انعدام الخدمات وغلاء الأسعار .. رمضان هذا العام.. الجشع سيد الموقف!!

 

مُواطنون: لم نشرع في تجهيزاته لضيق ذات اليد

انعدام غاز الطبخ والحكومة صائمة عن حل قضايا الناس 

عاملات: لم نتقاض رواتبنا حتى الآن!!

خبيرٌ اقتصاديٌّ: المواطن تحت خط الفقر و”سلعتي” لم يستفد منها فقراء الأحياء

منظمات: فشلنا في توفير كيس الصائم

توقف الدعم العيني لديوان الزكاة بالأحياء

الخرطوم: ام بله النور   3 ابريل 2022م

شهد السودان مؤخراً، أوضاعاً اقتصادية غاية في الصعوبة، نتيجة لرفع الدعم الحكومي عن السلع الاستراتيجية، فضلاً عن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، الى جانب ارتفاع سعر الدولار الجمركي، مما انعكس على السلع المستوردة، تفاقمت الأزمة الاقتصادية بدخول شهر رمضان والذي كان في السّابق يتدافع قبله المُواطنون في تجهيز احتياجاتهم بنوعٍ من المتعة، إلا أن ارتفاع الأسعار وبصورة جنونية هذا العام وانخفاض مستوى دخل الفرد، جعل الكثير من الناس يعزفون عن تلك التجهيزات، ونادراً ما يشتم المارة رائحة “الآبري” أو “الحلو مر”، ولم يسمع الجيران دق البصل والبهارات.

الصمت المُطبق خيّم على كل الأمكنة بسبب ظروف قاسية، بل نجد حتى منظمات المجتمع المدني ونشطاء الخير لم يتمكّنوا هذا العام من توفير كيس الصائم نتيجةً للظروف التي تعيشها البلاد.

واقعٌ بائسٌ يعيش فيه مواطنو السودان بسبب الظروف الاقتصادية القاسية التي تسبّب فيها السّاسة بعدم اتفاقهم ليكون إنسان السودان هو الضحية…

أزماتٌ مُتجدِّدةٌ!

يستقبل السودانيون رمضان هذا العام بأزمات مُتجدِّدة بصورة سنوية، إلا أنها تفاقمت هذا العام ويستقبلونه بأزمة حادة في غاز الطبخ الذي انعدم تماماً في مراكز التوزيع والسوق السوداء، واللجوء لاستخدام الفحم والذي بلغ الجوال لأكثر من 15 ألف جنيه، وهي ليست في مقدور عدد كبير من المواطنين، وسوف يتخلّون عن أصناف كثيرة لعدم توافر الغاز والتركيز على صنف واحد فقط لسد الحاجة.

ومن الأزمات التي يعيشها المُواطن أيضاً انقطاع المياه عن عدد من محليات الولاية، الأمر الذي يُضاف لمعاناتهم ويزيد من العبء المعيشي للمواطنين، حيث يتّجه لشراء المياه أيضاً، وفي محلية أمبدة تصل تكلفة المياه الى ثلاثة آلاف جنيه يومياً، دون أن تكترث الحكومة لتلك الأزمات وإيجاد الحل لها!!

……

وفي حديثها لـ”الصيحة” قالت المواطنة خديجة حامد انها لم تتمكن من تجهيز “الحلو مر” كعادتها، نسبةً لارتفاع تكلفة صناعته، كما انها لم تشرع في توفير مُستلزمات رمضان وسوف تعتمد على الشراء اليومي، لعدم توافر المال، وكان في السابق يمدها ابنها الذي يعمل في التعدين الأهلي بالمال، إلا أنّ عمله متوقف منذ فترة طويلة.

أما حاجة كلتوم والتي تعمل عاملة نظافة في إحدى الجامعات قالت لـ”الصيحة”، إن الجامعة حتى اليوم الأول من رمضان لم تتمكّن من تسليمهم السُّكر الذي يباع عبر نافذة كنانة، فضلاً عن تأخر استلام رواتبهم حتى اليوم، لذلك لم تستطع توفير مستلزمات رمضان لضيق ذات اليد.

ضعف الأعمال الخيرية

في السابق، كانت هناك جهات كثيرة تقدم سلة رمضان للفقراء والمساكين، إلا أنّ هذا العام انحسرت هذه الظاهرة، وقال العم إسماعيل الذي يعمل في بيع الثلج أمام منزله، إنّ الأعوام السّابقة كانت تأتيه مُستلزمات رمضان عبر المنظمات وأهل الخير، إلا أنّ السنوات الأخيرة أصبحت عجافاً وهذ العام لم يصل فقراء الحي أي نوع من المُساعدات، وأرجع ذلك للأزمة الاقتصادية التي يعيشها الجميع بما في ذلك التجار ورجال الأعمال، وأضاف أنّ هناك من يأتي من سلة رمضان من الخارج إلا أنها توقّفت أيضاً.

في ذات الصعيد، قالت احدى المنظمات العاملة في مجال سلة رمضان لـ(الصيحة)، إنها في السابق كانت تستهدف ألف أسرة وغالباً ما يأتي ضعف العدد، إلا أن هذا العام لم يتجاوز الرقم 100 اسرة فقط.

فيما قالت إحدى الناشطات وتدعي هاجر، إنها هذا العام فشلت في توفير سلة رمضان للفقراء، وكانت خلال الاعوام السابقة تودع موادها الغذائية في مخزن نتيجة للكميات الكبيرة التي تتحصل عليها من المتبرعين وأهل البر، لكنها فشلت حالياً في توزيع حتى كيس واحد نتيجة للوضع الاقتصادي.

برنامج فاشل

فيما يرى الخبير الاقتصادي الطيب السنوسي، أن المواطن أصبح تحت خط الفقر، ولن يتمكّن من توفير قُوت يومه، نتيجةً للارتفاع المُستمر للأسعار، الى جانب شُح الخدمات الضرورية التي لا يستطيع توفيرها حتى وإن امتلك المال مثل خدمات المياه، وكشف الطيب عن فشل برنامج “سلعتي” في الأحياء الطرفية فهو غير متوفر، كما أنه يعمل بنظام الجمعيات وهو متوقف بالأحياء، فهناك آلاف الأسر خارج هذا البرنامج، الذي يُوزّع عبر المؤسسات والجمعيات والمُواطن البسيط ليس له نصيب منها وقد لا يسمع بها، وشدد على ضرورة التوسُّع في البرامج ونزول الأحياء ووضع ضمانات بسيطة حتى يتمكّن المواطن الاستفادة منه وتخفيف العبء عن كاهله.

ديوان الزكاة خارج السرب

من المشاهدات أيضاً أن ديوان الزكاة احتجب عن توزيع كيس الصائم خلال السنوات الماضية ومن خلال متابعتي للمُواطنين داخل الحي الذي أسكنه ومعرفتي الجيدة بمن هم في حاجة للدعم لم يصل هؤلاء المواطنين حتى أمس السبت أي دعم عيني، وقال احد المسؤولين بالحي، إن دعم ديوان الزكاة توقف منذ العام 2019م منذ جائحة كورونا حين ذهب الدعم لوزارة الصحة لتوفير المعقمات وغيرها، وخلال العامين الماضيين لم نر منهم شيئاً.

أوضاع بائسة يعيشها أهل السودان في شهر رمضان نتيجةً للظروف الاقتصادية الضاغطة وجشع التجار الذين ينتظرون الشهر الكريم لتحقيق أكبر قدر من الربح، حيث زادوا من أسعار الدقيق ليصل الكيلو الى 800 جنيه بعد أن كان 500 جنيه قبل رمضان، كما زاد التجار أسعار الكركدى والليمون والعرديب والتبلدي والسكر.

في الوقت الذي ينتظر فيه التجار في البلاد الأخرى كالسعودية وقطر والكويت ومصر والبحرين شهر رمضان لوضع تخفيضات على أسعارهم قصد نيل الثواب والأجر من الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى