نشاط مكثف للسفير الأمريكي بالسودان.. ماذا هناك؟!

نشاط السفير الأمريكي بالسودان.. تتعدَّد الوسائل والهدف واحد!!

تقرير: مريم أبَّشر

ساندت الولايات المتحده الأمريكية الشعب السودان بصورة مكشوفة في ثورة دبسمبر المجيدة، منذ اندلاع شرارتها الأولى وحتى اكتمالها في الحادى عشر من أبريل ٢٠١٩م، واستمرت في تقديم الدعم والمؤازرة فكان أسرع قرار تتخذه برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان لثلاثة عقود خلت إبان الحكم السابق، وعندما أطاح الفريق البرهان بحكومة الفترة الانتقالية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، أعادت واشنطن عقارب الساعة للوراء بتجميد كل الخطوات الإيجابية التي قطعتها حكومة الفترة الانتقالية ورهنت استئناف تقديم المساعدات بتشكيل حكومة مدنية وابتعاد الجيش عن السياسة.

ورغم فتور العلاقات بين الخرطوم وواشنطن بعد قرارات البرهان، الآن واشنطن اكتملت إجراءات تعيين سفيرها للخرطوم تنفيذاً للقرار الذي تم اتخاذه إبان أول زيارة ثنائية قام بها الدكتور حمدوك، لواشنطن بترفيع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.

تحرُّكات حثيثة

ومنذ أن وطأت أقدامه أرض السودان في  أغسطس الماضي، بدأ سفير واشنطن الجديد جون غودفري، تحرُّكات مكثفة مع كل الأطراف السودانية بغية إيجاد مخرج للأزمة السودانية، التي تطاولت وفشلت  العديد من المبادرات المحلية والدولية في  الوصول إلى تقارب الفرقاء واستعادة المسار الديموقراطي مرة أخرى.

وظل جودفيري، يجري في تحرُّكات بغرض إحداث اختراق للأزمة المستحكمة، في ظل حالة الانقسام وسط القوى المدنية، وسيطرة العسكريين وحلفائهم من قادة الفصائل المسلحة الموقعة على السلام على مقاليد السلطة، خاصه وأن الآلية الثلاثية، التي يترأسها رئيس فولكر بيرتيس، عجزت حتى الآن في جمع المكوِّنات المتشاكسة على طاولة حوار واحدة، فيما لا تزال كل المبادرات المحلية، لا تراوح مكانها بسبب حاجز انعدام الثقة بين الأطراف المختلفة.

وشدَّد جودفيري، خلال كل لقاءاته وتصريحاته على أهمية قيام حكومة مدنية جديدة، وركز خلال اللقاءات التي عقدها مع الفاعلين في مشهد السياسي السوداني، على أهمية تناسي الخلافات والعمل معاً، للتوصل إلى اتفاق سياسي في وقت وجيز، من أجل استقرار البلاد.

عنف النيل الأزرق

حرص واشنطن وسفارتها في الخرطوم على أهمية إيجاد الحلول للأزمة خوفاً من مزيد من تمدد بؤر العنف، دفع سفارتها في الخرطوم لإبداء القلق إزاء تصاعد العنف والاقتتال الذي أودى بحياة العشرات خلال الأيام الماضية.

وقالت السفارة في منشور على “تويتر”، الجمعة الماضية، “يؤلمنا ما ورد عن مقتل أكثر من (200) شخص، في أعمال عنف في النيل الأزرق وتزايد عدد القتلى بسبب الاشتباكات في غرب كردفان”.

وحثت السفارة “على وقف العنف على الفور، وأن تشرك الحكومة المجتمعات المتضرِّرة في حوار لاستعادة السلام”.

كما دعت إلى وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لضمان تقديم المساعدة للأشخاص المتضرَّرين من القتال.

كما أعرب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الخميس الماضي، عن الأسف لسقوط ضحايا في اشتباكات بين القبائل في منطقة النيل الأزرق في السودان خلال الأيام الماضية.

قال برايس: “نحث على إجراء تحقيق في هذه الأحداث وعلى ضرورة محاسبة مرتكبي هذا العنف”.

وأضاف: “نحن ندرك أن الوضع الأمني لا يزال هشاً وأن العنف الطائفي لا يزال يشكِّل تهديداً للاستقرار على المدى الطويل. ونحن وشركاؤنا في مجلس الأمن الدولي نراقب الوضع عن كثب وسنواصل العمل مع الحكومة لدفع تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام وتعزيز التعايش السلمي بين المجتمعات”.

وكانت اشتباكات اندفعت الأسبوع الماضي بين أفراد من قبيلة الهوسا وقبائل أخرى في قرية ود الماحي شرقي مدينة الروصيرص إلى مقتل عشرات الأشخاص، ما دعا السلطات السودانية، إعلان حالة الطوارئ بالولاية.

وسائل ناعمة

مصدر دبلوماسي -فضَّل حجب اسمه- يرى أن واشنطن تضغط باتجاه التوصل لتسوية تقود لانتقال مدني ديموقراطي  وأضاف في إفادة لـ(الصيحة) أن واشنطن وفي سبيل الوصول لذلك تستخدم كل الوسائل منها الناعم كحث الأطراف للتوصل لاتفاق والتواصل مع الفاعلين من القوى السياسية. وقال: إن السفير جودفيري، بدأ منذ وصوله انخرط في نشاط  سياسي ومجتمعي كبير مع لجان المقاومة وسجَّل زيارات للرموزالدينية السياسية وآخرها الالتقاء بطائفة أنصار السنة، ولفت إلى أن جودفيري، ينفِّذ في برنامج جاهز ومعد وأن البرنامج موزع ما بين التحرُّك الناعم، كما تم ذكره من اتصالات وزيارات وربما تأتي المرحلة الثانية بتقديم الجزرة بتقديم وعود بمساعدات بعد تشكيل فيما تمثل مرحلة العصا الأخيرة في حال فشلت كل التحرُّكات في دفع الأطراف نحو التوصل لاتفاق، وكذلك عبر الترهيب والتلويح باستمرار العقوبات وتحذير الحكومة من استخدام العنف ضد المتظاهرين في مظاهرة الخامس والعشرين من أكتوبر، المرتقبة واعتقال الناشطين .

 مواصلة الضغط

السفير والخبير الدبلوماسي الدكتور علي يوسف، ذهب في ذات الاتجاه المؤكد على أن سفير واشنطن بالخرطوم يمضي  باتجاه تنفيذ توجيهات حكومته ووزارته الرامية لإعادة المسار المدني الديموقراطي في السودان عبر توصل الأطراف لتسوية سياسية تعيد الوضع لما قبل قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي، وأضاف يوسف لـ(الصيحة) من أجل التوصل لذلك ينشط السفير جودفيري، في زيارات للفاعلين  لحثهم على التوصل لوضع ديموقراطي واستكمال الفترة الانتقالية وصولاً لانتخابات حرة. وقال: إن الإدارة الأمريكية تهدف من ذلك الحفاظ على مصالحها في السودان والقارة الأفريقية، وأضاف: لذلك السفير في حركة دائمة منذ قدومه للخرطوم، وقال: إن بلاده ما زالت ملتزمة بوقف التطبيع مع الخرطوم ووقف تعاون المؤسسات الدولية المالية مع السودان ومواصلة الضغط على حكومة الأمر الواقع من القيادة العسكرية والمدنية من أجل تحقيق الهدف الذي تسعى إليه وهو حكومة مدنية ومصالحها في السودان والقارة الأفريقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى