي تتعامل بها القوات النظامية مع المُحتجين وفي ظل مُواصلتها العنف ضد الأطفال واعتقالهم، دفعت تلك الخطوة العديد من القانونيين والمدافعين عن حقوق الإنسان باتخاذ خطوات لمناهضة تلك التصرفات بتحريك دعوات جنائية ومتابعة البلاغات المدونة ضد الأطفال والقُصّر المُحتجزين.

وفي ذات السياق، كشفت لجنة محامي الطوارئ، عن اعتقال (230) طفلاً منذ قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، وواصت اللجنة في بيان لها أنّ الأجهزة العدلية وأجهزة إنفاذ القانون، ضربت بجميع اتفاقيات حقوق الطفل الدولية والمواثيق الإقليمية والقوانين الوطنية عرض الحائط، فيما أكّدت اللجنة احتجاز (10) بينهم قُصّر قسرياً في سجن كوبر، فيما شدّدت اللجنة في بيانها على أن احتجاز القصر مع البالغين الراشدين في مكان واحد جريمة بالغة الخطورة ومُصادرة لحق التعبير السلمي، واستنكرت اللجنة رفض السلطات الأمنية إطلاق سراح أطفال لا يزالون رهن الاحتجاز في ظروف وصفتها بالقاسية وتناولهم الخبز الجاف فقط!

ونجد أن قانون الطفل السوداني للعام 2010م كفل للطفل في المادة (5) منه الفقرة (ي)، الحق في التعبير عن آرائه ورغباته بحرية تامة، بجانب أنه توجد في الفقرة (ك) وهي مادة تتعلّق بحماية الطفل من كَافّة أشكال العُنف، حيث تنص الفقرة (ك) على أن يضمن هذا القانون حماية الطفل ذكراً أو أنثى من جميع أنواع وأشكال العُنف أو الضرر أو المُعاملة غير الإنسانية أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو الاستغلال، كما أن للطفل الذي يدعى أنه انتهك القانون الجنائي أو يتهم بذلك أو يثبت عليه ذلك، الحق في أن يُعامل بطريقة تتّفق مع رفع درجة إحساسه بكرامته وقدره، ويعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته، وتتم مُحاكمته إلى أن تتم إعادة تأهيله اجتماعياً ولا يُسأل جنائياً ما لم يبلغ الثامنة عشرة من عُمره، بل يُخضع لأحد تدابير الرعاية وفقاً لأحكام هذا القانون.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) قد طالبت عبر بيان رسمي لها صادر من المدير الإقليمي لليونسيف في أفريقيا والشرق الأوسط بإيقاف الانتهاكات التي ظلّت تُرتكب في حق أطفال السودان من بعد قرارات 25 أكتوبر الماضي، وأوضح البيان تعرُّض الأطفال لانتهاكات جسيمة منذ ذلك التاريخ، نتج عنها القتل وحدوث انتهاكات جسيمة ضد الأطفال في مختلف أنحاء السودان منذ الانقلاب العسكري، كما أشار البيان إلى الاعتقالات التي تمت في حق الأطفال من الجنسين، والذين لا تتجاوز أعمارهم الـ12 سنة، كما تأثر الأطفال نتيجة الهجمات المتكررة على المرافق الطبية، وجددت اليونيسف دعوتها السلطات في السودان لحماية الأطفال من الأذى والعُنف في جميع أنحاء البلاد وفي جميع الأوقات، وطالبت ألا يكون الأطفال هدفاً للقوات الأمنية أثناء التظاهرات أو في الأحداث السياسية، كما طالبت بإيقاف الاستخدام المُفرط للقوة ضد المدنيين عُمُوماً، بمن فيهم الأطفال.

 

 مُخالفة القانون

يرى المحامي المختص في القانون الدولي الإنساني والجنائي أبو بكر إبراهيم لـ(الصيحة) بأن تصرُّفات القوات النظامية مع الأطفال تعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان عبر ممارسة الاعتقال والتعذيب والضرب المُبرح والتهديد جميعها مخالفة لقانون الطفل وحقوق الإنسان، ونوه بأن من يقوم بالانتهاكات ضد الأطفال والاعتقال من شأنه حمايتهم وليس ممارسة العنف ضدهم، وتأسف إبراهيم، على احتجاز قصر قسرياً، منوهاً بأن على الحكومة الانتقالية الموجودة الالتزام باتفاقيات حقوق الطفل والمواثيق الدولية وإطلاق سراحهم، وطالب بضرورة تحديد الجُناة وملاحقتهم والسماح للقانونيين والمُدافعين عن حقوق الإنسان القيام بعملهم.

مراكز مُختصة

استنكر الناشط والخبير القانوني الطيب عجلان طه، سلوك القوات النظامية تجاه الأطفال من اعتقال وعنف مفرط خلال المواكب السلمية والزج بهم في الحراسات، بجانب زجّهم في أتون المواجهات السياسية الحالية، وأشار في حديثه لـ(الصيحة) الى أنّ المسؤولية تقع على الجميع بدءاً من الأسرة والمُشاركين في المواكب، ونوه بأنه لا بد من إبعادهم من أماكن الخطر وعدم تشجيعهم على القيام بأي أعمال عنف، لكن ذلك لا يعني أيضاً حرمان الأطفال من حقهم في التعبير والمُشاركة وتبني مواقف، ووصف طه احتجازهم مع البالغين الراشدين في مكان واحد جريمة خطيرة، لأن القوانين الخاصة بحماية الأطفال أمّنت على تخصيص مراكز احتجاز خاصة بهم، بجانب حسن معاملتهم وإحالتهم إلى الجهات المُختصة من الأقسام الشرطية وتوفير مُعاملة خاصّة لهم، ونوه بأن مُشاركة الأطفال في التظاهرات تزيد الحس الوطني لديهم، وتعزيز شعورهم بالمشاركة السياسية في بناء مستقبل بلدهم وفرض الحكم المدني، لكن كل هذه الإيجابيات لا تُقاس أو تُقارن بالمخاطر التي يتعرّضون لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى